alexametrics
الأولى

النفايات السامة بسيدي بوزيد: علاقة المحامي بمندوب الفلاحة ومعطيات أخرى

مدّة القراءة : 5 دقيقة
النفايات السامة بسيدي بوزيد: علاقة المحامي بمندوب الفلاحة ومعطيات أخرى

 

شهدت ولاية سيدي بوزيد خلال الأسابيع القليلة الماضية احتجاجات وتحركات شعبية احتجاجا على ردم النفايات السامة بالجهة، وكان أول من أطلق هذه الحملة هو أحد المحامين بالجهة وهو معز صالحي، الذي أكد أن المندوبية الفلاحية بسيدي بوزيد تغض بصرها عن نفايات نووية ومسمومة تحت الأرض منذ عقود من الزمن وهي ستنهي حياة المواطنين هناك بتلويثها الأرض والتراب والنبات والحيوان، واتهم المحامي المندوب الجهوي للفلاحة بالتورط في هذا الملف وإخفاءه عن السلط وهو المؤمن على حماية البيئة والطبيعة السقوية لسيدي بوزيد كأرض منتجة للخضر والنباتات، وبالتمعن في مختلف الوقائع والمعطيات تمكنت بيزنس نيوز من كشف بعض ملابسات هذه القضية وحقيقة علاقة المحامي بالمندوب الجهوي وملفات أخرى ذات صلة.

يتباهى المحامي المذكور بأنه أول من كشف ملف المواد الخطرة المدفونة في الأرض غير أن الوقائع تثبت عكس ذلك تماما وهو ما سنتبينّه من خلال المعطيات التي سنقدمها.

 

قضية النفايات - اتهامات مسؤولين بالتواطؤ والفساد...

اتهم المحامي معز صالحي المندوبية الجهوية للفلاحة بسيدي بوزيد بالتورط في ملف المواد الكيمياوية الخطرة المدفونة في الأرض واتهم المندوب بمحاولة طمس أثارها واخفائها.

وقد أثارت هذه الحملة احتجاجات واسعة بسيدي بوزيد ضدّ دفن المواد الكيماوية وللدفاع عن الحق في الحياة وأكد المحامي تعرضه للتهديدات على خلفية كشفه لهذا الملف وتضامنت معه عديد المنظمات على غرار فرع هيئة المحامين بباجة والكاف والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وجمعيات من المجتمع المدني.

وتمّ خلال الليلة الفاصلة بين 28 و 29 أوت 2019 إيقاف المندوب الجهوي للفلاحة بسيدي بوزيد ومجموعة من الأعوان المرافقة له وهو بصدد رفع أتربة عن مكان وجود المواد الخطرة، مما أثار الشكوك والغموض حول سبب وجوده بالمكان، وتم إيقافه مباشرة.

 وقام الفرع الجهوي للفلاحة بوقفة احتجاجية معتبرين أن ما حصل هو عملية سياسية بتدخل من والي الجهة الذي طالبوا بإقالته واتهموا الوزارة بعدم حماية إطاراتها والنآي بهم عن التجاذبات السياسية المحيطة بالملف وصرحوا أن وجود زميلهم بالمكان المعني كان لأسباب إدارية تتعلق بالملف وبعلم وزارة البيئة وفق تصريحهم.

 

علاقة المحامي بمندوب الفلاحة: خلاف قانوني وانتقام...

عادت بيزنس نيوز الى الملفات المحيطة بالقضية، وأطوار الاتهامات بين المحامي والمندوبية وبالخصوص المندوب الجهوي للفلاحة بسيدي بوزيد، فالخلاف لم يثر بهذه القضية، ومعطيات أخرى هي التي ستبيّن حقائق أخرى.

والد المحامي معز صالحي مكان موظفا بمندوبية الفلاحة بسيدي بوزيد وكان بموجب ذلك منتفعا بأحد العقارات التي هي ملك لوزارة الفلاحة وسكن فيها طيلة عقود وواصل السكن حتى بعد تقاعده، ولما تفطنت الوزارة أصدرت أمرا للمعني بالأمر وهو المحامي معز الصالحي ووالده لتسليم المنزل للوزارة، غير أن الأخير امتنع عن الامتثال للقانون وبدأت سلسلة الصراعات بينه وبين المندوب للفلاحة ودخلت في مسار التقاضي لدى المكلف العام بنزاعات الدولة وفق ما تبينه الوثائق المرفقة.

 

وقد تمّ إرسال محاضر تنفيذ ولم يقع تسليم المحل إلا بعد أسابيع من الأخذ والردّ بين الطرفين، وقام المحامي المذكور في نهاية الأمر بالخروج من المحل بعد إتلاف معداته وبإتلاف سطحه الذي بنى فوقه طابقا علويا.

وعلى إثر ذلك قام المندوب الجهوي للفلاحة بسيدي بوزيد برفع قضية لدى المكلف العام بنزاعات الدولة حول جبر ضرر حاصل لمسكن وظيفي وقع استغلاله لأكثر من 30 سنة دون وجه حق وبناء طابق علوي فوقه واستغلاله لسنوات وإتلاف وتهشيم أبوابه ونوافذه ومرافقه الصحية وذلك في أفريل 2019.

وتواصل مسار التتبعات والتقاضي الى أوت 2019 ، إلى حين خروج هذه القضية يقيادة المحامي المذكور، فهل هي من قبيل الصدفة؟، ان يتم إتهام المندوب الذي دخل في صراعات قانونية مع المحامي المذكور على خلفية استغلال مسكن دون وجه حق وامتناعه عن الامتثال للقانون.

أسئلة كثيرة تطرح نفسها، فكشف طبيعة العلاقة بين الطرفين مهم جدّا في هذه القضية، ومن المهم كذلك التساؤل حول وجود المندوب بمكان ردم المواد الخطرة، وهو الأمر الذي يبعث على الاستغراب خصوصا دون صدور توضيح جدّي من المعني بالأمر أو من الوزارة، غير تصريح الفرع الجهوي للفلاحة بأن وجوده كان بتوصيات إدارية.

  

وزارة الفلاحة: الملف مفتوح بين يدي وكالة التصرف في النفايات منذ مدّة

أكد أحد أعضاء  ديوان وزير الفلاحة في تصريح خاص لبيزنس نيوز أن ملف النفايات قديم وهو معلق منذ فترة نظرا للدخول في مسار الإجراءات مشيرا الى أن وزارة الفلاحة لا تستطيع التصرف لوحدها إلا بالرجوع إلى الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات التي تقرر استراتيجية نقل النفايات وتقديم قائمة المؤسسات المختصة في التصرف في النفايات والتي تختار الوزارة إحداها وتبرم معها عقدا قائلا '' كاتبنا الوزارة ثلاثة مرات بخصوص هذا الملف  ولا نستطيع التصرف دون الرجوع إلى الوكالة، المحامي كان يقطن في منزل يعود لوزارة الفلاحة ورفض الخروج منه وافتعل القضية اثر ذلك'' وتابع قائلا '' الوكالة تأخرت في ردّها بخصوص الملف منذ سنة 2018 وفي أخر اجتماع يوم 03 سبتمبر بين وزارة البيئة والفلاحة اتفقا على أن تمد كل ولاية وزارة البيئة بقائمات المواد الخطرة الموجودة على أراضيها''

واعتبر أن المسؤول الذي طبق عمله وجد نفسه في السجن'' وفق تصريحه.

من جهته أكّد وزير الشؤون المحلية والبيئة مختار الهمامي في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أنّه “تم استخراج كمية من المواد والأدوية الخطرة التي ردمت في مناطق بسيدي بوزيد من طرف لجان مختصة”، داعيا كل من يملك معلومات حول هذا الملف “إلى كشف الحقائق لاستخراج بقية المواد الخطيرة من المواقع المدفونة بها”.

وأشار الهمامي في تصريحه، إلى أن “ملف ردم نفايات كيميائية سامة في ولاية سيدي بوزيد، ملف قديم يعود إلى الثمانينات وأثير منذ سنتين قضائيا، مضيفا انه “تم إخراج جزء من النفايات وتسليمها إلى شركة مختصة في الخزن إلى حين إتلافها أو تصديرها، وفق الاتفاقيات الموجودة” وان “عملية استخراج هذه النفايات متواصلة”.

 

وبمختلف هذه المعطيات والمستندات والوثائق نتبيّن أن الحملة ضدّ المندوب الجهوي للفلاحة بسيدي بوزيد على علاقة بملف إخراج المحامي من منزله ولا يمكن أن تكون من قبيل الصدفة أو من قبيل الضغط على السلطات والدفاع عن الحق في الحياة، لأن الخلافات الحاصلة بين المحامي والمندوب الجهوي تحيل إلى الصبغة الانتقامية للمسألة، ورغم أن السلطات تحركت وأقامت النفايات، فالقضية لا يمكن أن تنتهي دون توضيح وتظل حقيقة وجود المندوب ليلة الواقعة بمكان وجود النفايات غامضة.

ومرة أخرى ملف النفايات يظل من الملفات الساخنة التي تعاني منها جهات عديدة على غرار مدينة قابس في قضية مصب الفسفوجيبس. كما يظل يسير وفق المساومة والمصالح . في انتظار استجابة وتعامل سريع وجدّي لرفع المظلمة البيئية عن الجهات والدفاع عن حقها في الحياة بعيدا عن التوظيف السياسي والألغاز وتضارب المصالح واستغلال النفوذ الشخصي لتصفية الحسابات.

سناء عدوني

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter