محاولة الجملي التموقع بحكومة خالية من الأحزاب
قيس سعيد يلتقي رؤساء الأحزاب
رسمي - الحبيب الجملي يقرر تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن كل الأحزاب
عبير موسي: حكومة الجملي مثل حلقة من حلقات المسلسلات التركيّة والمكسيكيّة
آفاق تونس: الجملي يحاول مغالطة الرأي العام
هشام العجبوني: حكومة كفاءات ليست الا سياسة استغباء
بعد ماراطون مضني من المفاوضات والمشاورات التي امتدت شهر وبضعة أيام وبعد الاتفاق المبدئي مع الأطراف المشاركة في الحكومة وبداية الانفراج، يجد رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، نفسه، يعود إلى نقطة الصفر التي انطلق منها بعد تعثّر المسار الذي سلكه.
نهاية الأسبوع المنقضي شهدت اجتماعات مكثفة ومداولات جمعت الحبيب الجملي بممثلي الأحزاب التي من المقرّر أن تشارك في تركيبة الحكومة، وهم كل من حزب النهضة وحزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وحركة تحيا تونس.
لقاءات كانت مطولة حتى أننا ظننا أن لحظة الانفراج قد قربت ومن خلال الصور التي تم نشرها خيّل إلينا أن الاتفاق حاصل وفقط يتم التفاهم في بعض النقاط والتفاصيل الثانوية، وهو ما أعلنه الجملي كذلك، حيث طمأن الجميع بأن الإعلان عن تركيبة الحكومة سيكون في غضون أيام وقد وقع اتفاق مع الأحزاب المشاركة على النقاط الكبرى.
يوم الاحد 22 ديسمبر قرّر حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس الانسحاب نهائيا من المشاركة في الحكومة والبقاء في المعارضة، قرار لخبط كل التوقعات وفرض على حركة النهضة إعادة ترتيب أوراقها وبحثها عن خطّة بديلة تكون قارب نجاة في ما تبقى لها من فترة.
الاثنين 23 ديسمبر رئيس الجمهورية قيس سعيد يدعو إلى اجتماع عاجل برؤساء الأحزاب الأربعة التي تشاور معها الجملي لتشكيل حكومة ائتلاف حزبي. الاجتماع ضمّ رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وأمين عام حزب التيار الديمقراطي محمد عبّو وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي ورئيس حزب تحيا تونس يوسف الشاهد. سويعات بعد ذلك ليعلن الحبيب الجملي في ندوة صحفية عن توقّف المفاوضات مع كل المكونات السياسية وأنه قرّر تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن كل الأحزاب بعد فشل المسار التشاوري.
الحبيب الجملي اعتذر من الأحزاب والمنظمات الوطنية التي لم يتمكّن من التفاوض معها وأوضح ان تونس لم تعد تتحمّل تأخيرا آخر مؤكدا أن المشاورات التي أشرف عليها شهدت تجاذب لم يحدث من قبل والشروط كانت صعبة. الجملي كذلك أشار إلى أنه قدّم 15 وزارة للأحزاب وكان هناك اتفاق مبدئي على الإعلان عن الحكومة في ذات اليوم لكنه تفاجئ بقراراتهم بالخروج عن الاتفاق، لذلك أعلن عن ايقاف جميع المشاورات وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة لا وجود فيها لأي حزب بما في ذلك حركة النهضة الفائزة بالانتخابات التشريعية.
أثار هذا القرار ردود أفعال متباينة فاختلفت الآراء وانقسمت حول خلفياته ومآلاته.
حركة النهضة بينت انها كانت مرنة في الجولة الأخيرة من المفاوضات من أجل انجاحها والتوصل إلى توافقات مبدئية تساعد على مشاركة واسعة وتوفير حزام سياسي مناسب، لكن قرار الأحزاب بالتراجع عن المشاركة جعلها باعتبارها الحزب الفائز المكلف بتشكيل الحكومة ستقوم بتقديم حكومة كفاءات وطنية مفتوحة أمام الجميع في الأيام القليلة القادمة.
النائب في البرلمان عن حزب قلب تونس عياض اللومي، أكّد أنّ قلب تونس هو أكثر حزب صاحب موقف مستقرّ، وهو مع ''حكومة كفاءات مستقلّة وغير متحزّبة''، مشيرا إلى أنّ قلب تونس أصدر قرابة 6 بيانات تتضمّن نفس المطلب لتشكيل الحكومة بعيدا عن المحاصصة الحزبيّة، وأنه منذ بداية المشاورات أعلن أنّه لن يتحالف مع النهضة ولن يشارك في حكومتها. اللّومي أكّد أنّ قلب تونس يدعو ويشدّد على ضرورة النأي بوزارات السيادة وفي صورة تمّ وضع متحزّبين على رأسها فسيكون الحزب في معارضة قويّة، وأتبع أنّ قلب تونس تنازل على حقّه في تقديم كفاءات منه لتشارك في الحكومة لأنّ مصلحة البلاد تقتضي وضع مستقلّين.
في نفس السياق ندّد عياض اللّومي بتدخّل رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد في مشاورات تشكيل الحكومة، مشيرا إلى أنّ سعيّد تجاوز صلاحياته الدستوريّة وتدخّل في مهمّة رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي مشددا على أن "أكبر خطر أن نذهب إلى حكومة رئيس".
حزب آفاق تونس أصدر بيان في الغرض اعتبر فيه قرار رئيس الحكومة المُكلّف الحبيب الجملي بتكوين حكومة كفاءات وطنيّة مستقلّة عن الأحزاب هي محاولة لمغالطة الرأي العام تحت مسمى الاستقلالية والتغطية على تحالفات غير معلنة والهروب من تحمل تبعاتها. وبيّن أنّه كان من الأجدر وبمنطق المسؤولية السياسية، أن يعلن الفائزون في الانتخابات تحالفاتهم وبرامجهم لنيل ثقة البرلمان أو الإقرار بفشلهم في تشكيل حكومة سياسية ممثلة لنتائج الانتخابات والمرور إلى ما يقتضيه الدستور من إحالة المسؤولية إلى رئيس الجمهورية والانطلاق في المشاورات مع مختلف الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لاختيار الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة.
رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي نشرت فيديو على صفحتها الرسمية وصفت فيه مشاورات تشكيل حكومة الحبيب الجملي بحلقة من حلقات المسلسلات التركيّة والمكسيكيّة، وان حزبهم هو الكتلة الوحيدة في البرلمان التي كان لها موقف واضح من المشاركة في الحكومة.
أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي نفى أن تكون الحكومة القادمة حكومة كفاءات وإنما هي "خدعة وكذبة كبيرة وهي حكومة حركة النهضة وقلب تونس"، وبيّن في تصريح لراديو موزاييك أف أم أن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان حريصا في اجتماعه على عودة الحوار بين الأحزاب المشاركة لكن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أعلمه بأن الوقت قد انتهى ولم يعد هناك أي إمكانية للعودة إلى الحوار. المغزاوي أكّد أن الغنوشي كان مصرّا على الذهاب إلى السيناريو الذي أعلن عنه رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي وهي خطة النهضة منذ البداية حتى في الوقت التي كانت تتفاوض فيه معهم.
عضو مجلس النواب عن التيار الديمقراطي هشام العجبوني نشر تدوينة على صفحته الخاصة فايسبوك اعتبر فيها أن حكومة كفاءات مستقلة تماما عن كل الأحزاب ليست الا "سياسة استغباء".
النائب بالبرلمان منجي الرحوي قال إن حركة النهضة تتجنب حكومة الرئيس لأنها تريد حكومة تكون تحت سيطرتها، موضحا أن الإخفاق لحكومة الجملي وعدم نيلها لثقة البرلمان هو اخفاق للنهضة وخروجها من إمكانية الحكم عن طريق رئيس حكومة. الرحوي أكّد أن راشد الغنوشي هو من نطق بنهاية المشاورات وليس رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، وأن مسار تعثّر تشكيل الحكومة يعكس المشهد البرلماني بما فيه من تعقيدات ووجود كتل وأحزاب من الصعب أن تتقابل وأن تتفق حول برنامج وهذا سببه أن الحزب الفائز الذي قدّم رئيس حكومة، لا ثقة للأحزاب فيه.
مسار آخر اتخذته حركة النهضة لاختيار تركيبة حكومتها في محاولة منها لانجاح مرشحها وعدم اللجوء إلى حكومة الرئيس التي تتجنبها حتى لا تجد نفسها خارج اللعبة وخارج كل الحسابات التي كانت تخطّط لها لتبقى ماسكة بزمام الأمور.
مروى يوسف
تعليقك
Commentaires