ما بين الحكومة و الشعب : قلة وعي و اخطاء اتصالية
كان من المنتظر ان تعقد جلسة عامة يوم امس السبت 17 جويلية 2021 للاستماع للحكومة حول الوضع الوبائي الحالي ، لكن رئاسة المجلس قررت تأجيل الجلسة بعد اعتذار الحكومة :" لالتزامات طارئة " قد يبدو هذا الخبر عاديا و مفهوما في ظاهره الا انه و بعد نشر وزير النقل معز شقشوق مساء امس السبت صورة من أحد نزل الحمامات تغيرت المعطيات و ظهرت "الالتزامات الطارئة " التي حالت دون تحول وزراء حكومة المشيشي الى مجلس نواب الشعب .
و أثارت الصورة المتداولة استنكار التونسيين ففي الوقت الذي تعيش فيه المستشفيات التونسية أزمة أكسيجين و يموت المئات بسبب فيروس قاتل و فتاك ، فضل الوزير الاستجمام على شواطئ الحمامات و حرص على تشريك متابعيه على موقع الانستغرام يومه بأحد النزل. و لم يعي الوزير المتحصل على شهادة الهندسة في الاتصالات بتأثير هذه الصورة على من فقدوا أقاربهم و عائلاتهم و فقدوا وظائفهم جراء الفيروس، و لم يفكر وزير النقل الذي تنقل بكل اريحية الى الحمامات لقضاء عطلة الأسبوع في اللذين يعانون يوميا جراء وسائل النقل المهترئة و من منعوا من التنقل الى عائلاتهم في ولايات أخرى. و ما زاد الطين بِلَّة هو تواجد رئيس الحكومة هشام المشيشي و مجموعة من الوزراء في نفس النزل بالحمامات لكن يبدوا أنهم لا يمتلكون حساب انستغرام ليشاركوا به متابعيهم .
تأجيل الجلسة العامة و حرص بعض الوزراء على امضاء عطلة الأسبوع في أحد نزل الحمامات السياحية خلق أزمة حقيقية فدعا بعض النواب الى استقالة الحكومة و هو ما طالب به النائب بدر الدين القمودي الذي وصف حكومة المشيشي بحكومة القتل و حكومة الفشل :" انها حكومة قاتلة لشعبها مستهترة بحياته غير مكترثة بما يحدث تتسلى لآلامه غير عابئة بالارواح التي تزهق حكومة القتل وحكومة الفشل يجب ان ترحل ". و وصف القيادي و النائب في حركة الشعب حاتم بوبكري رئيس الحكومة هشام المشيشي ب:"معدم الضمير و الاخلاق" قائلا :" تفاجئنا بمراسلة أخرى لتبلغنا بإلغاء الجلسة نتيجة اعتذار بعض الوزراء متعللين بالمرض والإرهاق لنتفاجأ اليوم برئيس الحكومة وأكثر من نصف وزرائه يتشخلعوا في نزل بالحمامات مخلين أهل البلاء في البلاء" و أضاف في تدوينة نشرها على صفحته على الفايسبوك :" الشعب يغفق والمستشفيات كلها تطلق صيحات فزع نتيجة نقص فادح في الأكسجين والجماعة تتشخلع وتهبط في الستوريات".
و في الوقت الذي ندد فيه بعض النواب بفضيحة الحمامات لم يتردد نواب حركة النهضة في الدفاع عن الحكومة و هو أمر متوقع بما أن حركة النهضة هي احد أذرع الحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي. فقال السيد الفرجاني وهو أحد نواب الحركة ان لقاء الحمامات لا يتناقض مع الإحساس بأوجاع الشعب و استنكر :" تشنيع الحكومة بهذه الطريقة " و يبدو أن النائب تناسى إجراءات الحجر الصحي و منع التنقل بين المدن فكيف يمنع التنقل على المواطنين و يسمح به للوزراء و هل انعدمت قاعات الجلسات و الاجتماعات برئاسة الحكومة و وزارة الصحة حتى يتحول وفد وزاري الى الحمامات في ظرف حساس و أزمة صحية خانقة ؟
و عموما و أمام موجة الاستنكار حرص رئيس الحكومة هشام المشيشي على اجراء اجتماع طارئ و عقد خلية أزمة بوزارة الصحة ليلة أمس ليعبر فيه عن استياءه من تواصل أزمة الاكسيجين و أزمة الاتصال و ما أسماه :" بالسيرك " و قام بإعلان جملة من القرارات للتزود بمادة الاكسيجين ، لكن الغريب في هذا الامر هو اجتماع خلية الازمة صباح يوم السبت بوزارة الصحة قبل انتشار خبر فسحة الحمامات و دون حضور رئيس الحكومة و هو ما يثبت حدوث ارتباك في رئاسة الحكومة و التي سارعت في عقد اجتماع طارئ للتغطية على الفضيحة.
و الى جانب عقد خلية أزمة ثانية في نفس اليوم ارتكب رئيس الحكومة هشام المشيشي خطأ اتصالي جديد خلال الاجتماع بظهوره بقميص لاحد الماركات العالمية، الامر الذي تسبب بضجة على مواقع التواصل الاجتماعي فاعتبر بعض التونسيون انه من غير اللائق ارتداء قميص لعلامة تجارية عالمية و هي بمثابة ترويج لهذه العلامة فيما قال البعض الاخر انه كان من الاجدر ارتداء علامة تجارية تونسية للترويج للمنتوج التونسي ، و بغض النظر عن القميص الذي ارتداه رئيس الحكومة يبحث التونسيون عن حلول للازمة الصحية التي أودت بحياة التونسيين.
فالتونسي لا يحتاج الى الاجتماعات بل لحلول جذرية للازمة الصحية و عن إجراءات صارمة للتصدي للفيروس في وقت تجاوز فيه عدد الوفيات بفيروس كورونا ال 17 ألف وفاة و بلغ فيه عدد الإصابات 540798 حالة الإصابة ، و لكن و في الوقت الذي يبحث فيه التونسي عن فراش في المستشفى تبحث الحكومة التونسية عن مكان للاستجمام .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires