شوقي قدّاس يُثير جدلا واسعا حول "استقلاليته"

بمجرد الإعلان عن تعيين شوقي قداس، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، لرئاسة اللجنة المكلفة بالإعداد لمؤتمر حركة "تحيا تونس"، خلال ندوة صحفية عُقدت أمس الخميس، أثار هذا القرار جدلا واسعا حول مدى استقلالية قداس الذي أوضح موقفه من المسألة لكن يبدو أن تصريحه لم يُقنع الكثيرين.

فقد قال قداس في تصريح لإذاعة "موزاييك آف آم"، أمس الخميس، على إثر إعلان المنسق العام للحركة، سليم العزابي عن اختياره لتلك الخطة: "أنا مستقل ولن أكون في حركة تحيا تونس ولا أي حزب سياسي آخر".

وكان العزابي أعلن خلال الندوة الصحفية عن اختيار شخصيتين وطنيتين مستقلتين للإنضمام للفريق الذي سيكلف بتنظيم المؤتمر التأسيسي للحزب وهما  شوقي قداس رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية، رئيسا للجنة المكلفة بالإعداد للمؤتمر ونجلاء ابراهم، العضو السابق في الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات والتي اختيرت للإشراف على اللجنة الإستشارية للخبراء.

وتتمثل مهمة قداس في تأمين الجانب اللوجستي والتنظيمي للحزب، لإضفاء المصداقية اللازمة على عمل الحركة، مصداقية سيؤمنها "بفضل استقلاليته"  والعبارة لشوقي قداس الذي أكد أنه لن يلتحق بحركة تحيا تونس وأن مهمته تقتصر على الإعداد للمؤتمر، قائلا في هذا السياق "أنا مستقبل وسأظل كذلك".

كما أضاف أن المهمة التي اقترحت عليه ستتيح له الفرصة للسهر على حماية المعطيات الشخصية للمؤتمرين، موضحا أنه على استعداد لتلبية طلب أي حزب سياسي يقترح عليه الاضطلاع بمثل هذه المهمة، أي الإعداد لمؤتمر دون الانتماء للطرف المنظِّم. ولاحظ أن المهمة المقترحة لا تتعارض البتة مع خطته كرئيس لهيئة حماية المعطيات الشخصية.

لكن يبدو أن الأمور ليست بهذه البساطة، فما أن تم الإعلان عن ترشيح شوقي قداس لهذه المهمة، حتى تعالت بعض الأصوات للاحتجاج على قرار التعيين .. فقد أصدر الحزب الجمهوري، صباح الجمعة، بيانا، دعا فيه قداس إلى الاستقالة من رئاسة الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، معتبرا أن مجرد قبول المهمة في مؤتمر حركة "تحيا تونس"، يمس من استقلالية الهيئة وحيادها . لذلك دعاه الجمهوري إلى الاستقالة مع تعيين شخصية مستقلة على رأس الهيئة وحمايتها من كل تأثير حزبي على عملها.

ولئن نفى شوقي قداس أي تداخل أو تعارض بين المهتمين، بالتأكيد على استعداده لقبول هذه المهمة إذا اقترحها عليه أي حزب آخر، فإن تصريحاته هذه لم تقنع العديد من الأطراف. من ذلك أن رابطة الهيئات العمومية المستقلة أعلنت عن تعليق عضوية الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، احتجاجا على تكليف قداس بخطة رئيس لجنة الإعداد لمؤتمر تحيا تونس .. فقد اعتبر أعضاء الرابطة المجتمعون اليوم الجمعة أن المهمة الجديدة لشوقي قداس تتعارض مع مبدأ الحياد والاستقلالية.

من جهته أشار سليم العزابي في تصريح عبر موجات إذاعة "اكسبريس اف ام"، صباح الجمعة، إلى وجود العديد من "المغالطات" بخصوص ترشيح شوقي قداس لتولي مهمة الإعداد للمؤتمر قائلا "نحن في سنة انتخابية وهناك الكثير من الأخبار الكاذبة .. فهل يُعقل أن يكون قداس له قاعدة بيانات تضم كل المعلومات والمعطيات الخاصة بجميع التونسيين ؟!". قبل أن يضيف أن الأمور ستجري في أحسن الظروف وأنه يجب التوقف عن الاعتقاد بأن كل شخص يمارس السياسة فهو بالضرورة مشبوه، داعيا إلى إعادة الثقة لدى الناس وعدم شيطنة الأحزاب السياسية.

حركة "تحيا تونس" أكدت بدورها أنها كلفت شخصية مستقلة، نظرا لكفاءاته اللوجستية والتقنية، بهدف تنظيم مؤتمر لم يسبق أن عُقد مثله من قبل .. رغم أن مسألة تكليف شخصية مستقلة ترأس هيئة وطنية، بمهمة حزبية، لا غرابة في أنها تثير القلق والشك لدى البعض، حتى أن ملاحظين للساحة السياسية تساءلوا عما إذا كان مثل هذا التعيين مقبولا لو أن شخصيات أخرى على رأس هيئات وطنية، كانت معنية بمثل هذه الخطط الحزبية؟ .. هل كان البعض سينزعج لو أن سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، تشرف على تنظيم المؤتمر الإنتخابي لحركة النهضة مثلا ؟ .. المسألة خطيرة وتستحق التفكير بعمق...

(ترجمة للنص الأصلي بالفرنسية)