alexametrics
الأولى

الكامور : عود على بدء

مدّة القراءة : 4 دقيقة
الكامور : عود على بدء

 

تُعد ولاية تطاوين من أفقر الولايات التونسية التي تعاني من الفقر والتهميش وارتفاع نسبة البطالة فيها، فبحسب المعهد الوطني للإحصاء تتجاوز نسبة البطالة الجهة  32 بالمائة، وذلك  بالرغم من امتلاكها لموارد طبيعية كبيرة إذ تساهم الولاية بـ40 بالمائة من إنتاج تونس من النفط، وبـ 20  بالمائة من إنتاج الغاز. هذا ما يفسر تعدد الاحتجاجات والاعتصامات بالولاية والمطالبة بالتنمية  والتشغيل أهمها احتجاجات الكامور التي انطلقت سنة 2017.

انطلقت الاحتجاجات في مارس سنة 2017، و خرج عددا من أهالي تطاوين للاحتجاج أمام مقر الولاية  للمطالبة بحقهم في التنمية والتشغيل ، و بعد مرور شهر من الاحتجاجات وسط المدينة وفي شهر أفريل 2017 انتقلت الاحتجاجات إلى منطقة الكامور تحديدا أين تم نصب أول خيمة لتنطلق اعتصامات الكامور.

 

 

لكن الحكومة التونسية لم تعر الاحتجاجات اهتماما حينها لتتصاعد وتيرة الاحتجاج وتصل إلى حد غلق " الفانا" أي محطة الوقود بالمنطقة وفي يوم 22 ماي 2017 توفي احد المحتجين بعد أن صدمته سيارة تابعة للحرس الوطني عن طريق الخطأ وهذا الحدث أجج الأوضاع بالكامور و أجبر حكومة يوسف الشاهد على التفاوض مع المحتجين، ليتم يوم 17 جوان 2017 امضاء اول اتفاق بين حكومة يوسف الشاهد والمعتصمين بمنطقة الكامور بوساطة من الاتحاد العام التونسي للشغل.

 و نص الاتفاق على عدة بنود أهمها : انتداب 1500 عامل في شركة البيئة والغراسة والبستنة سنة 2017، و 1000 عامل سنة 2018 و 500 عامل سنة 2019 ، منح مبلغ 80 مليون دينار لصندوق التنمية والاستثمار سنويا، انتداب 1500 فردا بالشركات البترولية والإفراج عن المحتجين .

إلاّ أنه وبعد مرور حوالي سنة على إمضاء الاتفاق لم تستجب الحكومة لمطالب المحتجين لتنطلق من جديد الاحتجاجات في مارس 2018 و تعود خيام المحتجين بالكامور، وبتواصل الاحتجاجات تدخلت القوات الأمنية بالقوة لفض الاعتصامات التي تم تنفيذها امام مقر ولاية تطاوين.

في ديسمبر 2019، نفذ عددا من المحتجين إضراب جوع تنديدا بما وصفوه بسياسة المماطلة واللامبالاة التي تعتمدها فيما يتعلق بمطالب أهالي تطاوين و عدم الإيفاء بالوعود الحكومية التي تم الاتفاق عليها في جوان 2017، و يوم 30 ديسمبر 2019 تلقى طارق الحداد الناطق الرسمي باسم اعتصام الكامور رسالة من المكلف بتسيير الديوان الرئاسي طارق بالطيب  أكد فيها اهتمام ومتابعة رئيس الجمهورية لإتفاق الكامور  و جاء في الرسالة:" تبعا لمكتوبكم المؤرخ في 24 ديسمبر 2019 و المتعلق باتفاق الكامور المبرم مع الحكومة، يشرفني اعلامكم ان هذا الموضوع هو في دائرة اهتمام سيادة رئيس الجمهورية و يحظى بمتابعة خاصة من لدنه ".

و يوم الأربعاء 15 جانفي 2020، استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد بقصر قرطاج ممثلين عن معتصمي الكامور بتطاوين و قال رئيس الجمهورية حينها :" قضية الكامور هي قضية شعب كامل لا جهة فقط "، ودعا في ذات السياق إلى ضرورة إيجاد حل لمشكل الكامور من خلال :" بلورة جملة من المشاريع النابعة من إرادة المواطنين أنفسهم بعيدا عن أي توظيف، وعن الفكر السياسي القديم الذي يكرّس المركزية " ، و خلال هذا اللقاء تم الاتفاق على رفع اعتصام الكامور واقترح رئيس الجمهورية على المعتصمين تقديم مقترحات جديدة للنهوض بالمنطقة ولخلق مواطن شغل.

 

في جوان 2020 عادت الاعتصامات و الاحتجاجات في تطاوين، و يوم 6 جوان عقدت تنسيقية الكامور اجتماعا أعلنت فيه جملة من القرارات أهمها غلق جميع منافذ تطاوين واعلان يوم الخميس 11 جوان يوم الغضب ، وتم اثرها نصب 18 خيمة اعتصام.

 يوم 21 جوان، تدخلت القوات الأمنية بقوة لفض الاحتجاجات وداهمت خيم المعتصمين لإزالتها وعمد المعتصمون حينها الى حرق اطارات عجلات  وغلق الطرقات .

في جويلية 2020، قررت تنسيقية اعتصام الكامور التصعيد والدخول في اضراب عام لتقوم  مرة أخرى اغلاق محطة الوقود بالكامور.

في هذا السياق حاولت الحكومة التونسية إيجاد حلول عملية لقضية الكامور ووعدت بتشغيل 500 شخص في شركات البستنة والبيئة و لم يتم التوصل الى اتفاق حقيقي الا في نوفمبر 2020 حيث أعلنت رئاسة الحكومة على توصلها الى اتفاق مع المعتصمين و تعهدت بتنفيذ بنود اتفاق جوان 2017 بالإضافة الى تعهدها بالتزامات جديدة واكد هشام المشيشي :" التوصّل إلى حلّ نهائي لإشكالية الكامور بولاية تطاوين ".

 ونص الاتفاق على قرارات تنموية جهوية خارج اتفاق الكامور 15 جوان 2017  كرصد 18  مليار ضمن برنامج المسؤولية المجتمعية لشركات البترولية، تخصيص 100 قرض لتمويل المشاريع بقيمة 2 فاصل 2  مليار دينار، رصد مليار و 200 مليون للجمعيات التنموية، تخصيص 2 فاصل 6  مليار لبلديات الجهة ، وتخصيص مليار و 200 مليون لجمعية اتحاد تطاوين .

 

إلاّ أنّه وعلى الرغم من مرور شهرين على امضاء الاتفاق عادت التهديدات نظرا لعدم تنفيذ بنود الاتفاق وهدد طارق الحداد في فيديو بثه يوم الجمعة 9 جانفي 2021 بإعادة غلق الفانة اذا لم يتم تطبيق الوعود الحكومية ، وأمهل الحداد الحكومة الى حدود يوم 20 جانفي 2021 :" في صورة أخّل أحد الطرفين ببنود الاتفاق سنعود الى نقطة الصفر وستعود خيام الاعتصامات " .

عاشت ولاية تطاوين خلال سنة 2020، على وقع الاحتجاجات الاجتماعية وبحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تم رصد 661 احتجاجا بالولاية من شهر جانفي الى غاية شهر نوفمبر 2020 ولايزال أهالي تطاوين الى اليوم يطالبون بالتنمية والتشغيل و لا تزال الحكومة الى اليوم أيضا تُقدم وعودا وهمية دون تنفيذ، و كان من الأجدر منذ البداية تقديم حلول فعلية يمكن تطبيقها في الواقع بعيدا عن الوعود الوهمية التي تأجج الأوضاع و تزيد من احتقان المواطنين.

رباب علوي 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter