alexametrics
الأولى

هل تحول مجلس النواب من ضمانة الى أزمة؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
هل تحول مجلس النواب من ضمانة الى أزمة؟

 

المناوشات لازلت متواصلة، الى حد كتابة هذه الأسطر تحت قبة البرلمان بين كتلة الدستوري الحر وأعضاء من كتلة قلب تونس بعد ان هاجمت عبير موسي بعض نوابه واتهمتهم بالرجوع في مواقفهم وتحالفهم المفضوح مع حركة النهضة، سبقها تلاسن حاد بين النائب أسامة الصغير ورئيس لجنة المالية عياض اللومي، سبقها اعتصام النائبة عبير موسي وكتلة حزبها المتواصل منذ ثلاثة أيام امام مكتب رئيس مجلس نواب الشعب ورفضها لجلسة مع رئيس المجلس قبل صدور اعتذار رسمي من كتلة حركة النهضة بعد ان وصفت النائبة جميلة الكسيكسي بعض نواب الدستوري بـ"الكلوشارات" و "الباندية" و اتهمتهم بالحنين الى أيام الدكتاتورية و الرغبة في تعطيل اعمال مجلس النواب لإفشاله.

 

رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي الذي استحال عليه الدخول الى مكتبه بالمجلس بسبب الاعتصام نقل اشغال مكتب المجلس الى قاعة أخرى بعد ان حاولت عبير موسي منع انعقاده وأكد ان المجلس سيتخذ الإجراءات اللازمة لفرض النظام وعقد الجلسات في كنف الاحترام.

 

بداية غير موفقة لأشغال مجلس النواب انطلقت منذ اليوم الأول برفض كتلة الدستوري الحر أداء اليمين بصفة جماعية وما رافق ذلك من نقاش حاد اثار عدة تساؤلات حول ما يخبئه المستقبل من احداث قد تعيد الى الذاكرة سيناريوهات التأسيسي ونجومه الذين كانوا نجوم الصفحات الأولى للجرائد ومادة دسمة للبرامج التلفزية.

 

الخلافات المستمرة بين نواب المجلس كانت منتظرة حتى قبل الانتخابات، وانطلقت منذ مداولات مجلس النواب السابق وتحديدا مع انقسام كتلة نواب نداء تونس حيث بدأ الخلاف بين كتلة يوسف الشاهد وكتلة النداء الذين تراشقوا التهم في ما بينهم، خلاف انعكس على المشهد السياسي ككل وزاده حدة تشبث أغلب القيادات التاريخية لنداء تونس بالترشح في الانتخابات التشريعية بقائمات خاصة سواء حزبية أو مستقلة عمقت التشتت الحاصل لدى الناخب وزادت في غضبه السياسي و جعلته يعاقب بعض الأسماء "الكبرى "بإقصائها فعلا من دائرة حساباته والتصويت لقائمات حزب قلب تونس دعما لرئيسه نبيل القروي .

 

ناخبو النهضة أيضا لم يكونوا في اقصى حالات السعادة السياسية بعد بروز خلافات عميقة بين شقيه التاريخيين، الصقور والحمائم، والتي بلغت أقصاها بعد الانتخابات الداخلية لاختيار رؤساء القائمات وتدخل المكتب التنفيذي فيما افرزه الصندوق بأبعاد أسماء وتعيين أخرى لم تحض بالقبول لدى القواعد، واستقالة الأمين العام زياد العذاري من أي مسؤولية صلب الحركة ووصفه للحبيب الجملي بعدم الاستقلالية وقربه الكبير للنهضة.

 

 هذا الخلاف النهضاوي اعتبره بعض الملاحظين عاديا بمناسبة اقتراب موعد المؤتمر الانتخابي للحزب وما سيشهده من تغيير على مستوى القيادة لكنه عزز بشكل أو باخر الانقسام الطاغي على المشهد السياسي ككل.

 

مهما كان الوصف الذي يمكن اطلاقه على المشهد السياسي في تونس وخاصة مجلس نواب الشعب لا يمكن الاختلاف حول عدم الرضا التام من مختلف مكونات الشعب سواء العامة او النخبة المثقفة على أدائه ومداولاته بل هناك من ذهب الى ان ما يحدث تحت قبة البرلمان زاد في توتير الجو العام في البلاد وهو ما أكده سبر اراء قام به معهد امرود وبين ان أكثر من 71 بالمائة من الشعب غير سعيد بأداء مجلس نواب وهو ما يحيلنا على ما ينتظر الحكومة القادمة من مصاعب خاصة في ضل الأغلبية غير المريحة التي من المتوقع ان تصوت للجملي فمجلس ضعيف و غير متجانس لا يستطيع ان يضمن أي دعامة سياسية للحكومة بل على العكس تماما يمكن ان يتحول الى نقطة ضعف قد تعطلها و تعجل برحيلها.

 

الانعكاسات السلبية لهذا الضعف قد بدأت تلوح قبل تشكل الحكومة فتشتت الأصوات جعل الجملي في احراج كبير وامام حرية مقيدة ان لم نقل منعدمة في اختيار الأسماء التي سيشتغل معها فكل الأطراف تقريبا رفعت الـ "لا الزمخشرية" أمام وجود أطراف معينة صلب الحكومة فتحالف الكرامة رفض رفضا قاطعا التواجد في حكومة أحد مكوناتها حزب تحيا تونس بينما ترفض النهضة التعامل الرسمي مع قلب تونس بينما تمسك التيار الديمقراطي بحقيبتي العدل والداخلية مما يجعل من المستحيل تقريبا تشكيل حكومة بأغلبية تتجاوز المائة والعشرين صوتا ان وجدت أصلا و هو ما يعني انها لن تستطيع التصرف بحرية أو اتخاذ قرارات موجعة و لازمة لإصلاح الأوضاع و تعديلها.

 

الحبيب الجملي نفسه أكد انه تسلم تركة ثقيلة وملفات حارقة تزيدها سوءا المؤشرات الاقتصادية الصعبة والارتفاع المتزايد في الأسعار وهو ما اعتبره البعض تبريرا مسبقا لأي فشل يمكن ان تعرفه الحكومة ومن الممكن ان يزيد في خوف المواطن التونسي من المستقبل الذي يعتبره الكثيرون مجهولا ولا يبشر بالخير.

 

ربما هذه العوامل وغيرها هي التي عززت حالة الغموض و التخوف لدى نسبة كبيرة من التونسيين الذين يعتبرون المشهد غير واضح وغير مطمأن في الان نفسه وبينتها مختلف نتائج سبر الآراء التي اكدت حالة عدم الرضا هذه.

 

حسام بن أحمد

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter