alexametrics
الأولى

في حوار مع الممثل المقيم للبنك العالمي، توني فرهايغن: "نواجه بعض المشاكل في تونس"

مدّة القراءة : 9 دقيقة
في حوار مع الممثل المقيم للبنك العالمي، توني فرهايغن:

 

ليس من عادات البنك العالمي إطلاق صيحة غضب بشأن تعامله مع بلد ما. ومع ذلك هذا هو الحال بالنسبة إلى تونس وهو ما استخلصناه من الحوار الذي أجريناه مع توني فرهايغن، الممثل المقيم للبنك العالمي في تونس. فالبلاد لا تستغل الإعتمادات المرصودة لها ولم تحقق أي خطوة في ما يتعلق بالمشاريع المستقبلية دون الحديث عن دور الإدارة التونسية والمناخ السياسي العام. 

 

سؤال: كيف تقيّمون التعاون القائم بين البلاد التونسية والبنك العالمي؟

 

توني فرهايغن: في حقيقة الأمر هناك بين البنك العالمي وتونس علاقة من نوع خاص.. فمستوى التمويل الذي وفرناه لتونس منذ 2011، يفوق ما يتم رصده عادة لبلد في الحجم الإقتصادي لتونس فقد وضعنا على ذكة الحكومة التونسية 6ر4 مليار دولار منذ 2011 وهذا أمر استثنائي، لأننا نعتبر أن تونس وكل المسار الذي قطعته منذ 2011 رصيدا إيجابيا يحسب لفائدة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فهي البلد الوحيد في هذه المنطقة الذي حقق تحولا ديمقراطيا ناجحا لذلك نحن واعون بأنه من أجل إنجاح إنتقال سياسي وديمقراطي لا بد من النجاح في الإنتقال الإقتصادي. وقد خبرنا هذا من بعض التجارب في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى حيث فشل الإنتقال الإقتصادي وهو ما قوّض عملية الإنتقال السياسي ولهذا السبب نحرص على مواصلة مساندة تونس وهو ما يجعل من هذه العلاقة خاصة جدا ومميزة من الجانبين.  

 

سؤال: ماهو رأيكم في ما تحقق بالفعل وما كان بالإمكان إنجازه؟ 

 

توني فرهايغن: على هذا الصعيد اعترضتنا مشكلتان، باعتبار أن 8ر2 مليار دولار من التمويلات المرصودة بعنوان دعم ميزانية الدولة تهدف عادة إلى المساهمة في الإستقرار الإقتصادي لبلاد تمر بوضع إنتقالي (وهو إجراء وقتي وظرفي) وكذلك دعم التمويلات.

 

فبخصوص المساهمة في استقرار الإقتصاد التونسي خلال فترة أزمة مثلما كان الحال في 2012 و2016 و2018، حين تم تسجيل زيادة سريعة في سعر المحروقات، توفقنا في تعبئة الموارد المالية للبنك العالمي وشركاء آخرين، في شكل دعم للميزانية وهو ما ساهم في تحقيق الإستقرار للإقتصاد الوطني. إلا أن تأثير هذا الدعم الموجه للميزانية لم نلمسه من خلال الإصلاحات الإقتصادية وذلك لثلاثة أسباب.

 

أولا الإقتصاد التونسي غير مندمج بما يكفي في الإقتصاد العالمي ويفترض أن يكون أكثر اندماجا فتونس تعد بلدا صغيرا مقارنة بدول أوروبية من نفس الحجم وهي بلدان مندمجة بقوة في الإقتصاد العالمي. كما أن النجاح الإقتصادي لبلد في هذا الحجم مرتبط بكيفية تعامل هذا البلد من أجل الإندماج في الإقتصاد العالمي لأن السوق المحلية صغيرة جدا لجلب الإسثمارات الخارجية. وهنا لم نتوفّق لأن الإقتصاد التونسي تسيطر عليه الشركات ذاتها التي كانت مسيطرة في الماضي.. فالمستثمرون لم يتغيروا وكذلك أصحاب الشركات التونسية كما أننا لم نشهد بروز منوال اقتصادي جديد بسبب نقص الاندماج في الاقتصاد العالمي. 

أما الجانب الثاني الذي لم يعرف النجاح المرجو فهو تطوّر المؤسسات العمومية. ونحن هنا لا نتحدث عن الخوصصة وإنما عن تحوّل يشمل المؤسسات العمومية حتى تعمل بعقلية تجارية. فحتى إن كانت على ملك الدولة فهذا لا يعني أنها لا تكون تجارية. والآن نلاحظ الخطر المتنامي في علاقة بالمشاكل المالية للمؤسسات العمومية على غرار الخطوط التونسية وشركة النقل والستاغ والصوناد وغيرها.. لذلك فإن الجهود التي بذلت في مجال دعم الميزانيات لمساندة إصلاح المؤسسات العمومية لم تحقق النجاح المأمول ونجد أنفسنا اليوم أمام وضعية فشل تقريبا. حققنا نجاحا إيجابية أفضل في الإجراءات المتصلة بالشفافية وإحداث المؤسسات الديمقراطية وغيرها من الهياكل المدعومة من قبل شركاء آخرين لأن البنك العالمي ليس مؤسسة عمومية. فقد ضيّعنا نسبيا فرصة دعم تونس في الإصلاحات الهيكلية. على الشركاء والحكومة التفكير مع الحكومة الجديدة لماذا وصلنا لهذه الوضعية وما الذي يتوجب القيام به حتى لا تقع مجددا في الفخ ذاته خلال السنوات المقبلة لأنه لا مجال لإضاعة مزيد من الوقت. فالوضع الإقتصادي سيكون حرجا للغاية في 2020 و2021 لذلك من غير المسموح إضاعة المزيد من الوقت. كما يمكن الحديث لاحقا عن الإستثمار لأننا وفرنا 1،8 مليار دولار لفائدة مشاريع استثمارية. كما أننا اليوم في وضعية حرجة نظرا لتعطّل هذه المشاريع بسبب عجز الحكومة رغم وجود اعتمادات كبيرة للغرض. 

 

سؤال: قبل الحديث عن الإستثمار علينا التوقف عند ملف المؤسسات العمومية. حسب رأيكم ماهي المعوقات الحقيقية الماثلة أمامها؟. 

 

توني فرهيغن: إنها مشكلة حوكمة في المقام الأول فالمؤسسات العمومية لا تتمتع بالإستقلالية وبالتالي فهي تعمل تنفيذا لتعليمات الحكومة. إذا كان المدير التجاري لشركة الخطوط التونسية يتحدث عن الخطوط التي يجب أن تؤمنها الشركة فهذا يعني أن الأمر يتعلق بتعليمات من الحكومة وليس باعتبارات تجارية. هناك اعتبارات تجارية ولكن أيضا هناك اعتبارات سياسية لا علاقة لها بالعملية التجارية للخطوط التونسية. إذا ننظر لمجالس الإدارة للمؤسسات العمومية نلاحظ أنها تتكون من موظفين وليس من خبراء أو شخصيات لها خبرة وكفاءات في مجال التصرف في الشركات الكبرى أي لدينا مجالس إدارة إدارية وليست استراتيجية وفي الأخير هناك مسألة استخلاص الدفوعات المرتبطة  بالشركات والأفراد والأسر والتي لم تعد تتم بالشكل المطلوب إلى جانب التعريفات التي توجد بعيدا عن نسبة تغطية الاستخلاص. كل مؤسسة عمومية لديها خسائر أي إذا كانت الصوناد لا تربح ما يكفي من المال لخلاص الستاغ فإنها لن تسدد ديونها نحوها وبالتالي ستواجه الستاغ صعوبات مالية مما يفاقم حجم الديون بين المؤسسات العمومية وهذا أمر في غاية الخطورة وقد لاحظناه في العديد من البلدان الأخرى.

 

سؤال: إذا أخذنا ملف المؤسسات العمومية مقارنة بمجمل الإقتصاد التونسي فماهو تأثيره إذا تواصل الوضع الراهن؟. 

 

توني فرهايغن: للأسف لم يتم القيام بتحليل معمّق للوضع. يجب رؤية الكلفة المباشرة أي الدعم والتحويلات المباشرة للدولة. ولكن هناك أيضا الجانب غير المباشر والمتمثل في كون المؤسسات العمومية لا تسدي خدمة ذات جودة وبالتالي لا تستقطب الاستثمارات. هناك أيضا الديون في ما بين المؤسسات العمومية وإذا حسبنا المجموع وكذلك الكلفة المباشرة وغير المباشرة لعمل المؤسسات العمومية اليوم، أخشى أن أن نتجاوز المليارات. 

 

سؤال: نمرّ الآن لملف الإستثمار ماهي المعوقات التي سجلتموها خلال فترة عملكم في تونس؟. 

 

توني فرهايغن: تونس كانت بلدا ناجعا جدا في مجال تنفيذ المشاريع. القواعد التي نعتمدها في البنك العالمي تتمثل في أن المشروع ينجر في ظرف خمس سنوات تقريبا. كانت تونس منذ عقود تقترض بالخصوص من أجل إنجاز مشاريع للإستثمار في البنية التحتية وقد نجحت البلاد في ذلك. 

 

تونس لم تعد تستهلك سوى نصف ما يفترض أن تستهلكه لتنفيذ المشاريع في الآجال المحددة. وهذا الأمر يسوء أكثر فأكثر لأن مقاربة البنك العالمي تغيرت منذ 2015 وقد ركزنا على المشاريع المجددة التي تهدف إلى خلق مواطن الشغل وتطوير اقتصاد ذي قيمة مضافة عالية عوضا عن اقتصاد ذي قيمة مضافة منخفضة وعلى تونس أن تغير من هذا الواقع إذا كانت ترغب في أن تصبح اقتصادا مندمجا في الإقتصاد العالمي عبر توفير الفرص للشباب ولكل الفئات. هذه المشاريع يتم إنجازها عبر مجامع التنمية الفلاحية التي تقيم علاقات مع الشركات من أجل إنجاز المنتوجات وإسداء الخدمات ذات القدرة التنافسية في الأسواق الأوروبية من خلال منتوجات يمكن بيعها بأثمان باهضة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا وتصنع في تونس عوض تصديرها بالتفصيل أو بالجملة ليتم تحويلها لاحقا في أوروبا.

 

لدينا أربعة مشاريع تمت المصادقة عليها خلال السنوات الأربع الماضية وكلها تتوفر على القيمة المضافة. كل مشروع منها يعاني حاليا من الصعوبات. أولا هناك سوء تقدير من قبل الإدارة لمثل هذا النوع من المشاريع فالموظفون متعودون على مشاريع البنية التحتية وليس مشاريع مجددة يبقى تمويلها غير ملموس. كلما نتحدث عن التحويلات أو عن مجامع التنمية الفلاحية فإن نتحدث عن قدرات تقنية وعن تمويلات عمومية للقطاع الخاص .. هناك تعطيل على مستوى الإدارة لأنه لا يمكن استخدام المال العمومي لهذا الغرض حتى وإن كان الحكومة أمضت اتفاقات مع البنك العالمي لتنفيذ مثل هذه المشاريع. فالإدارة لا تعمل لمصلحة أهدف تلك المشاريع.

 

الموظفون لم يعودوا يجرِؤوا على المخاطرة في الوضع الراهن لأسباب نعلمها جيدا كما أن منظومة المرقابة في تونس لا تستوعب لماذا يمكن التعهد بمثل هذه المصاريف. هناك عقلية رافضة لمثل هذه المشاريع حتى وإن كانت الحكومة موافقة عليها وصادق عليها البرلمان. لسنا الوحيدين الذين نتعرض إلى مثل هذا الإشكال فالإتحاد الأوروبي وبقية الشركان لديهم نفس المشكلة لذلك يجب تغيير العقلية بخصوص تنفيذ المشاريع الإستثمارية، لأن هذا مكلف للدولة التونسية التي عليها أن تدفع المال نظير تعهداتها.

 

فإذا لا تستخدم الاعتمادات المرصودة فإن السكان يعانون بشكل مضاعف نظرا إلى أن المال لن يصلهم وسيدفعون من خلال ميزانية الدولة تكلفة ما لم يتم استهلاكه من اعتمادات مرصودة. المشكل الحقيقي الذي نواجهه هو أننا لا نستطيع بلوغ الهدف الذي وضعناه مع الحكومة في سبيل إنجاز هذه المشاريع التي نؤمن بجدواها والتي قد يكون تأثيرها إيجابيا على الإقتصاد التونسي وعلى الجهات الداخلية للبلاد والتي تفتقر للفرص وللتنمية.

 

سؤال: في الأوساط الحكومية، يُقال في الكواليس إن كل مشروع يدعمه البنك العالمي وصندوق النقد الدولي يصبح معنيا به من قبل وزارة أو اثنتين أو حتى أكثر من ذلك ومن هنا يأتي التعطيل. فهل تعرضتم إلى مثل هذه الوضعية؟

 

توني فرهايغن: كل المشاريع المنجزة تمر حتما عبر وزارة التنمية والتعاون الدولي باعتبارها تتولى التخطيط لعملية الإستثمار العمومي وتحديد الأولوية في التمويل بالنسبة إلى مؤسسات مثل البنك العالمي. وزارة المالية أيضا لها كلمتها بخصوص استخدام موارد الميزانية لأن القروض التي يمنحها البنك العالمي هي موارد تابعة للميزانية في نهاية المطاف وبالتالي هناك دائما ثلاثة أطراف هي وزارة التنمية ووزارة المالية ودائرة مراقبي الدولة أي نحن أمام 5 أو 6 هياكل بالنسبة إلى كل مشروع حتى وإن تعلّق الأمر بمشروع فلاحي صرف.

 

وهذا يساهم في تعقيد الوضع، لكن هناك أيضا مشاريع تمكنت من حل مثل هذا النوع من المشاكل إذ توجد مشاريع تقليدية للبنية التحتية لم نعترض لمشاكل بخصوصها لأن الدولة التونسية تدرك كيف تتصرف معها ولكن حين نأتي بأفكار ومفاهيم ومقاربات خارجة عن الإطار العادي والتقليدي فإن المسائل تتعقد وتتعطل الأمور لأن لا أحد يجرؤ على المخاطرة أو على اتخاذ القرارات اللازمة.

 

سؤال: هل تعتقدون أنه في صورة تواصل هذا النوع من العراقيل أمام المشاريع المجددة، فإن البنك العالمي قد يغير سياسته في التعامل مع تونس أو على الأقل التقليص من نسق الجهد الإستثنائي الذي قام به البنك منذ 2011؟ 

توني فرهايغن: أعتقد أنكم استمعتم إلى نائب رئيس البنك العالمي يؤكد في مناسبات عدة أن هذه المؤسسة لتواصل دعمها ومساندتها لتونس. البنك العالمي لا يعتزم البتة تغيير سياسته تجاه تونس. ما قد يحصل فعلا هو التفكير في ما يمكن فعله لفائدة تونس في إطار المقاربة التي أصبحنا ندرك معالمها. نحن نرغب في أن تتجه التمويلات نحو مشاريع يرتكز عليها مستقبل تونس مثل المشاريع الموجهة للشباب والمشاريع الفلاحية ذات القيمة المضافة العالية أو المشاريع التكنولوجية.

 

تونس لديها كل عوامل النجاح ولكنها تفتقر للتمويل وللخبرات ولآليات إنجاز المشاريع. لدي مخاوف إزاء عدم القدرة على مواجهة الصعوبات التي عرفناها خلال السنوات القليلة الماضية .. هناك تيّار داخل البنك العالمي قد يقترح القيام بجهود أقل طموحا لكنني أعتقد أن تونس بحاجة للطموح والإبتكار والتجديد لأنه في صورة انعدام ذلك قد لا تخرج البلاد من الوضع الراهن ونحن كشريك لتونس نريدها أن تنجح في ذلك وأن تخلق الثروة لشعبها وخاصة فئة الشباب.

 

سؤال: كشريك لتونس ماذا أعدّ البنك العالمي لتجاوز هذه الصعوبات؟ كيف يمكن لتونس أن تستثمر وتستغل كل الفرص التي يتيحها البنك؟.

 

توني فرهايغن: هناك أمور كثيرة يمكننا فعلها إلى جانب تغيير الإجراءات المعمول بها حاليا مثل البرامج وأساليب التعامل مع المشاريع لأنها تضيع الكثير من الوقت. أعتقد أنه بإمكاننا بلورة برنامج استعجالي من خلال عقود النجاعة. صادقت تونس على قانون أساسي يتعلق بالميزانية ويرتكز على النجاعة فلماذا لا يتم استثماره وتوظيفه لتيسير إنجاز المشاريع بأكثر حرية ونجاعة والتخلص من العراقيل التي تعطل تنفيذ المشاريع واعتماد اتفاق نجاعة بين وزارة المالية ووزارة التنمية والوزارة القطاعية دون اللجوء إلى عمليات المراقبة التي ترهق كل الذين يريدون تطوير هذا المشروع. البرنامج الإستعجالي يرتكز على النجاعة وتحرير الوزارات من الرقابة طبعا مع احترام مؤشرات النجاعة من قبل تلك الوزارات.

 

وزارة التنمية السابقة كانت اقترحت تجميع بعض المشاريع في برنامج استعجالي تتولى تنفيذه هيكلية أفقية وهذا ممكن حتى وإن كانت لنا تجارب مختلطة في بلدان أخرى بمقاربات شبيهة لهذه مكنت من تجاوز الإدارة التقليدية وهذا ليس دائما ما يجب فعله.

 

بالنسبة إلينا اعتماد مقاربة تقوم أكثر على اللامركزية وتحمل المسؤولية للوزارات وتعمل ليس على مراقبة المصاريف أو كل فئة وإنما بالإعتماد على مؤشرات النجاعة التي تمنح للوزارة حرية وصلاحية تنفيذ المشاريع التي تمر بصعوبات حاليا.

 

سؤال: حسب رأيكم إلى أي حد أثّر عدم الإستقرار السياسي، الذي مرت به تونس خلال السنوات الأخيرة بالخصوص، على هذا المسار برمّته أو أنهما مساران منفصلا كليا؟.

 

 

توني فرهايغن: شهدنا عدم الإستقرار السياسي في كثير من البلدان وهو لا يتجسد وجوبا في نقص إنجاز المشاريع التنموية. ما سجلناه في تونس هو الجانب الأقصى من تأثير عدم الإستقرار السياسي على العمليات الإدارية التي عطلت الإدارة في التنفيذ، لكن هناك إدارات وموظفون يتحملون مسؤولية تعطيل عملية إنجاز مشروع ما لأنهم ينظرون أولا لما ستكون عليه ردة فعل السلطة السياسية .. هل عليهم اتخاذ القرار ؟ ماهو الخطر الذي قد ينجر عن اتخاذ مثل ذلك القرار؟ لذلك فإن ردة فعل الإدارة التونسية كانت متطرفة نوعا في هذا الصدد.

 

 
سؤال: هناك حكومة جديدة بصدد التشكل فما هي الرسالة التي قد ترغبون في توجيهها إلى رئيس الحكومة المقبل في علاقة بالتعاون بين تونس والبنك العالمي؟

 

 

توني فرهايغن: أولا لا بد من النظر إلى الإصلاحات الهيكلية وما يمكن القيام به خلال الأشهر الستة الأولى من عمل الحكومة وماهي الإجراءات التي قد يعتبرها التونسيون تحركا إيجابيا وردة فعل إزاء على مدة الحكومة التي سبقتها وكذلك رئيس الجمهورية الذي استقبل بعض الوفود من الجهات الداخلية .. يجب إقرار الإصلاحات الكفيلة بإعادة الثقة بين الشعب والطبقة السياسية والحكومة.

 

لذلك يجب تعميق التفكير حول هذه المسألة وخاصة الإجراءات الإجتماعية والإقتصادية. ماذا يمكن فعله لتعديل الميزان الجبائي وميزانية الدولة عموما ولكن أيضا اتخاذ إجراءات عاجلة كفيلة بخلق مواطن الشغل باستخدام الموارد الإستثمارية المتاحة. يمكن مراجعة بعض المشاريع والتقليص من حجمها إذا كانت غير ملائمة وبالتالي توظيف المالي المتبقي في مشاريع أخرى وإعطاء الأولوية في الإستثمار للمشاريع التي تحددها الحكومة.. أي يجب توخي شيء من المرونة والتحلي بالعزيمة في إعادة النظر في بعض الإستثمارات المرصودة للمشاريع الحالية. لكنني أعتقد أنه يجب منح الأولوية للجهات الداخلية والمساهمة في صياغة منوال اقتصادي مختلف عن المنوال الحالي والذي نعتبر أنه قديم وتجاوزته الأحداث.

 

سؤال: عادة ما يتحفّظ البنك العالمي في ما يتعلق بما يحدث في تونس وعلاقته بالحكومة.. فكيف تردون على الإتهامات الموجهة إليكم على اعتبار أن البنك العالمي يملي سياسته على الحكومة التونسية وغيرها من المؤسسات؟.

 

توني فرهايغن: المشاريع التي قمنا بتمويلها نظر فيها مجلس الوزراء ثم صادق عليها قبل أن تحال إلى البرلمان الذي يناقشها ثم يصادق عليها بدوره لذلك فإن كل ما قمنا به تم بالإتفاق مع الحكومة. فالبنك يموّل المشاريع ذات الأولوية وفقا للحكومة ونحن نساهم في بلورة هذه المشاريع بفضل ما يتوفر لدينا من خبرات.. لذلك أعتقد أنه حين نعود إلى اعتماداتنا المخصصة للإستثمار لن تجدوا ما يتعارض مع مصلحة الشعب التونسي سواء تعلق الأمر بتعصير منظومة التعليم العالي أو الإستثمارات في مجال التربية أو بعنوان الإندماج الإقتصادي للشباب التونسي وتطوير منظومة استغلال الموارد الطبيعية والغابية والفلاحية وكذلك تطوير الواحات إلى جانب المشاريع الرامية إلى تحقيق النمو الإقتصادي والإجتماعي في تونس.

 

في ما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية، نقترح تحرير الإقتصاد من أجل جلب الإستثمارات والخبرات الخارجية إلى تونس، بالإضافة إلى المبادرات التي ندعمها من خلال المشاريع حتى تنعكس على ديمومة النمو الإقتصادي التونسي ولاسيما في الجهات الداخلية للبلاد.

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter