تكليف إلياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة: تباين في مواقف الأحزاب و خلاف داخل النهضة

تباينت مواقف الأحزاب و المنظمات بعد إعلان رئاسة الجمهورية، أمس الأول الاثنين 20 جانفي 2020، عن تكليف إلياس الفخفاخ بتشكيل حكومة حسب ما ينص عليه الدستور بعد فشل حركة النهضة في تمرير حكومة الحبيب الجملي.

حركة النهضة، لم تحترز حول إلياس الفخفاخ في موقفها الرسمي الذي عبر عنه الناطق الرسمي عماد الخميري حين قال في تصريح للوطنية الأولى أنّ الحركة لا احتراز لها على تعيّين رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد، لإلياس الفخفاخ لتشكيل الحكومة المقبلة، و أن الفخفاخ تربطه صداقات قديمة بالنهضة و سبق له أن تقلد وزارتي السياحة و المالية في حكومتي حمادي الجبالي و علي العريض مضيفا أن التصويت على الحكومة من عدمه سيحدده تقييم مجلس شورى النهضة للبرنامج الحكومي الذي سيقدمه رئيسها.

في نفس السياق، أكد القيادي عبد اللطيف المكي في تصريح لشمس اف ام اليوم الأربعاء 22 جانفي أن أبناء النهضة في العموم راضون عن تكليف إلياس الفخفاخ فهو صديق لحركة النهضة و مشبع بقيم الثورة لكن الرئيس قيس سعيد غير الاسم الذي كان سيعلن عن تكليفه برئاسة الحكومة في الساعات الأخيرة، ولم ينف أن الاسم الذي تم تغييره هو مقترح حركة النهضة المنجي مرزوق معتبرا أن الرئيس و ان استجاب للضغوط التي مورست عليه فقد بقي في المنطقة الايجابية و لم يختر اسما حوله شبهات و بقيا وفيا للخطوط العريضة التي تشترطها حركة النهضة.

حركة الشعب و في تصريح لأمينها العام زهير المغزاوي اعتبرت أن لها تحفظات حول اسم إلياس الفخفاخ لأنه من داخل منظومة الانتخابات و لم يفز فيها لكنها تحترم قرار رئيس الجمهورية  و ستعقد في الأيام المقبلة مجلسها الوطني لمناقشة إمكانية المشاركة في الحكومة القادمة، و أضاف المغزاوي أن قيس سعيد سيتحمل مسؤولية معنوية في نجاح هذه الحكومة، وبين أن مسألة برنامج الحكومة القادم سيكون محور لقاء حركة الشعب بإلياس الفخفاخ للتشاور وتقديم مقترحات الحزب بالتوازي مع حزب التيار الذي اعتبره المغزاوي شريكا للحركة معلقا أن التحالف في الكتلة الديمقراطية مهمّ جدا ويعد من أكبر مكاسب حركة الشعب.

موقف التيار كان أكثر وضوحا على لسان القيادي صلبه و رئيس الكتلة الديمقراطية  غازي الشواشي الذي اعتبر  أن إلياس الفخفاخ هو الشخص المناسب في المرحلة القادمة بحكم تجربته في الإدارة و تمرسه في دواليب الدولة متوقعا حصوله على الحزام السياسي اللازم داخل البرلمان.

و أضاف الشواشي أن التيار الديمقراطي يدعم تكليف الفخفاخ بتشكيل الحكومة و سيمنحه الثقة مبدئيا قبل التعرف على التشكيلة الحكومية التي سيقترحها، و أضاف أن تصوّر التيار للحكومة المقبلة يتمثل في تكوين حكومة سياسية تضم كفاءات سياسية وحزبية ولها حزام سياسي قوّي وتحظى بأغلبية مريحة داخل البرلمان و يمكن أن تضمّ حكومة الفخفاخ أحزاب التيار والنهضة وحركة الشعب وتحيا تونس، بشرط أن تقدم هذه الأحزاب أفضل ما عندها من كفاءات.

 و حسب مصادرنا فان التيار الديمقراطي و حركة الشعب سيلتقيان لتوحيد المواقف و التقدم بموقف موحد إما بدعم الفخفاخ أو عدم التصويت لحكومته التي سيقترحها لنيل الموافقة من مجلس نواب الشعب.

حزب تحيا تونس، أكد على لسان أمينه العام سليم العزابي في تصريح اعلامي ارتياحه لقرار رئيس الجمهورية المتعلق بتكليف الياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة معتبرا أنه يتوسم الخير في هدا التكليف و ان الفخفاخ سيوفر أكثر ظروف النجاح لحكومته المرتقبة لو يستقيل من مهامه  بحزب التكتل. وشدّد العزابي على أن تحيا تونس مع حكومة مصغرة وتكون سياسية بامتياز.

في المقابل، قال النائب والقيادي بقلب تونس عياض اللومي أن هناك شيء يحاك في الغرف المظلمة بخصوص تكليف إلياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة، لان الفخفاخ قيادي بحزب التكتل الذي ترشح للانتخابات التشريعية و لم يفز بأي مقعد و ترشح للانتخابات الرئاسية و لم يتجاوز الصفر فاصل و مقترح من حركة تحيا ، لذلك فانه يبدو أن  للرئيس برنامج خفي للحكم مع التكتل والشاهد وبالتالي تشكيل حكومة الرئيس بامتياز.

و أضاف اللومي أن  حركة الشعب احترزت على الفخفاخ و كذلك فعل العديد من الأحزاب في الوقت الذي كان فيه بإمكان الرئيس اختيار شخصيات تحضى بدعم واسع و بغطاء سياسي قد يتجاوز ال150 صوتا بمجلس نواب الشعب مثل الفاضل عبد الكافي و رضا بن مصباح لكنه أصر على تكليف اسم لم يقترحه أي أحد سوى حزب واحد و هو ما يؤكد فعلا أن هناك ما يحاك في الغرف المظلمة، وشدد أنه عندما قرر رئيس الجمهورية اختيار الفخفاخ كان من الأولى مطالبته بالاستقالة من التكتل لكنه لم يفعل مما يعزز الشكوك بأن هناك ما يحاك في كواليس الرئاسة.

وفي نفس السياق، عبّر رئيس الكتلة البرلمانية لائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، عن استغرابه من تكليف قيس سعيّد، لـ إلياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة المقبلة، معتبرا أن الفخفاخ بـ 0 فاصل 3 بالمائة في الرئاسيّة وبصفر مقعد للحزب في البرلمان لا يمكن أن يكون الشخصيّة الأقدر على تشكيل الحكومة مع كامل الاحترام لشخصه. 

و أضاف مخلوف أنّ الفخفاخ ليس الأقدر، فحزب تحيا تونس والتيار الديمقراطي هم الذين اقترحوا اسم إلياس الفخفاخ، أيّ 37 نائب من جملة  217 نائبا بالبرلمان، وفق تصريحه. و ذهب القيادي بإتلاف الكرامة رضا الجوادي الى أبعد من ذلك حيث اعتبر أن إلياس الفخفاخ يساند المساواة في الميراث و يدعو إلى فتح المقاهي خلال شهر رمضان المعظم و مع إلغاء تجريم استهلاك المواد المخدرة و مع فصل الدين عن السياسة و مع إلغاء تجريم الشذوذ الجنسي .

تباين المواقف حول الياس الفخفاخ كشف بعض التجاذب و الخلافات الداخلية داخل بعض الأحزاب فحسب بعض مصادرنا الخاصة هناك خلاف داخل حركة النهضة التي كان بعض قيادييها ينتظرون الإعلان عن تكليف المنجي مرزوق المقترح من الحركة لكنهم تفاجئوا بتكليف إلياس الفخفاخ فتم اتهام رئيس الحركة راشد الغنوشي بالتحالف الخفي مع رئيس الجمهورية قيس سعيد و رئيس حزب تحيا تونس يوسف الشاهد لتشكيل حكومة يدعمها التيار و حركة الشعب و تحيا تونس و شق الغنوشي داخل حركة النهضة مع إقصاء الشق المخالف له و عدم تعيين أي وزير منهم في علاقة بمؤتمر الحركة القادم الذي لن يترشح فيه الغنوشي بحكم النظام الداخلي للنهضة. قلب تونس أيضا لم يكن على قلب رجل واحد فهناك رأي يتجه إلى كون إلياس الفخفاخ تقدمي و له مواقف حداثية محترمة  و يمكن البناء معه .

حسام بن أحمد