alexametrics
الأولى

قانون المؤسسات الناشئة: من الحماسة إلى خيبة الأمل

مدّة القراءة : 3 دقيقة
قانون المؤسسات الناشئة: من الحماسة إلى خيبة الأمل

 

كانت صياغة مشروع قانون المؤسسات الناشئة والمصادقة عليه، مرفوقة بموجة من الحماس والتفاؤل، باعتباره قانونا ثوريا من حيث مسار إعداده ومضمونه.. لكن انطفأت تلك الحماسة وتلاشى ذلك التفاؤل، بسبب ما شاب عملية إسناد علامة مؤسسة ناشئة من تضارب في المصالح، حسب آراء أهل المهنة.


فما إن تم الإعلان عن إسناد علامة "مؤسسة ناشئة" ل 12 مؤسسة من قبل لجنة مختصة، حتى تعالت انتقادات عدد من مهنيي القطاع حول شبهة تضارب مصالح. فاللجنة كانت متكونة من 9 أعضاء وهم إلياس الجريبي (رئيس) وزبير التركي ونادر البحوري (يمثلان الدولة) وأمال سعيدان وخالد بالجيلاني ومحمد صالح فراد وزكريا بالخوجة (عن القطاع الخاص) ومحمد على الكيلاني وعلي منيف (خبراء).

مسألة تضارب المصالح تكمن في أن شركة "الخليج المتحد للخدمات المالية" هو مساهم في العملية، عبر تمويلات إستثمارية لفائدة 9 من المؤسسات التي أستندت لها علامة "مؤسسة ناشئة"، في حين أن المدير العام المكلف بتلك التمويلات يوجد من بين أعضاء اللجنة وهو محمد صالح مراد. يذكر أنه تم اختيار المؤسسات الناشئة وعددها 12 على إثر عملية فرز من بين حوالي 300 مؤسسة قدمت ملفاتها منذ البداية للحصول على هذه العلامة، تم اختيار 30 مؤسسة من بينها في مرحلة أولى، قبل الإبقاء على 12 مؤسسة ناشئة فقط في نهاية المطاف.

 

طيف كبير من أصحاب المؤسسات الناشئة الذين ساهموا في التحضير لتظاهرة "ستارت آب أكت" كانوا مغتاضين ومستائين جدا من تلك الشبهة الواضحة المتعلقة بتضارب المصالح، معتبرين أن كل ما قاموا به كان إهدارا للجهد والوقت بالنظر إلى أن المسار تم الإنحراف به في مرحلته الختامية.. حتى أن البعض رأى في ذلك تسوية إيديولوجية متورط فيها وزير تكنولوجيات الإتصال والإقتصاد الرقمي، أنور معروف. آخرون ربطوا عملية إسناد العلامة بترخيص أو مزايا مسندة من قبل الإدارة وهو ما يتعارض مع مبدأ المؤسسة الناشئة وهو ما يؤشر إلى عودة الممارسات البيروقراطية البالية.

 

خلال الجلسة الخاصة بالنظر في مشروع قانون المؤسسات الناشئة أمام البرلمان، كانت النائبة صابرين قوبنطيني نبهت إلى الثغرة التي يمكن أن يشكلها مسار إسناد العلامة وقد صرحت لبيزنس نيوز أن مؤسسة ناشئة ترتكز على التجديد ليست بحاجة إلى علامة، سيما إذا كانت مسندة من قبل لجنة تابعة لوزارة، حتى إن كان تضم من بين أعضائها كفاءات مشهود لها. كما أضافت أن التجديد بصفة عامة، لا يكون فقط تكنولوجيا وهو ما حاولت جاهدة الإشارة إليه منذ الشروع في النقاش حول مشروع القانون، موضحة أن اللوبي الموجود كان قويا إلى درجة استحال معها الإعتراض على المشروع. وقالت في هذا الصدد: "أعتقد أنه القانون الوحيد الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب دون القيام بأي تعديل أو تنقيح".

كما أثارت نقاط ضعف أخرى خلال الندوة المنعقدة بالبرلمان بحضور ثلة من أخل المهنة، لكن لا حياة لمن تنادي فقد ذهبت تلك الملاحظات أدراج الرياح ودفعت ضريبة الحماس الذي رافق المصالدقة على مشروع القانون.

 

على صعيد آخر يرى شق ثان في هذه الإنتقادات شيئا من القسوة والتجنّي من قبل من لم يقع اختيارهم لإسناد علامة مؤسسة ناشئة، في حين يطالب البعض بالمحافظة على المسار الحالي وعدم اقتصاره على المؤسسات الناشئة التي أسندت إليها العلامة. آخرون يعتقدون أيضا أن القانون يهدف إلى إبقاء تلك المؤسسات في تونس، خاصة وأنها أصبحت قوية وبالتالي فإن العلامة لن تضيف لهذه المؤسسات أي إضافة أو امتياز يذكر سواء لديمومتها أو نموها. لكن الأهم من كل هذا هو عدم إسقاط المشروع برمته فحتى إن كانت توجد ثغرة كبرى في مسار إسناد علامة مؤسسة ناشئة، فإن هذا القانون يبقى ثوريا وسيساهم في إحدث وتركيز وديمومة المؤسسات الناشئة. لا ننسى في هذا السياق أن من بين نقاط قوة الحكومة الحالية هو التشجيع على إحداث المؤسسات الناشئة والنهوض بمبدأ حرية إنشاء الشركات بصفة عامة.

عملية إسناد العلامة وهي آخر مرحلة في المسار الذي أرساه قانون المؤسسات الناشئة، أثارت الجدل بين المتدخلين والعارفين بشؤون القطاع لكن مع ذلك هذا لا ينقص شيئا من الطابع المجدد الذي يميز هذا القانون .. فقيمة النصوص القانونية ووجاهتها لا تقدّر أو تقاس إلا بالممارسة العملية. وهنا يدعو البعض إلى إعطاء الوقت الكافي لهذا القانون للتمكن من تقييمه بالشكل السليم وهو رأي صائب بشرط عدم عودة ممارسات من الزمن الغابر قد تشل هذا المسار برمّته.

 

(ترجمة عن النص الأصلي باللغة الفرنسية)

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter