هذه قرارات الحكومة لمواجهة الدّرجة الثالثة من فيروس كورونا

تعيش تونس كباقي دول العالم على وقع كارثة وبائيّة حصدت أرواح آلاف النّاس، فيروس كورونا المُستجدّ، منذ تسجيل أوّل حالة إصابة قامت وزارة الصحّة بالتنسيق مع كلّ السلطات تحت إشراف رئاسة الحكومة بأخذ كلّ الإجراءات اللاّزمة للحدّ من انتشار وتفشي هذا الفيروس بعد أن وصلت تونس إلى الدرجة الثانية.

 نصاف بن علية رئيسة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة بيّنت أنّ تونس عمدت إلى تطبيق الحجر الصحّي على المسافرين القادمين من الدول المنتشر فيها فيروس كورونا على غرار إيطاليا، إيران، جمهورية كوريا، فرنسا، إسبانيا، ألمانيا،  الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، سويسرا، هولندا، المملكة المتحدة، السويد، النرويج، بلجيكا، الدنمارك، النمسا، سنغافورة، ماليزيا، أستراليا، البحرين، مصر. كما أنّ الخطوط التونسيّة أعلنت  أنّها قامت بتعليق رحلاتها بشكل مؤقت، ابتداءً من اليوم الثلاثاء 10 مارس، باتجاه ميلانو والبندقية وبولونيا الإيطالية، بإستثناء برمجة رحلة أسبوعية واحدة باتجاه روما وذلك كلّ يوم سبت. من جهته، أكّد الطبيب بقسم الطب الاستعجالي بتونس وعضو خلية مجابهة فيروس كورونا، الدكتور سمير عبد المؤمن أنّ مواجهة فيروس كورونا مرتبطة بمدى إستجابة الناس للحجر الذاتي ومدى قدرة البلاد في توفير الآليات اللازمة للسيطرة على كورونا، وأشار أنّ تونس لها إمكانيات طبيّة لمجابهة هذا الفيروس وبيّن أنّ حسّ المواطنة والإنضباط هو أهم عامل للحدّ من تفشي كورونا. وزارة الصحّة نشرت فيديو توضيحي  للتعريف بفيروس كورونا وطريقة العدوى به ووضعت على ذمّة المواطنين ملصقات توضيحيّة للإرشاد والتوعية.

 وفي نطاق الإحتياطات المتّبعة لتجنّب العدوى بفيروس كورونا، أعلن يوم الإثنين الفارط ديوان الإفتاء انّه تقرّر التعليق الوقتي لإجراءات إعتناق الإسلام أو التثبيت عليه إلى موعد لاحق يقع الإعلام به. وزارة التكوين المهني والتشغيل، قرّرت  توقيف التكوين بكافة المؤسسات التكوينية العمومية الراجعة بالنظر للوزارة وكافة المؤسسات التكوينية الخاصة وذلك بداية من يوم الخميس 12 مارس إلى حين إشعار آخر. كما تمّ يوم الخميس 12 مارس، إيقاف الدروس و غلق جميع المؤسسات التربوية الفرنسية الموجودة في تونس بداية واستمرار الدروس عن بعد.، وتمّ تعليق جميع الأنشطة بالمعهد الفرنسي بتونس وصفاقس وسوسة في حين تواصل مصالح السفارة الفرنسية والقنصلية العامة تأمين خدماتها مع اتخاذ الإجراءات الوقائية للوقاية من كورونا. أيضا تمّ تعليق الدروس في المدارس والجامعات بتونس يوم الخميس وقرّرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تقديم بداية عطلة الربيع بكافّة المؤسّسات الجامعيّة العموميّة والخاصّة من يوم الخميس إلى غاية  30 مارس، كما قرّرت تأجيل المهمات والتربصات للطلبة والأساتذة والباحثين وموظفي التعليم العالي  في الخارج إلى إشعار لاحق.

  بلديّة أريانة وجهّت مذكّرة  لكافّة مستغلّي وأصحاب الفضاءات والمحلاّت العامّة (المقاهي والمطاعم والمخابز) ودعتهم إلى الإلتزام بمجموعة من الأحكام والإجراءات في إطار التوقّي من انتشار فيروس كورونا المستجدّ، من بينها منع إستعمال الشيشة والتدخين بالمقاهي والفضاءات العامة ودعت إلى تركيز آلة تعقيم بمدخل كلّ المحلات المذكورة  مع توفير زي نظيف ولائق وقفازات وغطاء الرأس للعملة وأكّدت على ضرورة الاستظهار بالتحاليل الطبية لكل العملة. من جهتها، قامت مصالح بلدية تونس (إدارة حفظ الصحة وحماية المحيط )، يوم الأربعاء 11 بتركيز وحدات صحيّة لغسل الأيدي ( des lavabos ) في برشلونة، الباساج، محطة تونس البحرية. كما قامت أيضا بتطهير عدة فضاءات عمومية ومساحات تجارية كبرى بالمدينة والتي تتواجد بها أعداد كبيرة من المواطنين. وأشرفت اليوم  رئيسة بلدية تونس شيخة المدينة سعاد عبد الرحيم على عملية تطهير وتعقيم جامع الزيتونة بحضور المستشارين البلديين والإطارات البلدية والشرطة البيئية.

بقدر خوف التونسيين وهلعهم من فيروس كورونا بعد أن سجّلت تونس 16 حالة إصابة مؤكّدة وفق ما أكّده شكري بن حمودة مدير الصحة العامة بوزارة الصحة في نقطة صحفية موضّحا أنّه اليوم تمّ تسجيل 3  حالات جديدة بفيروس كورونا في ولاية بنزرت، تونس، وأريانة مما يجعل الحالات الجملية 16 حالة نصفها من الوافدين من الخارج والنصف الآخر أي 8 حالات محلية تمت عبر العدوى من حالة وافدة. على الرّغم من ذلك لم ينقطع الأمل والتفاؤل من صفوفهم حيث أطلق مواطنون مجموعة على فايسبوك بعنوان "متطوعون ضد فيروس الكورونا"، للتفكير معا في كيفية مساعدة الدولة في حملتها الوقائية من الفيروس المستجد، عبر التطوع لخدمتها سواء من المختصين في القطاع الطبي أو القطاعات الشبه طبية، أو المواطنين العاديين. هذا الفيروس يمكن تجاوزه والنجاح في التغلّب عليه وذلك حين يلتزم كلّ شخص في حالة الحجر الذاتي بالبقاء لمدّة 14 يوم في منزله، أيضا أن يُطبّق كل المواطنين النصائح والإجراءات التي فرضتها السلطات وأن يتعامل التونسي بكلّ عقليّة ورصانة مع هذا الفيروس، هذا سيساهم في الحدّ من انتشار كورونا التي مصدر تضاعفها ي العدوى. 

عدد الإصابات وتوزّعهم حسب الولايات

وفقا لما أعلن عنه الدكتور شكري حمودة اليوم، فإنّه بعد صدور نتائج 43 تحليلا مخبريّا أسفرت النتائج إلى تسجيل ثلاث نتائج إيجابيّة ليصبح العدد الجملي للمصابين بهذا الفيروس 16 حالة مؤكدة. وتتوزّع الإصابات بتسجيل (04) حالة في ولاية أريانة حالتين مستوردتين قادمتين من مصر إضافة إلى حالتين محليتين أصيبتا بالعدوى، وتسجيل حالة واحدة  في ولاية قفصة قادمة من إيطاليا، وتسجيل (03) حالة في ولاية المهدية إحداها قادمة من إيطاليا إضافة إلى حالتين محليتين أصيبتا بالعدوى، وتسجيل (06) حالة في ولاية تونس إحداها لمقيمة من جنسية إيطالية إضافة إلى حالتين مستوردتين قادمتين من فرنسا و3 حالات محلية أصيبت بالعدوى، وسجّلت ولاية بنزرت (02) حالة إحداها مستوردة قادمة من سترازبورغ (غادرت تونس) إضافة إلى حالة محليّة أصيبت بالعدوى.

القرارات التي اتّخذتها الحكومة لمجابهة فيروس كورونا

رئيس الحكومة الياس الفخفاخ ألقى مساء اليوم 13 مارس 2020،  كلمة لطمأنة التونسيين وحثّهم على الإلتزام بالإجراءات  الوقائية تصديا لفيروس كورونا المستجد. وأعلن أنّ المجلس الوزاري المنعقد تحت إشرافه وبالتشاور مع قيس سعيد رئيس الجمهورية وراشد الغنوشي رئيس البرلمان قد قرّر حماية الحدود عبر غلق الحدود البحرية بصفة كلية، غلق الحدود الجوية مع إيطاليا بصفة كليّة مع  الإبقاء على رحلة واحدة يوميا لفرنسا ورحلة أسبوعية واحدة لكل من إسبانيا، مصر، بريطانيا وألمانيا مع إعلام كلّ الوافدين تونسيين كانوا أو أجانب بتطبيق العزل الصحي الإجباري حال قدومهم إلى تونس. كما أكّد أنّه تقرّر إلغاء كلّ التظاهرات والعروض الثقافيّة والمؤتمرات العلميّة  والتجمعات والمعارض، وإغلاق المقاهي والمطاعم والملاهي ابتداء من الساعة الرابعة مساء. بالإضافة إلى تعليق أداء صلاة الجماعة بما في ذلك صلاة الجمعة والصلوات الخمس بالمسجد، وأنّ كلّ البطولات الوطنية والتظاهرات الرياضيّة ستقام دون جمهور. كما تقرّر كذلك إغلاق رياض الأطفال والمحاضن والمدارس الخاصة والأجنبيّة إلى غاية 28 مارس، وبيّن أنّه يعول على التضامن الأسري  والجيران خلال العطلة، حتى يتمكن الموظفون من متابعة عملهم.

الفخفاخ أشار انّ كلّ هذه القرارات تدخل حيز التطبيق  ابتداء من اليوم الجمعة 13 مارس وتتواصل إلى غاية 4 أفريل مع إمكانيّة المراجعة بالتمديد أو التقليص، ودعا التونسيين إلى إحترام  الحجر الصحّي الذاتي الذي يستخفّ به البعض وفق مسؤولو وزارة الصحة، وبيّن أنّ ذلك هو جريمة يعاقب عليها القانون. كما أكد أنّ تونس لم تدخل المرحلة الوبائية  الثالثة التي تكون فيها حالات الاصابة اكثر من 20 حالة، مشيرا أنّ تونس ستتخذ إجراءات المرحلة الثالثة. مطمئنا الشعب التونسي، أكّد الفخفاخ أنّ تمّ إتّخاذ هذه الإجراءات بصفة إستباقيّة والهدف منها الحدّ بصفة قويّة من منحى تطوّر عدد الإصابات وللحفاظ على السير العادي للنشاط الإقتصادي في البلاد وشدّد على أنّه يُعوّل على وعي التونسيين ووحدتهم وتضامنهم لمواجهة هذه الأزمة. 

تونس كباقي دول العالم لم تسلم من وباء فيروس كورونا وقد تجنّدت كلّ أجهزة الدّولة لمجابهة هذا الفيروس، ويمكن القول أنّ الوضع مقارنة بباقي الدّول تحت السيطرة ذلك أنّ تونس لم تسجّل 20 إصابة بهذا الوباء. إنّ الحدّ من انتشار فيروس كورونا مرتبط أساسا بتطبيق تعليمات الوقاية الصحيّة خاصّة الإلتزام بالحجر الصحّي الذاتي الذي يساهم في السيطرة على الحدّ من انتشار هذا الفيروس ويُقلّص من العدوى ويجب أن يتحلّى كلّ التونسيين بالصبر والقوّة والتضامن للتعاون مع بعضهم البعض لمقاومة تفشي هذا الفيروس وتجاوز هذه الأزمة.