alexametrics
الأولى

الوضع الاقتصادي وآفاقه .. مؤشرات تعكس تشاؤم التونسيين وعدم ثقتهم في المستقبل

مدّة القراءة : 3 دقيقة
الوضع الاقتصادي وآفاقه .. مؤشرات تعكس تشاؤم التونسيين وعدم ثقتهم في المستقبل

 لا يختلف اثنان على أن الوضعية الاقتصادية للبلاد منذ 2011 من سوء إلى أسوأ وهو الشعور الحاصل لدى كل التونسيين، بالنظر إلى الشكوك التي تحوم حول آفاق التنمية .. تلك هي خلاصة ما أفرزته الدراسة الأخيرة للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات وهي حول ثقة الأسر والمؤسسات الخاصة في الوضع الاقتصادي .. فالتضخم وارتفاع الأداءات والترفيع في نسبة الفائدة المديرية كلها عوامل أسهمت في غلاء المعيشة بشكل ملحوظ، سيما لدافعي الضرائب الزهراء، سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو المعنيين.

أصدر المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، مؤخرا، تقريره حول مؤشر ثقة الأسر والقطاع الخاص للثلاثي الرابع من سنة 2018 .. هذا المؤشر شهد تراجعا خلال الفترة المذكورة وهو يعكس تقديرا لتوقعات الوضع المالي للأسر وآفاق النمو الاقتصادي .. علما وأن تحسنا في هذا المؤشر بالنسبة إلى القطاع الخاص والأسرة التونسية كان من شأنه أن يساهم في تحفيز الاستثمار وتوقُّع الوضعية الاقتصادية ونسبة النمو.. غير أن الترفيع الأخير في نسبة الفائدة المديرية الذي أقره البنك المركزي التونسي بمائة نقطة أساسية وتأثير هذا القرار آليا على القروض البنكية، سيجعل النفاذ إلى تمويل الاستثمارات الضخمة أصعب من ذي قبل.

 

بخصوص مؤشرات الثقة فإن المؤشر الخاص بثقة الأسر في الوضع الاقتصادي شمل عينة تتكون من 200 مستهلك وذلك في دراسة أجريت خلال الفترة من 4 إلى 24 جانفي 2019 وهو سبر للآراء ركز على المشاغل الكبرى للمستهلكين في تونس. 

أما مؤشر ثقة القطاع الخاص في الوضع الاقتصادي فقد شمل عينة من 300 مؤسسة وجهت إليها أربعة أسئلة على الخط (سؤال لكل قطاع .. الخدمات، الصناعات المعملية، البناء، التجارة) وذلك خلال الفترة ذاتها .. وهو عمل يسمح بمعرفة نظرة المهنيين لحاضر ومستقبل مناخ الأعمال في مختلف تلك القطاعات. كما أتاح التحقيق فرصة الوقوف على مدى إدراكهم وتوقعاتهم بخصوص الوضعية المالية للأسر والوضع الاقتصادي العام للبلاد. 

بالنسبة إلى القطاع الخاص، فإن المؤشر التأليفي يشير إلى انخفاض ب13,57 نقطة مقارنة بالثلاثي الثالث لسنة 2018 .. فقد تراجع رصيد ثقة قطاع البناء في الوضع الاقتصادي ب37,62 نقطة كما تراجعت ثقة قطاع الخدمات ب2,85 نقطة .. في المقابل تطور المؤشر الخاص بثقة الصناعات المعملية ب4,97 نقطة دائما مقارنة بالثلاثي الثالث من السنة الماضية، في حين لم يسجل مؤشر ثقة القطاع التجاري أي تغيير يذكر.

 رؤساء المؤسسات المستجوبين أرجعوا تقهقر مؤشر الثقة في الوضع الاقتصادي لدى قطاعي الخدمات والبناء، للسياسات الاقتصادية الحكومية وتراجع الصادرات وتشعب آليات النفاذ للتمويل وتطور المنافسة في السوق وكذلك صعوبات التزود وانخفاض الطلب باعتباره مرتبطا بتدهور القدرة الشرائية للمستهلك.

 

 

 وفي ما يتعلق بالآفاق المستقبلية فإن رؤساء المؤسسات متشائمون إزاء الوضع العام سواء كان الاقتصادي أو المالي والذي يعد أبرز أسباب انكماش الاستثمار. 

على صعيد ثان فإن مؤشر ثقة المستهلكين التونسيين في الوضع الاقتصادي للبلاد تراجع هو أيضا إذ انخفض بما يناهز 3 نقاط مقارنة بالثلاثي الثالث من سنة 2018.

فقد رأت شريحة من المجتمع التونسي عدم المغامرة بالأرقام على اقتناءات وشراءات كبرى وذات انعكاس مالي كبير خلال الثلاثي الرابع من العام الماضي وهذا ينعكس في عزوف الأسر التونسية عن اقتناء المساكن أو التجهيزات الالكترونية والمعلوماتية.

فقد اعتبر العائلات التونسية أن المشاكل المالية هي العائق الأكبر والأبرز أمام قرار الشراء، رغم أن 37 % من المستجوبين تفوق  مداخيلهم 1000 دينار شهريا.

من ناحية أخرى اعتبرت الأسر المستجوبة أن الوضع الاقتصادي العام في البلاد قد تحسَّن في الثلاثي الأخير لسنة 2018 مقارنة بسابقه، رغم شيء من الحذر إذ أن ثقة العائلات تراجعت نسبيا وهو ما سيؤثر سلبا في طلباتهم الاستهلاكية وبالتالي سيخفض من نسق تطور الناتج الداخلي الخام.

ما استخلصه المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في تقريره هو أن تحسين الوضع المالي للأسرة التونسية، عبر تعزيز قدرتها الشرائية، سيكون له آثاره الإيجابية على التنمية .. إلا أن البنك المركزي التونسي ارتأى غير ذلك بتوليه مؤخرا الترفيع في نسبة الفائدة المديرية، تحسبا لارتفاع متوقع آخر في التضخم وهو عامل سيؤثر بلا شك على السلوك الاستهلاكي للعائلة التونسية وبالتالي على الطلب ومن ورائه طبعا الشركات.

الأكيد أن تونس دخلت منذ الثورة في حلقة مفرغة .. فالسياسيون حاولوا انعاش الاقتصاد بالتشجيع على الاستهلاك، لكن ذلك كان له عواقب وخيمة على الادخار وعلى العمل كقيمة .. فمنذ 2011 فقدت الإنتاجية والقدرة التنافسية معانيها .. كما أن الزيادات في الأجور لم تعد مرتبطة بالإنتاج بما انعكس على حجم التضخم. لذلك فإننا لا نرى حلا لتدهور الوضع الاقتصادي الراهن سوى إعادة الاعتبار لقيمة العمل ومكانته .. فالغاية القصوى هي استرجاع ثقة التونسيين والمؤسسات في البلاد وفي مستقبلها.

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter