في عيد الحب : تونس تحتاج إلى الحب
يحتفل العالم يوم 14 فيفري 2019 بعيد الحب، هذه المناسبة التي أصبح التونسي يوليها اهتماما كبيرا إذ أنّ هناك من يخصّص لها ميزانية خاصة، ومن ناحية أخرى هي فرصة لأصحاب المحلاّت التجارية والمقاهي فيستغلّها الكثيرون ويخصّصون عروضا تجارية للمحتفلين بهدف جلب أكثر عدد ممكن من الحرفاء.
أضحى عيد الحب تقليدا لدى بعض الفئات لا سيما شريحة الشّباب والمقبلين على الزواج وحتّى المتزوجين، حيث بات إهداء الورود أمرا شائعا في هذه المناسبة التي تنشط فيها تجارة الزهور حيث ترتفع سعر الوردة الواحدة حسب النّوع والجودة وأصبحت تباع في المواقع الالكترونية وبأسعار خيالية، وأكد كل التجار أن المبيعات ترتفع بشكل ملحوظ في عيد الحب بالإضافة إلى شراء الدباديب وتزييتها ولفها بشكل جميل.
كذلك تشهد محلات العطورات إقبالا جيدا على هامش عيد الحب من أجل شراء أفخر أنواع العطر وتقديمها في شكل هدايا في عيد الحب واختارت بعض المحلات تخفيض الأسعار في هذه المناسبة من أجل حث كل المحتفلين بهذا العيد على إعماد العطر كهدية وأكد أغلب التجار أن المبيعات ارتفعت نسبيا مقارنة بسائر الأيام، نفس الشيء بالنسبة لمحلات مواد التجميل التي شهدت إقبالا كثيفا من الشبان الذين خصصوا ميزانية خاصة لشراء هذا النوع من الهدايا.
وتصدرت الشوكلاطة بجميع أنواعها الفاخرة والعادية نسبة المبيعات بمناسبة عيد الحب في المغازات الكبرى والمحلات التجارية التي شهدت إقبالا كثيفا من أجل شرائها ووضعها في علب فاخرة من أجل تقديمها كهدية في هذه المناسبة.
أغلب المحلات التجارية والمغازات الكبرى وحتى المقاهي والنزل عرفت تقدما ملحوظا في نسبة الأرباح في هذه المناسبة ما عدى محلات بيع المصوغ التي لم تتغير فيها نسبة المبيعات مقارنة بالأيام العادية.
رغم أن عيد الحب مثل فرصة لعديد المحلات التجارية والمغازات الكبرى من أجل تطوير مبيعاتها وجني بعض الأرباح إلا أن الجميع أجمع أن هذه السنة شهدت تراجعا كبيرا مقارنة بالسنوات السابقة في نسبة الإقبال على شراء الهدايا والمبيعات ونسبة الأرباح وذلك نظرا لارتفاع الأسعار وتضاعفها تقريبا وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن مقارنة بالسنوات الماضية بعد الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس منذ الثورة بالإضافة إلى تراجع الدينار الذي أثر على أسعار المواد المورّدة وارتفاع نسبة التضخم.
وتختلف طريقة الإحتفال بعيد الحب حسب الأجيال، فالجيل القديم الذي كان يحتفل بهذا العيد يعتبره فرصة للتعبير عن ما يكنون من حب لكل أحبائهم دون الحاجة إلى الهداية المكلفة وباهظة الثمن في لأن الغاية من هذا العيد هو إضفاء الشعور النبيل بالحب وتعميمه في حين أن البعض يرى بأن الحب لا يحتاج إلى عيد، أما أغلب الشباب فيتسارع إلى شراء الهدايا وبرمجة يوم خاص للإحتفال بهذه المناسبة التي بدأت تدخل تدريجيا ضمن الثقافة التونسية.
لكل طريقته الخاصة في الإحتفال بعيد الحب بين الهدايا الثمينة والرسائل والصور والبطاقات، لكن هناك هوّة كبيرة بين طبقات المجتمع لأن ضعاف الحال تقريبا لم يعد يعنيهم الإحتفال عموما بقدر تحسين وضعيتهم الإحتماعية ورغم أن عيد الحب قد لا يحتاج إلى تكاليف كبيرة إلا أنه شبه غائب عند أغلب الطبقات الفقيرة وبقي حكرا فقط على ميسوري الحال خاصة في الجهات الداخلية.
ليس العامل الاجتماعي فقط يؤثر على الإحتفال بعيد الحب في تونس لأن هناك الكثير ممن يعتبرونه ثقافة دخيلة ويجرمونه ويعتبرونه تقليدا للغرب ولا يمت بصلة لعاداتنا وتقاليدنا في حين أن عيد الحب يرمز للتعايش السلمي بين كل أفراد المجتمع والغاية منه نبيلة في عمقها ويعود سبب الاحتفال بعيد الحب إلى إحياء ذكرى القديس فالنتاين، حيث يعتقد أن القديس فالنتين عاش في عهد الإمبراطور كلوديوس، وقد سجن وأُعدم بسبب عصيانه لأوامر الإمبراطور التي تتمثل بمنع زواج الشباب حتى يتفرغوا للعمل بشكل كامل في الخدمة العسكرية، فلم يستجب فالنتاين لهذه الأوامر وعمل على تزويج الشباب وإقامة مراسم الزفاف، ويُقال أيضاً أن فالنتاين وقع في حب فتاة صغيرة كانت تقوم بزيارته أثناء سجنه، ويعتقد بأنها كانت ابنة السجان، وأرسل لها قبل إعدامه رسالة موقّعة بعبارة من فالنتين الخاص بك، ولا يوجد أدلة تبّين حقيقة هذه القصة، ولكنّها جعلت منه بطلاً يمثّل الرومانسيّة والمأساة.
أظهر التونسيون أيام ثورة 14 جانفي الكثير من الحب لتونس ولبعضهم البعض حتى أنهم أبهروا جميع بلدان العالم بما أظهروه من تحضر فاق ما حققته بعض البلدان المتقدمة ولكن هذه الصورة الجميلة الناصعة البياض سرعان ما شوهتها التجاذبات السياسية والكشف عن المطامع الحقيقية لبعض السياسيين إضافة الى تفشي الارهاب بسبب تواطؤ بعض الاطراف الداعمة له او التي تغض الطرف عنه وإنتشار فكر أعداء الحياة وكذلك إنتشار الفساد والفاسدين، فما أحوجنا اليوم للحب بكل ما يختزله من معاني ومنها خاصة الشعور بالأمان العطاء اللا مشروط والنظرة الايجابية للحياة والعمل والحفاظ على النمط المجتمعي التونسي الفريد من نوعيه بقطع النظرعن علاقة تونس بالاحتفال بهذه المناسبة.
أحمد زرقي
تعليقك
Commentaires