نبيل القروي رهينة احتجاز غير قانوني
قرّر اليوم 7 جوان 2021، رئيس حزب قلب تونس السجين نبيل القروي المُضرب عن الطعام منذ نهاية الأسبوع المنقضي، الإعتصام في مقر القطب القضائي الاقتصادي والمالي، وذلك رفضا منه لقرار إعادته إلى السّجن بعد إقرار التمديد في فترة إيقافه التحفظي منذ 5 ماي الماضي، وفق ما صرح به نزيه الصويعي عضو هيئة الدفاع عن القروي. وسانده في هذا الإعتصام نواب حزبه الذين قرّروا الإعتصام أيضا بمكتب قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي رفقة القروي مطالبين بالإفراج الفوري عنه.
نزيه الصويعي عضو هيئة الدفاع عن القروي أوضح أنّ سبب جلب القروي إلى القطب الاقتصادي والمالي اليوم فجأة ودون إشعار هيئة الدفاع بذلك، هو إعلامه باتخاذ قرار بتمديد إيقافه التحفظي، وكشف أنّ موكّله رفض إمضاء الإعلام بهذا التمديد، واعتبره بمثابة "المشاركة في التدليس، ومظلمة خاصّة أنّ الفصل 85 من مجلّة الإجراءات الجزائيّة ينصّ على الإعلام بتمديد فترة الإيقاف التحفظي قبل انتهاء الآجال". وأضاف أنّ القروي أعلن مواصلة إضرابه عن الطعام ورفض إعادته الى السجن، مشيرا إلى أن موكله أكد أنّ محاولة إرجاعه إلى السجن بالقوة هي مواصلة لـ"تعرضه للعنف على مدى ستة أشهر مع هضم حقوقه" وجدد الصويعي التأكيد أنّ موكّله في وضع احتجاز منذ انتهاء مدة الإيقاف التحفظي المقدرة بـ 180 يوما، قائلا انّه ''كان يتوجب الافراج عنه منذ يوم 5 ماي الماضي''.
كانت دائرة الإتّهام بتاريخ 2 جوان الجاري، قد قرّرت رفض مطلب الإفراج عن رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي وبالتالي قد قامت بنقض قرار قاضي التحقيق القاضي بالإفراج عن نبيل القروي بضمان مالي منذ يوم 10 مارس ليتم بعد ذلك إلغاء قرار الإفراج عن القروي بكفالة قدرها 10 ملايين دينار والإبقاء عليه في السجن بتهمة تبييض الأموال، وفق بطاقة الإيداع بالسجن الصادرة في حقه.
وكان الوكيل العام بمحكمة الإستئناف بتونس، قد استأنف قرار قاضي التحقيق الذي نص على الإفراج عن نبيل القروي مقابل دفع كفالة مالية قدرها 10 ملايين دينار تخصص للخزينة العامة للدولة ونقضت دائرة الإتّهام بالقطب القضائي المالي بمحكمة الاستئناف بتونس قرار الإفراج المؤقّت الصادر عن قاضي التحقيق في حقّ المتهمّ نبيل القروي وإبقائه تحت مفعول بطاقة إيداع بالسجن ليتم ارجاع الملف إلى قاضي التحقيق لمواصلة الأبحاث وختم البحث في الموضوع.
وتمّ إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقّ رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي منذ يوم 24 ديسمبر 2020، وكان قاضي التحقيق قد قرّر الإفراج عن نبيل القروي بتاريخ 24 فيفري الفارط مقابل توفير ضمان مالي جاءت به نتيجة الاختبار التكميلي الذي أجري في القضية التي تعلقت به، والمبلغ يُقدّر بـ 10 مليون دينار تخصص للخزينة العامة للدولة.
وكان حزب قلب تونس قد استنكر قرار عدم الإفراج عن القروي ووصفه الحزب بالقرار الغير قانوني ذلك أنّ مدّة الإيقاف التحفظي محدّدة بستّة أشهر أي 180 يوما ولا يمكن أن يزيد الإيقاف عن هذه المدّة بينما بلغت مدّة إيقاف القروي على ذمّة نفس الملفّ القضائي 202 يوما دون أن يصدر قرار بالتجديد. ودعا الحزبُ رئيس الجمهورية باعتباره الضامن للدستور وأحكامه ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة، الى "رفع المظلمة" والوقوف ضد تجاوز القانون، واعتبر المكتب السياسي لقلب تونس أنّ نبيل القروي يُعدّ سجينا محتجزا منذ 4 ماي 2021 خارج القانون، مطالبا بإطلاق سراحه دون انتظار.
حزب قلب تونس اعتبر أنّ ملف نبيل القروي هو قضيّة سياسيّة بامتياز وراءها أطراف تُصرّ على الإبقاء على القروي رهين السجن لمنعه من ممارسة حقّه المشروع في النشاط في الحقل السياسي، وكان رئيس كتلة قلب تونس، اسامة الخليفي قد وجّه أصابع الاتهام لرئيس الجمهورية قيس سعيد رأسا واتهمه بأنه يتلاعب بالقضاء لإبقاء القروي في السجن.
وكان أسامة الخليفي في ندوة صحفية لقلب تونس بتاريخ 27 ماي الفارط، أفاد أنّ نبيل القروي "سجين سياسي بامتياز'' واعتبره أوّل سجين سياسي بعد الثورة قائلا ''أُستُعمل ضدّه ملف ملفّق، ملف جاء عن طريق وشاية من قبل أطراف متسيّسة وخاضت غمارات عدّة في السياسة منها الإنتخابات الرئاسية''.
كما أنّ أنصار نبيل القروي وأعضاء حزبه اليوم في وقفتهم الإحتجاجية أمام القطب القضائي المالي مساندة منهم للقروي، أكّدوا أنّ القروي يتعرّض لمظلمة سياسية بامتياز وصرّح النائب عن الكتلة، الجديدي السبوعي أن النواب قرروا الاعتصام بمكتب قاضي التحقيق مطالبة بإطلاق سراح القروي الذين يعتبرونه محتجز خارج الأطر القانونية. وتابع قائلا "من خلال قضية الزعيم نبيل القروي نذكر بالاف قضايا المواطنين المودعين في السجون بصفة غير قانونية. القروي محتجز ومختطف خارج القانون، لن نخرج من القطب القضائي المالي إلا والقروي معنا، هذه مظلمة وفضيحة..."
وكما أشار مدير موقع بيزنس نيوز نزار بهلول في مقاله فإنّ الخوض في ملف نبيل القروي أمر حسّاس لأسباب مختلفة أولها أن طائفة كبيرة من الشعب تعتبر (سواء كانت محقّة أو لا) أنه مذنب. قد لا يكون موقوفا للأسباب التي كان يجب أن يحاكم لأجلها، لكنه مذنب. لا أحد نسي تلك "القوافل الإنسانية" التي ساهمت في الدفع بحزب قلب تونس إلى مقدمة الساحة السياسية والحصول على 416 ألف صوت في الإنتخابات التشريعية و36 مقعدا في البرلمان. نبيل القروي نفسه تحصّل على 525 ألف صوت في الدورة الأولى من الإنتخابات الرئاسية وأكثر من مثليون صوت في الجولة الثانية .. كما وظّف قناته "نسمة" التي تصدرت نسبة المشاهدة (في كثير من الأحيان)، للقيام بحملاته الإنتخابية في التشريعية والرئاسية. لولا جمعيته الخيرة "خليل تونس" ولولا قناة "نسمة"، لما أمكن لحزب قلب تونس ولنبيل القروي النجاح على الصعيد السياسي هذا أمر لا ريب فيه كما أن التهم الموجهة ضده لا يرقى إليه أي شك.
غير أن نبيل القروي ليس موقوفا من أجل هاتين القضيتين، فهو أصلا لم تتم متابعته قضائيا من أجل ذلك، نبيل القروي تلاحقه شبهة في تبييض الأموال والتهرب الضريبي وقد تم إيقافه لهذا السبب في المرة الأولى عام 2019 في أوج الحملة الإنتخابية وقد سجن لذلك. ثم في 24 ديسمبر 2020 .. إذا كان إيقافه في المرة الأولى مشبوها وتشتم منه رائحة تصفية الحسابات السياسية، فهذا لا ينطبق على إيقافه في المرة الثانية والذي تم استنادا لتقرير تقدّم به قاضي التحقيق، تقرير شككت في نزاهته هيئة الدفاع وكذلك أصدقاء اليوم (أعداء الأمس) أي النهضة وائتلاف الكرامة الذين يعتقدون جازمين بأن نبيل القروي بريء وبأنه محتجز سياسي.
بالنسبة إلينا في بيزنس نيوز فإنّ مبدأ العدل فوق كلّ المبادئ الأخرى، ونحن مقتنعون قناعة راسخة بأن العدل أساس كل شيء وبأنه دون عدل لا يمكن أن يتحقق ازدهار ولا يمكن الحديث أصلا عن مجتمع .. في غياب العدل تصبح الحياة مجرد غابة حيث يسود قانون الغاب.
حين نتأمل في ملف نبيل القروي وبقطع النظر عما إذا كنا مقتنعين بكونه مذنبا أو لا، نلاحظ وجود خرق واضح وجلي لستة فصول من الدستور..
"المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون من غير تمييز" (الفصل 21). "تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد وتمنع التعذيب المعنوي والمادي (الفصل 23).
"المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة تُكفل له فيها جميع ضمانات الدفاع في أطوار التتبع والمحاكمة" (الفصل 27).
"لا يمكن إيقاف شخص أو الاحتفاظ به إلا في حالة التلبس أو بقرار قضائي، ويعلم فورا بحقوقه وبالتهمة المنسوبة إليه، وله أن ينيب محاميا. وتحدد مدة الإيقاف والاحتفاظ بقانون" (الفصل 29).
"تعمل الدولة على نشر ثقافة حقوق الإنسان" (الفصل 39).
"تتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك". (الفصل 49)
هناك مبدأ آخر من مبادئ العدالة، ليس منصوصا عليه في الدستور لكننا مقتنعون بأهميته ويتمثل في أن الإيقاف يجب أن يكون هو الاستثناء والحرية هي القاعدة.
لنفترض أن نبيل القروي اقترف فعلا تلك الجرائم الاقتصادية التي يشتبه في ارتكابه لها، فهو يبقى "بريئا إلى أن تثبت إدانته" (الفصل 27 من الدستور).
ولنفترض أن نبيل القروي ليس سياسيا، فهل كان سيتم احتجازه في السجن ؟ لم نسمع من قبل بأن أشخاصا زُج بهم في السجن من أجل التهرب الضريبي، بما يجعلنا نعتقد بأن رئيس قلب تونس يقبع وراء القضبان فقط لأنه رجل سياسة .. في حين أن الفصل 21 من الدستور ينص على أن المواطنين والمواطنات "متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون من غير تمييز".
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires