مدرسة الرقاب القرآنية: جريمة في حق الأطفال
مدّة القراءة : 4 دقيقة
كشف برنامج الحقائق الأربعة على قناة الحوار التونسي في حلقة الخميس 31 جانفي 2019، الستار عن مدرسة قرآنية في منطقة الريحانة في سيدي بوزيد فتحت أبوابها سنة 2012 و تعتبر تهديدا للطفولة لمخالفتها القانون.
البرنامج كشف عن عدم قانونية المدرسة القرآنية وعدم قانونية إيواء أطفال من 12 سنة إلى 30 سنة في نفس المبيت في المدرسة التي تبعد كيلومترات عن المناطق السكنية وهو ما يثير الشكوك، خاصة وأن ظروف الإقامة تشبه المعسكر و من الممكن أن تزرع التطرف في الأطفال بالإضافة إلى المساهمة في إنقطاع التلاميذ المبكر عن الدراسة و مخالفة المنهج التعليمي الوطني الذي تحدده وزارة التربية و منح إجازة في القرآن دون موجب قانوني، كما تم إغلاق هذه المدرسة مرارا و لكن صاحبها في كل مرة يعيد فتحها متحديا القانون.
مباشرة إثر بث التحقيق أذن وكيل الجمهورية بسيدي بوزيد بإخراج الأطفال من الفضاء الذي كانوا يقيمون فيه وتنقّلت الوحدات الأمنية المختصة رفقة المندوب العام لحماية الطفولة و05 أخصائيين نفسيين على عين المكان أين تم العثور على 42 طفلا (بين 10 و18 سنة) و27 راشدا (بين 18 و35 سنة) تبيّن أنهم يُقيمون إختلاطا بنفس المبيت في ظروف لا تستجيب لأدنى شروط الصحة والنظافة والسلامة وجميعهم منقطعون عن الدراسة، كما أنهم يتعرّضون للعنف وسوء المعاملة ويتم استغلالهم في مجال العمل الفلاحي وأشغال البناء ويتم تلقينهم أفكارا وممارسات متشددة.
وبإذن من النيابة العمومية بسيدي بوزيد، تم الاحتفاظ بصاحب المدرسة من أجل الإتجار بالأشخاص بالإستغلال الإقتصادي والاعتداء بالعنف ومن أجل الإشتباه في الإنتماء إلى تنظيم إرهابي، كما تم الإحتفاظ بامرأة عمرها 26 سنة إعترفت بزواجها من المعني على خلاف الصيغ القانونية.
كما أذنت بإيواء الأطفال بأحد المراكز المندمجة للشباب والطفولة وتمكينهم من الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية اللازمة وقد أكّد طبيب الصحة العمومية إصابة البعض منهم بعدة أمراض كضيق التنفس والجرب والقمل...
من جهته أكد المندوب العام لحماية الطفولة منيار حمادي أن هؤلاء الأطفال منقطعون عن الدراسة ومنقطعون عن التواصل مع عائلاتهم بصفة مستمرة بإعتبار أنهم يقيمون في منطقة تبعد عن مدينة الرقاب من ولاية سيدي بوزيد 7 كلم وكانوا يقيمون في ظروف قاسية ولا تحترم حرمة الطفل وكرامته بإعتبار تواجدهم في فضاء غير قانوني ولا يستجيب للسلامة البدنية والمعنوية للأطفال ويتمتعون فقط بعطل قبل رمضان وخلاله وهم من مختلف ولايات الجمهورية حتى من الشمال.
وبخصوص عرضهم على الفحص الشرجي، شدد حمادي على أنه لا يمكنه الحديث على هذه المسألة لأنها تخضع لتراتيب النيابة العمومية وعدم إثارة الموضوع يأتي في إطار تعهد وكيل الجمهورية رأسا به.
قرار وكيل الجمهورية أثار عديد ردود الأفعال المؤيدة و المعارضة لهذا القرار و من بينهم المدون ماهر زيد الذي شيطن قناة الحوار التونسي ونعت فريق الحقائق الأربعة بأبشع النعوت و دعا إلى التظاهر أمام المحكمة الإبتدائية في تونس و قام بحاورات نشرها عبر صفحته في الفايسبوك مع بعض الأولياء و أكد أن من الأفضل للأطفال أن يتعلموا القرآن لكي لا يصبحون من المتعاطين للمخدرات و الفسق و المعاصي و اللغة السوقية وفي الفيديوات المنشورة حرض عدد من المتدخلين على الصحفيين و إعتبر المحامي سيف الدين مخلوف أن ما يحصل همجية و ليس بالقانوني و مندوب الطفولة يعتبر قراءة القرآن جريمة و كذلك الدولة و إعتبر أنهم يكرهون القرآن في خطاب تكفيري غير مسبوق من قبل رجل يعتبر نفسه رجلا للقانون.
كذلك لم يتخلف راشد الخياري عن ركب المشيطنين للإعلامي حمزة البلومي و إتهام الدولة بالبطش و الجبروت فيما يتعلق بالدين و القرآن ، وهاجم كذلك الحقوقيين لأنهم يبررون الظلم و القهر و كسر نفوس الأطفال فيما يتعلق بالدين و القرآن و تناسى أن هذه المدرسة لا تقدم منهجا تعليميا للأطفال و هذه هي الجريمة الحقيقية في حقهم.
أعلن القيادي في حركة النهضة عبد اللطيف المكي أنه زار ولمدة ساعتين المركز الذي يتواجد به الأطفال الإثنان والأربعون بقرار قضائي صحبة نوفل الجمالي وتزامنت زيارته مع زيارة وفد من الهيئة التونسية للوقاية من التعذيب التي يترأسها فتحي الجراية وإشتملت الزيارة التي كانت فجئية ودون تنسيق مسبق على حديث مطول مع خلية الأزمة التي تدير المركز ثم على جولة بالمركز للتفقد والحديث مع الاطفال. وتتكون خلية الأزمة وفق المكي من مدير ديوان وزارة المرأة وعديد الأخصائيين في الطفولة والطب ومسؤولين في المندوبية الجهوية وأكدوا أنهم ينفذون قرارا قضائيا لحماية الأطفال والقيام بالأبحاث اللازمة حول كل ما أثير من تجاوزات قانونية مثل ظروف الإقامة والتغذيةو تجاوزات أخلاقية وأنهم يقوموون بذلك من أجل مصلحة الأطفال.
وأكد على أن الرأي العام والأولياء مصدومون مما يعتبرونه إحتجازا غير مبرر وأنه لا بد من التسريع بإعادة الأطفال الى عائلاتهم وإن لزم الأمر بإلتزامات معينة أو باطلاق الأغلبية ومواصلة المعاينة مع من وقع في حقه تجاوزات مضيفا أنه يجب التواصل مع الرأي العام حول ما يجري وبانتظار ذلك وجب تمكين الاولياء من مقابلة ابنائهم للإطمئنان عليهم.
و خلال زيارة المركز أعلن المكي أنه تفقد غرف النوم وقاعة الأكل وهي ظروف معقولة وقد مكنوهم من 42 مصحفا وقاعة للصلاة و أخذ لهم صورة وهم يصلون جماعة ومكنوهم من لعب كرة القدم بصحن المبنى الذي يبلغ قرابة 400 متر مربع وتحدث مع العديد منهم فلم يجد أنهم تحت ضغط ما وهم كلهم في سن الإعدادي والثانوي ولا أحد منهم متمدرس حاليا. و من الناحية القانونية شدد المكي على تدقيقها من قبل القانونيين والبناء على ذلك داعيا إلى الهدوء والموضوعية والتعاون في تناول القضايا المعقدة والشائكة.
النائب عماد الدائمي لم يتخلف عن التعليق كذلك ولم يغادر جبة نظرية المؤامرة كالعادة و إعتبر أن تحويل أنظار الرأي العام من القضايا الحقيقية إلى قضايا وهمية مفتعلة، من أقوى أسلحة البروباغندا التي تمارسها غرف العمليات التي تدير المؤسسات الإعلامية وتوجه عملها لخدمة اللوبيات النافذة التي تدفع لها لإنقاذ الشاهد ومنظومته وتحويل الأنظار عن فشله الذريع والإخفاقات التي يتخبط فيها عبر تحريك الفتنة الأيديولوجية والمس بمعتقدات التونسيين وإختلاق أزمة بخصوص المدارس القرآنية التي لم تنقطع عن البلاد منذ قرون طويلة وظلت مفتوحة حتى في عهدي بورقيبة وبن علي.
الصحفي باسل ترجمان إعتبر أن الموضوع خطير بإعتبار أن تحويل مجموعة من القصر من التعليم العمومي إلى ما يدعون انه مدرسة قرأنية غير مرخصة وتعتمد نظام شبيه بالمعسكرات المغلقة شبه العسكرية و لا تدرس المناهج التربوية وتجبر أطفال دون الخامسة عشرة على الانقطاع عن التعليم وهذا مخالف للقانون ويعرض أوليائهم للمساءلة القانونية خاصة أن المدرسة موجودة خارج مناطق العمران وفيها نظام إقامة كاملة وهذا أيضا مخالف للقانون لأن هناك شروط محددة تضبط مثل هذه الحالات ولابد من موافقة جهات مختصة ومنها على سبيل الذكر لا الحصر وزارة الصحه والحماية المدنية .
و أضاف ترجمان أنه لا أحد يعرف ما هي البرامج التي تدرس في هذه المدرسة خاصة وأن هنالك تدريبات لهؤلاء الأطفال لا تختلف عن التدريبات العسكرية وليس لها علاقة بالتربية البدنية التي تدرس في المدارس الحكومية
والنقطة الأهم أن تكاليف تدريس وإطعام وإسكان ما يقارب الخمسين قاصر يحتاج لمبالغ مالية كبيرة جدا، متسائلا عن مصدر الأموال وكيف تصرف .
شبهات عديدة تحوم حول الجمعيات المشرفة على المدارس القرآنية والأموال الضخمة التي تضخّها لهذا النشاط فكيف يمكن الحديث عن حرب على الارهاب وهذه المدارس المشبوهة تنشط في البلاد دون رقيب او حسيب؟ علما و أن التعليم اجباري في تونس وبرامجه ومناهجه موحدة من الإبتدائي للإساسي للثانوي وللجامعة.
أحمد زرقي
تعليقك
Commentaires