تونس و الاقتراض : شر لابد منه
تبحث الحكومة التونسية عن تمويلات جديدة من أجل تعبئة موارد الدولة ، و تحتاج تونس الى حوالي 20 مليار دينار منها 8.1 مليار دينار بالاقتراض الداخلي و 12.1 مليار دينار عن طريق الاقتراض خارجي ، في الوقت الذي بلغ فيه عجز الميزانية 9792 مليار دينار ، و فق ما ورد في قانون المالية التكميلي لسنة 2021 .
و تمكنت الدولة التونسية خلال هذه السنة من جمع 1,8 مليار دينار عن طريق الاكتتاب و هو رقم غير كاف بالنظر الى حاجيات الميزانية و الى عجز الميزانية و مؤشرات الدين العام . وشهد الدين العام ارتفاعا طفيفا خلال سنة 2021 و بلغ 112 مليار دينار في الوقت الذي قدر قدر ب 100 مليار دينار سنة 2020 ، و هكذا تصل حصة المواطن التونسي من إجمالي الدين إلى 9 ألاف و300 دينار .
و للتذكير بلغ الدين العام لتونس سنة 2010 25.639 مليار دينار، بنسبة 40.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ، وبلغ سنة 2011 ، 28.779 مليار دينار ، و شهد ارتفاعا سنة 2016 وحدد ب 55.921 م.د ، ثم ب 68.037 مليار دينار في سنة 2017 ، و من ثم صعد الى حدود 90 بالمائة سنة 2020 و حدد ب 93.04 مليار دينار ، و من المتوقع أن يبلغ الدين العام خلال السنة الحالية 2021 ، 109.23 مليار دينار من بينها 74.21 مليار دينار ديون خارجية .
هذه الصعوبات المالية دفعت تونس الى التفاوض مجددا مع شركائها من دول مجاورة و مؤسسات مالية عالمية ، مع العلم ان 15 بالمائة من الديون الخارجية هي ديون دولية من بينها فرنسا و السعودية ، أما باقي الديون فهي لمؤسسات تمويل على غرار البنك العالمي ، صندوق النقد الدولي والوكالة الفرنسية للتنمية .
و انطلقت الحكومة السابقة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في ماي الماضي 2021 من أجل الحصول على قرض بقيمة 4 مليار دولار ، لكن المفاوضات تعطلت بعد الاعلان عن الاجراءات الاستثنائية يوم 25 جويلية 2021 ، لهذا السبب و مع تركيز الحكومة الجديدة تسعى حكومة نجلاء بودن الى التفاوض مجددا مع الصندوق ، و تقدمت الحكومة الجديدة مؤخرا بطلب دعم جديد بحسب ما أكده المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، جيري رايس، في تصريح لوكالة رويترز أمس الخميس 18 نوفمبر 2021 .
وقال جيري رايس أن الصندوق بصدد إجراء المباحثات التقنية للنظر في امكانية إطلاق برنامج تمويل جديد لدعم تونس ، و لتحديد الأولويات الاقتصادية لتونس مؤكدا تمسك الصندوق بالشراكة مع تونس " كنا و سنظل شريكا قويا لتونس " .
و في الوقت الذي عبر صندوق النقد الدولي عن استعداده للنظر في طلب تونس و دعمها خلال الأزمة الاقتصادية ، يشترط الصندوق جملة من الإجراءات وهو ما ورد في اختتام مشاورات المادة الرابعة لعام 2021 مع تونس منذ شهر فيفري 2021 ، و من بين هذه الشروط دعا الصندوق الى : خفض العجز المالي ، خفض الأجور ، الحد من دعم الطاقة مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للمستحقين ، وهذا بالاضافة الى ضرورة تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق للمؤسسات العمومية .
وتعول الحكومة التونسية على دعم صندوق النقد الدولي لإخراجها من أزمتها الاقتصادية و رغم ان الاجراءات التي قد تتخذها الدولة ستكون موجعة الا انها ستكون ضرورية في الوقت الحالي ، لان الاصلاح الاقتصادي في تونس يتطلب جهودا و سنوات لإصلاح المنظومة المالية و الاقتصادية بصفة عامة ، و على الدولة اليوم العمل على إعداد البرامج والمشاريع الممولة بقروض خارجية مع وضع أهداف استراتيجية بخصوص التداين العمومي و هذا يتطلب خطة عمل واضحة المعالم .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires