الهيئة العليا المستقلة للانتخابات .. وأخيرا عودة الروح
من هو نبيل بفون الرئيس الجديد لهيئة الإنتخابات
نبيل بفون رئيسا للهيئة العليا المستقلة للإنتخابات
انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات
أخيرا وبعد أشهر من الجمود تمكن مجلس نواب الشعب من انتخاب رئيس جديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وثلاثة من أعضائها خلال الجلسة العامة الانتخابية التي عقدت اليوم الأربعاء تحت قبة البرلمان .. انتخاب تأخر كثيرا مما فاقم من الازمة التي كانت تتخبط فيها الهيئة منذ استقالة رئيسها محمد تليلي المنصري .. ومع ذلك فإن سد الشغور في عضوية الهيئة الانتخابية وانتخاب رئيس لها سيكون له افضل الأثر على سير الانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع تنظيمها موفى العام الجاري بما سيعزز مسار الانتقال الديمقراطي للبلاد. فازمة هيئة الانتخابات تواصلت على مدى شهور وزاد من حدتها انسحاب المنصري من رئاستها في جويلية 2018 بالإضافة إلى الشغور المسجل صلب مجلسها مما حولها إلى مجرد هيئة لتصريف الأعمال.
وكان الجدل حول رئيسها المستقيل انطلق مباشرة بعد إجراء الانتخابات البلدية في ماي 2018 .. حينها وجهت الاتهامات للمنصري بعدم الكفاءة، اتهامات اطلق شرارتها الأولى الرئيس السابق بالنيابة، أنور بن حسن الذي كشف عن العديد من المشاكل صلب الهيئة الانتخابية في علاقة أساسا بالجانب الاتصالي أو بأن قرارات مجلس الهيئة لم تكن تحترم أو تطبق بسبب تعنت محمد تليلي المنصري و"تمسكه باتخاذ القرارات بشكل انفرادي واحاديث الجانب". اتهامات نفاها المنصري الذي عبر عن استغرابه تصريحات بن حسن سيما وان حسن سير الانتخابات البلدية كان دليلا قاطعا على نجاح الهيئة.
ورغم ذلك تم استبعاد المنصري من طرف تسعة من أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والذين قرروا تفعيل الفصل 15 من القانون الأساسي المتعلق بالهيئة بالتصويت بالإجماع لفائدة قرار إقالته .. هذا الفصل الذي ينص على اعفاء الرئيس من مهامه في صورة إتيانه خطا فادحا عند أدائه المسؤوليات الموكولة له بموجب هذا القانون.. كما ينص الفصل على ان طلب الاعفاء يجب ان يتقدم به على الأقل نصف أعضاء مجلس الهيئة قبل ان يتم احتلته الى مجلس النواب الذي يعقد جلسة عامة للمصادقة على ذلك بالاغلبية المطلقة من أعضائه.
غير ان تلك الجلسة لم تعقد ابدا باعتبار ان المنصري قدم استقالته من منصب الرئيس، متفاديا بذلك المثول امام النواب الذين كان عليهم الحسم بين بقائه أو رحيله.. لكنه حافظ على عضويته في مجلس الهيئة الى غاية تولي البرلمان سد الشغور الحاصل وهو ما لم يسمح بتفادي تعليق أعمال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وبانتخاب رئيس جديد لها فإن الهيئة مطالبة اليوم بالتحضير للمحطات الانتخابية المقبلة هذا في صورة ما تم احترام المواعيد المحددة لذلك مسبقا.. وقد كان نبيل بفنون منذ البداية المرشح الأبرز للفوز بمنصب الرئيس أي منذ التوافق على ذلك في 15 جويلية 2018 .. أي ان انتخابه اليوم لم يشكل مفاجأة لأحد خاصة وانه حل في الصدارة ب141 صوتا لفائدته مقابل 10 أصوات فقط للمترشح الثاني فاروق بوعسكر.
إلى جانب انتخاب رئيس للهيئة خلفا لمحمد تليلي المنصري الذي كان انتخب في نوفمبر 2017، خصصت الجلسة العامة لهذا اليوم لانتخاب ثلث أعضائها في الأصناف المعنية بالتجديد الثلثي.
ثلاثون ملفا للترشح نظرت فيها اللجنة الانتخابية صلب البرلمان في صنف مهندس مكلف بالأزمة والسلامة المعلوماتية (12 مرشحا) وصنف قاض إداري (مترشح وحيد) وصنف مختص في المالية العمومية (17 مرشحا). وحسب القانون فإن كل مترشح عليه الحصول على 145 صوتا على الأقل ليصبح عضوا في مجلس الهيئة في حين ان 109 تكفي لانتخاب الرئيس.
وقد اتفقت الكتل البرلمانية قبل انعقاد الجلسة العامة الانتخابية على الطريقة التي سيتم اعتمادها لانتخاب الأعضاء الجدد تكريسا لمبدأ التوافق الحاصل على الأسماء المرشحة وكذلك على إجراءات الاقتراع .. لذلك لم تتضمن ورقة التصويت أسماء النواب بل الكتل النيابية التي ينتمون اليها على ان يتم التصويت على الأعضاء الثلاثة الجدد في الورقة ذاتها.
وبعد فرز الأصوات من قبل اللجنة المختصة برئاسة عضو كتلة الائتلاف الوطني، وليد جلاد، توفق النواب الى انتخاب الأعضاء الثلاثة الذين شملتهم عملية سد الشغور وهم بلقاسم العياشي في صنف مهندس مكلف بالأنظمة والسلامة المعلوماتية بعد حصوله على 152 صوتا وهو عدد الأصوات ذاته الذي تحصل عليها سفيان العبيدي في صنف مختص في المالية العمومية الى جانب حسناء بن سليمان في صنف قاض إداري والتي تحصلت على 155 صوتا. وبذلك ينضم ثلاثتهم الى الأعضاء الموجودين سابقا في مجلس الهيئة الانتخابية والذي يتكون كذلك من قاض عدلي ومحام وعدل اشهاد أو عدل تنفيذ وأستاذ جامعي ومختص في الاتصال، فضلا عن ممثل للتونسيين بالخارج.
لا شك في ان انتخاب رئيس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات يحظى بالإجماع وتجديد ثلث أعضاء مجلسها يمثل اليوم خطوة أولى على درب عودة الروح لهذه الهيئة المدعوة والمطالبة بتنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية موفى 2019. ولئن شهدنا اليوم انفراجا كليا للازمة التي هزت أركان الهيئة منذ شهور، فالسؤال المطروح حاليا يتمثل في مدى توفر الوقت الكافي لها من أجل سد الثغرات الكامنة وإيجاد الحلول المناسبة لاحقا من اجل ضمان نجاح المواعيد الانتخابية المرتقبة؟.
(ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية)
تعليقك
Commentaires