ماهي توقعات البنك الدولي للاقتصاد التونسي ؟
في تصريح صحفي بتاريخ 9 ديسمبر 2020 اكد رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس أن التعافي الاقتصادي من تبعات فيروس كورونا سيستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات حتى يعود الى مستواه الطبيعي الى ما قبل الفيروس مُتابعا ان الدولة النامية هي الأكثر تأثرا من الفيروس و سيكون الوضع الاقتصادي فيها معقدا خاصة في ظل انخفاض إيرادات السياحة.
يوم أمس الثلاثاء 22 ديسمبر، نشر البنك الدولي تقريرا خاصا بالوضع الاقتصادي في تونس رجح فيه تراجعا حادا في نسبة النمو في تونس مقارنة بدول عربية أخرى و يعود ذلك الى تفشي فيروس كورونا خلال السنة الحالية من جهة والى تردي الوضع الاقتصادي في السنوات الماضية أي قبل ظهور الفيروس و ذلك بسبب ارتفاع المديونية .
توقع البنك الدولي أن يصل الانكماش الاقتصادي في تونس خلال سنة 2020 الى 9.2 بالمائة مرجحا ارتفاعا طفيفا في نسبة النمو خلال السنة المقبلة 2021 بنسبة 5.8 بالمائة :" الا ان نقاط الضعف الهيكلية الموجودة التي يعاني منها الاقتصاد التونسي ستؤدي الى انخفاض في النمو قد يبلغ حوالي 2٪ في سنة 2022 " حسب ما أكده التقرير الذي أشار أيضا الى إمكانية ارتفاع نسب الفقر والبطالة خلال السنة المقبلة .
في هذا الاطار أفادت شيرين مهدي، الخبيرة الاقتصادية بالبنك الدولي في تونس انه و حتى تستعيد تونس عافيتها الاقتصادية وتتجاوز الازمة الاقتصادية عليها استعادة مصداقية الاقتصاد الكلي :" وهي الخطوة الحاسمة للاقتصاد التونسي" .
توصيات البنك الدولي
اشار البنك الدولي في تقريره الى التوجهات الاقتصادية العامة في تونس و قدم في هذا السياق جملة من التوصيات على غرار احتواء حجم كتلة الأجور الامر الذي سيمكن من إعادة هيكلة المالية العمومية، و توفير الاستثمار العمومي :" عن طريق تحويل المساعدات الاجتماعية المقدمة في شكل إعانات إلى تحويلات مباشرة تستهدف مستحقيها ومعالجة المخاطر الضريبية المتأتية من الشركات العمومية ".
أيضا دعا التقرير الى تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص و تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية لدعم القطاع الخاص كالإصلاحات الخاصة بتبسيط للتراخيص وتسهيل الحصول على التمويلات مشيرا الى بعض العوائق التي ابطأت النمو الاقتصادي خلال السنوات الماضية كضعف أداء المؤسسات العمومية و ارتفاع كتلة الأجور ، فحسب البنك الدولي تراجعت إنتاجية القطاع الخاص خلال السبع سنوات الماضية وهو ما اثبته تراجع حجم استثمار المؤسسات الخاصة :" التي أصبحت أقل ابتكارًا وأقل توجهًا للتصدير و أقل إنتاجية" رغم التحسن الطفيف الذي عاشته بين 2013 و 2020 مقارنة ببعض الدول العربية .
أشار البنك الدولي الى توقعات بارتفاع الدين العام في تونس :"من 72.2% من إجمالي الناتج المحلي عام 2019 إلى الذروة بنسبة 86.6% من إجمالي الناتج المحلي عام 2020، وهو مستوى أعلى بكثير من المعيار القياسي لعبء الديون البالغ 70% من إجمالي الناتج المحلي" ومن اجل احتواء هذا التراجع الاقتصادي و لمجابهة اثار المديونية قدم البنك الدولي مقترحات لمساعدة الشركات الجديدة على دخول السوق و اكد في هذا السياق انه و من بين الإجراءات الملحة التي على الحكومة التونسية تنفيذها هي :" ومعالجة الاختناقات الهيكلية التي تساهم في تعقيد وصول الشركات إلى التمويل، ومعالجة التدهور الكبير في أداء المصالح الديوانية و تطوير رؤية واضحة لسياسات الابتكار من أجل دعم القطاعات التي بدأت تبرز فيها سمات الابتكار والميزة النسبية ".
وتحدث تقرير البنك حول اجراءات حكومية منقوصة في ظل تدهور الخدمات العامة حيث :"لم تحدد الحكومة بعد استراتيجية واضحة حول كيفية معالجتها للتحديات الاقتصادية والمالية العميقة ، حتى عندما وصلت تونس إلى مستويات غير مسبوقة في عجز في الموازنة العامة للدولة وتدهور الخدمات العامة"
945 مليون دينار دعم مالي لتونس
عقدت لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس نواب الشعب جلسة يوم الاثنين 14 ديسمبر 2020 للاستماع الى وفد من البنك الدولي حول الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد التونسي. وخلال هذا الاجتماع اكد ممثلو البنك الدولي التزامهم بدعم الاقتصاد التونسي و قدوا في هذا الاطار توصيات تعلقت بالأساس بتعزيز الحوكمة داخل المؤسسات العمومية، تكريس الشراكة ما بين القطاع العام والخاص، تطوير القروض الصغرى و رقمنة الخدمات الادارية.
عبر ممثلو البنك عن التزامهم بدعم مسار اللامركزية من خلال ادماج الجهات التونسية في نموذج التنمية العادل :" نحن ندعم مسار اللامركزية في تونس و لقد غيرنا مقاربتنا في التعامل مع الحكومة التونسية واصبحنا نقدم الخبرة التقنية في مستوى مالي مع توفير التمويلات المناسبة "
و طالب الممثل المقيم للبنك الدولي بتونس، طوني فرهيجن خلال جلسة الاستماع داخل لجنة المالية بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تعهدت بها تونس منذ سنة 2018 الدولة و قال في هذا الخصوص :" تونس لم تستجب لتغيير المقاربة الادارية والاقتصادية في علاقة باقتصاد الريعي و حافظت على منظومة الرخص "
كذلك دعا الممثل المقيم للبنك الدولي الى التسريع في تنفيذ الإصلاحات الخاصة بالقطاع المالي القطاع و سن القوانين الخاصة بها من اجل تنفيذ الاتفاقات الخاصة بالدعم المالي و ذكر في هذا الخصوص بوجود :" 945 مليون دولار من الاعتمادات على ذمة تونس و هو مبلغ مالي تم رصده من قبل البنك الدولي لدعم الاقتصاد التونسي و لدعم الاستثمار و لم يتم صرفه الى حد الان " .
يواصل البنك الدولي دعمه لتونس في ظل تراجع النمو الاقتصادي و الصعوبات المالية التي تفاقمت بسبب انتشار فيروس كورونا و يخطط البنك خلال السنة المقبلة 2021 الى تنفيذ برنامج لدعم تونس حتى تتمكن من الصمود في مواجهة الكوارث في تونس و يعمل البنك على تنفيذ جملة من البرامج على غرار :" أداة تمويل البرامج، بقيمة 25 مليون دولار وتمويل مشترك من الوكالة الفرنسية للتنمية بقيمة 50 مليون دولار؛ ومشروع ممر التنمية الاقتصادية في تونس من خلال أداة تمويل المشروعات الاستثمارية بقيمة 200 مليون دولار ومشروع دعم قطاع الصرف الصحي على أساس الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص بتونس عن طريق أداة تمويل المشروعات الاستثمارية بقيمة 133.5 مليون دولار؛ ومشروع الإدارة المستدامة لأراضي الواحات في تونس من خلال أداة تمويل المشروعات الاستثمارية بقيمة 50 مليون دولار ، لكن تقديم المساعدات و تنفيذ البرامج و توفير الدعم المادي يبقى رهين الإصلاحات الاقتصادية و التي سبق و ان تعهدت بها الحكومات المتعاقبة منذ سنوات ، فهل ستفي تونس بتعهداتها ؟
رباب علوي
تعليقك
Commentaires