القانون الانتخابي بثغراته تضليل للرأي العام
مسافة قصيرة تفصلنا عن الوصول إلى يوم الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها لسنة 2019، انطلقت اليوم الاثنين 02 سبتمبر الحملة الانتخابية للمترشحين والتي ستتواصل إلى غاية يوم 13 سبتمبر ويتنافس فيها 26 مترشحا إلى 15 من الشهر الجاري تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها.
في 21 أوت أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قرار مشترك مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري يتعلق بضبط القواعد الخاصة بتغطية الحملة الانتخابية الرئاسية بوسائل الاعلام والاتصال السمعي والبصري واجراءاتها.
يضبط هذا القرار قواعد تغطية الحملة الانتخابية الرئاسية والحملة الانتخابية التشريعية في وسائل الإعلام والاتصال السمعي والبصري وإجراءاتها، وذلك بالنسبة لكل برامجها سواء الإخبارية منها أو الحوارية أو المناظرات السياسية أو حصص التعبير المباشر أو غيرها، كما يضبط شروط إنتاج البرامج والتقارير والفقرات المتعلّقة بالحملات الانتخابية.
وتنطبق أحكام هذا القرار على وسائل الإعلام والاتصال السمعي والبصري الوطنيّة العمومية والخاصة والجمعياتية وعلى المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي الرسمية التابعة لها، وتنطبق أيضاً على مكاتب ومراسلي القنوات الأجنبية وعلى الوكالات وشركات الإنتاج المتعاقدة معها داخل الجمهورية التونسيّة.
الفترة الانتخابية
هي المدة التي تضم مرحلة ما قبل الحملة الانتخابية والحملة الانتخابية وفترة الصمت الانتخابي وبالنسبة للانتخابات الرئاسية تمتد حتى الإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى.
الحملة الانتخابية
تفتتح الحملة قبل يوم الاقتراع باثنين وعشرين يوما وتنتهي أربع وعشرين ساعة قبل يوم الاقتراع.
وهي مجموع الأنشطة التي يقوم بها المترشحون أو القائمات المترشحة أو مساندوهم أو الأحزاب خلال الفترة المحددة قانونا للتعريف بالبرنامج الانتخابي باعتماد مختلف وسائل الدعاية والأساليب المتاحة قانونا قصد حث الناخبين على التصويت لفائدتهم يوم الاقتراع.
فترة الصمت
هي المدة التي تضم يوم الصمت الانتخابي ويوم الاقتراع إلى حد غلق آخر مكتب اقتراع بالدائرة الانتخابية.
المناظرة
هي لقاء منظم في وسائل الاتصال السمعي والبصري يتم على أساس قواعد مضبوطة مسبقا يتم في اطاره إدارة نقاش مباشر بين المترشحين للرئاسة بهدف إنارة الناخب واطلاعه على أفكارهم وبرامجهم.
الاشهار السياسي
هو كل عملية إشهار أو دعاية بمقابل مادي أو مجانا تعتمد أساليب وتقنيات التسويق التجاري موجهة للعموم وتهدف إلى الترويج لشخص أو لموقف أو لبرنامج أو لحزب سياسي بغرض استمالة الناخبين أو التأثير في سلوكهم واختياراتهم عبر وسائل الاعلام السمعية أو البصرية أو المكتوبة أو الالكترونية أو عبر وسائط اشهارية ثابتة أو متنقلة مركزة بالأماكن أو الوسائل العمومية أو الخاصة.
سبر الآراء
هو تحقيق إحصائي يهدف إلى عرض مؤشرات كمية في فترة زمنية محددة تتعلق بآراء أو نوايا أو سلوك المواطنين.
تعتبر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن عمليات سبر الآراء تمس بمبدأ المساواة بين المترشحين للانتخابات الرئاسية ولا تخضع لرقابة شفافة باعتبار عدم وجود قانون ينظم عمليات سبر الآراء ويضمن نزاهة العملية الانتخابية ويقرّ مبدأ المساواة بين جميع المتنافسين.
منذ 16 جويلية 2019، منعت هيئة الانتخابات نشر عمليات سبر الآراء حتى لا تقوم الشركات المخصصة لذلك برصد توجهات الناخبين ونوايا التصويت مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.
الفصل 70و172 من القانون الانتخابي في تونس يمنع بثّ ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والاستفتاء والدراسات والتعاليق الصحفية المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الاعلام خلال الحملة الانتخابية أو حملة الاستفتاء وفترة الصمت الانتخابي إلى حين صدور قانون ينظم عملية سبر الآراء.
قواعد التغطية الإعلامية أثناء الحملة الانتخابية
الفصل 17 والفصل 18، تلتزم وسائل الاعلام بعدم الإعلان عن نتائج سبر آراء الناخبين عند خروجهم من مكاتب الاقتراع قبل اغلاق آخر مكتب اقتراع بالدائرة الانتخابية.
وعند الإعلان عن نتائج سبر الآراء يتعين على وسائل الاعلام الإشارة إلى أن النتائج لا تعكس النتائج النهائية للتصويت مع الإعلان عن اسم الهيكل الذب أعدّ عملية سبر الآراء والمنهجية المعتمدة وتفاصيل العينة ونسبة الخطأ والجهة لأو الشخص أو الحزب الذي انجز السبر بطلب منه.
ويحجر على وسائل الإعلام الإعلان عن النتائج الأولية أو النهائية للانتخابات قبل الإعلان عنها بصفة رسمية من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
تتجه المخاوف عموما في هذه الفترة المفصلية الى خشية التأثير على الرأي العام وتوجيهه نحو مسارات معينة الى زيادة حظوظ شخصيات يتعاطف معهم التونسيون بعد حدث معين كاعتداء أو مظلمة- فتأتي النتائج ترجمة لذلك. مرد النتائج لا يكون مشروعا سياسيا بل اختيار توقيت قد لا يكون بريئا واستغلال عاطفية التونسيين وربما-ذاكرتهم القصيرة وتخلو بذلك من المنطقية، أو الشرعية. ان الناخب الذي لا يعلم لمن يصوت هو جمهور هذه الاستطلاعات المحبذ، لأنه قد يتوجه بكل بساطة للأسماء التي يراها في المراتب الأولى بدل المراهنة على أسماء غير معروفة يتوقع لها الخسارة فبل انطلاق الاقتراع. الوجوه/الأحزاب التي يوضع لها وصم النجاح من قبل هذه المؤسسات تنطبع في أذهان التونسيين وبذلك ترسم اختياراتهم بطريقة غير مباشرة.
تسري كذلك كافة المبادئ المنظمة للحملة على المواقع والوسائط الإلكترونية، بما فيها صفحات وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والمدوّنات وتطبيقات الهاتف الذكي، لكن الفصل 172 لا يمنع القيام بعمليات سبر الآراء بل يمنع فقط "نشر وبث نتائج سبر الآراء والدراسات والتعاليق الصحفية المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الاعلام" وهو ما دفع بعض الشركات إلى اجراء عمليات سبر آراء بهدف نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وفد أكّد العديد من المواطنين أنهم تلقوا اتصالات من بعض الشركات التي طلبت منهم الادلاء باسم المترشح الذي سيصوتون لصالحه.
عدم وضوح القانون الانتخابي بالشكل الكافي فتح المجال أمام روّاد مواقع التواصل الاجتماعي للقيام بالاشهار وبعمليات سبر الآراء، الأمر الذي دفع بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى توجيه تنابيه للصفحات الممولة على الفايسبوك ضمانا لشفافية العملية الانتخابية وأكدت أنها تعمل على توفير ظروف متساوية لكل المترشحين وترفض عمليات السب والتشويه التي تعتمدها عدة صفحات ممولة.
بالرغم من منع وسائل الاعلام من بث ونشر نتائج عمليات سبر الآراء وتوجيه تنابيه خاصة بالصفحات الممولة على الفايسبوك فإن القانون الانتخابي يبقى غامض وفي حاجة إلى مزيد الصرامة خاصة وأن بعض الشركات انتقلت من الاشهار إلى السياسة وتعمل دون اشراف رقابي.
مروى يوسف
.
تعليقك
Commentaires