القضاء يؤكد نظافة يد الفاضل عبد الكافي في قضية قذرة
قضت محكمة التعقيب اليوم الثلاثاء بنقض الحكم الإستئنافي الصادر في حق وزير المالية الأسبق محمد الفاضل عبد الكافي على خلفية إدانته من أجل تهمة مخالفة ترتيب الصرف والتجارة الخارجية وهي قضية شغلت في بدايتها الصحف ووسائل الإعلام وألقت بظلالها على الساحة السياسية وكلفت الرجل منصبه الوزاري فضلا عن تشويه إسمه وسمعته.
فقد قررت محكمة التعقيب نقض الحكم الذي كانت أصدرته الدائرة الجناحية بمحكمة الإستئناف بتونس لتتم بذلك تبرئة عبد الكافي من كل التهم الموجهة له وبالتالي ربحت الشركة التونسية للأوراق المالية قضيتها.
اندلعت حيثيات القضية في شهر أوت 2017 وقد اعتبرها البعض حينها فضيخة سياسية من المقام الأول، باعتبار أن وزير المالية آنذاك كان عضوا في حكومة وضعت مكافحة الفساد في صدارة أولوياتها وإذا به متهم في قضية تهريب للعملة الصعبة .. ساعتها انتشرت الإشاعات على الشبكة الفايسبوكية مثل النار في الهشيم وعمل كثيرون بكل السبل على الإطاحة بالوزير ومع رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، آملين في أن يصيبوا عصفورين بحجر واحد.
ارتفعت الأصوات من هنا وهناك توجه أصابع الإتهام نحو الفاضل عبد الكافي بشبهة تهريب ما قيمته 250 ألف دينار من العملة الصعبة، عبر مطار تونس قرطاج .. وبطبيعة الحال استغل خصومه ومعارضوه الفرصة ليكيلوا له الشتائم ويشنوا ضده حملات التشويه، ليتكاثر بعد ذلك عدد المطالبين بإقالته .. لكن رغم محاولاته في بداية الأمر الدفاع عن نفسه، بصراحته المعهود، قرر الوزير رمي المنديل وتقديم استقالته.
بمرور الوقت اتسعت رقعة الإشاعات لتأخذ بعد ذلك صدى واسعا جعل البعض يصدقها ويتعامل معها على أنها حقائق .. بالنسبة إلى المواطن البسيط فإن الفاضل عبد الكافي هو سياسي فاسد .. لكن ماهي حقيقة الأمر؟
تعود بداية الأحداث إلى سنة 2007 حين تحصلت الشركة التونسية للأوراق المالية التي كان عبدالكافي مديرها العام، على ترخيص من السلطات المغربية بالإنتصاب في المملكة كوسيط في بورصة الدار البيضاء .. بالتوازي حصلت الشركة على ترخيص من البنك المركزي التونسي لتحويل مبلغ قدره 950 ألف دينار للمساهمة في رأسمال فرع الشركة "انتيغرا بورس" التي انطلقت في النشاط الفعلي في 2007 إلا أن الأزمة الإقتصادية التي شهدها العالم بعد سنة من ذلك عصفت بطموحات هذه الشركة الفتية لتسجل خسائر غير متوقعة، مما حدا بالشركة التونسية للأوراق المالية بالإنسحاب من المغرب .. إثر القيام بالإجراءات والتراتيب المعمول بها عند عملية الإنسحاب، تم الترفيع في مناسبتين في رأسمال فرع المغرب وذلك بموافقة البنك المركزي التونسي بالإضافة إلى زيادة عينية تتمثل في إدماج منظومة الإستغلال "فالوريكس" في رأسمال الشركة بما قدره 250 ألف دينار. وفي 2013 قدمت تلك الشركة كل الوثائق التي طلبتها الديوانة التونسية في علاقة بتحويل ذلك المبلغ وهو إجراء روتيني دأب البنك المركزي على انتهاجه .. ومنذ ذلك التاريخ لم يفتح هذا الملف من جديد سواء في علاقة بالفاضل عبد الكافي أو الشركة التونسية للأوراق المالية .. في الأثناء التحق عبد الكافي بالفريق الحكومي برئاسة الشاهد وفي تلك الفترة بالذات اختار البعض إثارة هذه القضية في شهر أوت 2017 ولعلها مجرد صدفة ... في مرحلة أولى صدر حكم إبتدائي غيابي استأنفته الشركة التونسية للأوراق المالية إلا أن المسار القانوني تواصل، في حين أن الملف الإداري بين الشركة من جهة والبنك المركزي التونسي والديوانية من جهة ذاته قد تم إغلاقه. لذلك تم توجيه التهمة غيابيا في حق الفاضل عبد الكافي بصفة الممثل القانوني للشركة التونسية للأوراق المالية.
وبطبيعة الحال تم تسريب وثائق من هذه القضية للتشهير بوزير المالية آنذاك وهي فرصة لم يفرط فيها أعداؤه لإيهام الرأي العام بأن الرجل متورط في تهريب العملة الصعبة والحال أنه قام بتحويل 250 ألف دينار من الشركة الأم إلى فرعها في المغرب .. لكن لا وجود لحكاية الحقيبة المعبأة بالأوراق المالية من العملة الصعبة والتي قيل إنها مرت عبر مطار تونس قرطاج.
أي كل ما في الأمر أن القضية كان يفترض أن تغلق في 2013 لكن طول الإجراءات تسبب في كون القضاء تعهد بها في 2014 وأصدر حكمه غيابيا بالسجن مع غرامة ثقيلة وطوال ذلك الوقت لم ينفذ الحكم كما أنه لم تتم دعوة الفاضل عبد الكافي للمثول أمام القضاء أو حتى إبلاغه بنص الحكم رغم أنه كان شخصية عمومية.. ثم فجأة تعود القضية لتطفو من جديد في 2017 لكن هذه المرة عن طريق مواقع التواص الإجتماعي.
خلاصة القول أن الفاضل عبد الكافي رغم ما عرف عنه من كفاءة عالية واستقامة ونظافة يد، فإنه يجد نفسه ضحية خصوم سياسيين حاولوا بشتى السبل تشويهه والتشويش على الحكومة وقد كان لهم ما أرادوا من خلال تقديم الوزير لاستقالته بعد حملات الثلب المسعورة .. اليوم برأته العدالة من كل التهم الموجهة ضده ليُكشف وجه الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة وتُكشف معها خفايا ممارسات "سياسوية" بحتة.
(ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية)
تعليقك
Commentaires