alexametrics
الأولى

في ذكرى اغتيال حشاد: هل حافظ اتحاد الشغل على نهج مؤسسه؟

مدّة القراءة : 2 دقيقة
في ذكرى اغتيال حشاد: هل حافظ اتحاد الشغل على نهج مؤسسه؟

ولد الزعيم النقابي فرحات حشاد يوم 02 فيفري 1914 بجزيرة قرقنة .

يعتبر الشهيد حشاد أحد أهم رجالات الحركة الاستقلالية في تونس وقد لمع نجمه إثر تأسيسه للاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946 فاكتسب شعبية عارمة بين الطبقة العاملة التونسية.

تميز فرحات حشاد عن زملائه بالسلوك الحسن والمعاشرة الطيبة بين أقرانه وكان حبه لوطنه وشعبه وتمسكه بهوية البلد سلوكا وخصالا تركت أثراً طيباً على الناس ومن يحيطون به وتجلى ذلك في المناشير والمقالات والمراسلات، لكن قلمه عوّض النقص اذ تميز بأسلوبه السيّال بالنضال وبمشاعر الوفاء والحب للشعب والوطن مما جعل الناس والعمال تلتفّ حول الرجل. هذه الشعبية التي سيطرت على نفوس المواطنين التونسيين حركت غرائز الحقد في المستعمر بعد أن تيقنت فرنسا أن الرجل لن يكون متعاوناً معها أو ملبياً لطموحاتها أو مفاوضاً خنوعاً لها.

في خضم انفجار حركة مقاومة مشهودة من التونسيين في مواجهة فرنسا ونفي كبار الزعماء في الحركة الوطنسة أو سجنهم ، عَجَزَ الفرنسيون عن سجن فرحات حشاد لنوع من الحصانة اكتسبها في الأوساط النقابية العمالية في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الحر ، و لكف ضرره أو ما كانت تعتبره كذلك أوحت إلى مجموعة تأتمر بأوامر الفرنسيين بالقيام باغتياله وهو ما تم فعلا، فاغتيل على يد عصابة من الفرنسيين المقيمين بتونس "اليد الحمراء"  بالضاحية الجنوبية لتونس العاصمة يوم  05 ديسمبر 1952 .

فرحات حشاد جعل الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة ذات بعد وطني تهتم بكافة القضايا الوطنية وتساهم في استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية في تونس مما جعل الاتحاد في عهده الراعي الرسمي لحركات المقاومة الوطنية وتحقيق الاستقلال.

تعيش البلاد منذ أشهر على وقع الأزمة القائمة بين اتحاد الشغل والحكومة حول مفاوضات الوظيفة العمومية والتي أدت إلى تنفيذ اضراب عام في الوظيفة العمومية لأول مرة في التاريخ. أزمة ألقت بظلالها على الشأن العام وتهدد بإرباك العمل الإداري حيث لم يقع التوصّل الى حلول بين الحكومة واتحاد الشغل حول الزيادة في أجور الوظيفة العمومية وهو ما أدى الى اقرار الاضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام يوم 17جانفي المقبل.

أصبحت ‏الحكومة غير قادرة على تنفيذ الطلبات المالية للموظفين العموميين بحكم صعوبة وضعية المالية العمومية وضغوطات صندوق النقد الدولي التي تفرض التخفيض من كتلة نفقات الأجور في تونس، بينما يرى الاتحاد العام التونسي للشغل أن المقدرة الشرائية للموظفين العموميين العمود الفقري للطبقة الوسطى في تونس لم تعد قادرة على تحمل تجميد الاجور.

أمام ما يشهده الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم من صراع مع الحكومة الحالية حول المفاوضات الاجتماعية في الوظيفة العمومية و تنفيذ أول اضراب عام في تاريخ هذا القطاع و إعلانه عن اضراب عام في القطاع العام والوظيفة العمومية يوم 17 جانفي المقبل.

في ظل هذه الوضعية المعقّدة لم يبق أمام الحكومة غير حلّ التعبئة المالية الإضافية لتوفير مبالغ الزيادات في الأجور وتفادي التقلبات الاجتماعية التي قد تصل حدّ الاضراب العام وحد تعدد الاضرابات في الإدارات باستمرار وايضا تفادي تراجع مردودية وانتاجية الموظفين وما يمكن أن يمثله ذلك من مخاطر على الاقتصاد وعلى صورة تونس في الخارج.

إلى جانب الصراع حول المفاوضات الاجتماعية بين الحكومة والمركزية النقابية ظهرت مجددا أزمة التعليم الثانوي بين الجامعة العامة للتعليم الثانوي ووزارة التربية بعد مقاطعة الأسبوع المغلق يوم الاثنين 3 ديسمبر 2018 في المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية. قرار التصعيد هذا الذي تقوده جامعة التعليم الثانوي عن طريق مقاطعة الامتحانات هو إعادة تجسيد لسيناريو العام السابق، إن لم يكن أسوأ.

وهكذا ينقسم الشارع التونسي مجددا بين من يدعمون قرار المقاطعة وأولئك الذين يرفضونه، وعلاوة على ذلك، حتى أولئك الذين ينتمون إلى هذا القرار منقسمون بين الأساتذة الآباء الذين سيؤخذ أطفالهم رهائن، وأولئك الذين لا يشعرون بالقلق لأن أولادهم مسجلون في مدارس خاصة.

 إن اختيار جامعة التعليم الثانوي استخدام الحلقة الضعيفة، وهي التلميذ، في مواجهتها مع الحكومة مرفوض تماما وقد رفضه أولياء ما يناهز   900 ألف تلميذ مسجلين في الاعداديات والمعاهد الثانوية، ويمثل هؤلاء الآباء جزءًا كبيرًا من الرأي العام، ولهم وزن محدد للغاية أدى إلى تراجع شعبية الاتحاد العام التونسي للشغل وخسارته لجزء مهم من حاضنته الشعبية مقارنة بما سبق خاصة مع إرثه التاريخي العميق والمتجذر في تونس ورصيده النضالي الغني.

أ.ز

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter