مرّ أسبوع على تنصيب الرئيس الجديد قيس سعيّد الذي حظي بقبول شعبي كثاني رئيس منتخب ديمقراطيا منذ 2011، متحصلا على حوالي 3 ملايين صوت، لتنطلق موجة من الاستقالات بين وزراء ومستشارين بلغت إلى حد الآن 6 وجوه سياسية وهي قابلة للارتفاع.

سلسلة الاستقالات بدأت بالمستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية الحبيب الصيد عقبه المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة والمستشار الأول لرئيس الجمهورية المكلف بالامن القومي الأميرال كمال العكروت والناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهوري سعيدة قرّاش، وبالنسبة لأعضاء الحكومة فقد شملت الاستقالات كل من وزير الخارجية خميس الجيهناوي ووزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي اللذان أثارا الجدل فالقصبة تؤكد انهاء مهامهما في حين أنهما كذّبا رئاسة الحكومة وأشارا أنهما قدّما استقالتهما.

بعد انتهاء موجة الاستقالات او الاقالات، شرع الرئيس الجديد قيس سعيد في تشكيل فريق ديوانه الجديد حسب معايير الكفاءة والثقة، مؤكّدا على واجب التحفظ حفاظا على هيبة الدولة وحماية مؤسساتها.

تمّ تكليف طارق بالطيب بتسيير الديوان الرئاسي لمدّة محددة، وتكليف عبد الرؤوف بالطبيب وزيرا مستشارا لدى رئيس الجمهورية. وعيّن أمير اللّواء محمد صالح الحامدي مستشارا للأمن القومي خلفا لأمير اللواء كمال العكروت، واختار سعيّد الجامعيّة والصحفية السابقة ورئيسة سابقة لجمعية الصحفيين التونسيين، رشيدة النّيفر مستشارة لشؤون الإعلام والاتّصال، كما عُيّنت نادية عكاشة مستشارة للشؤون القانونية خلفا لخير الدين بن سلطان، وطارق الحناشي مديرا للمراسم خلفا للسفير المنذر مامي. 

وقد أعلنت الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية اليوم الخميس 31 أكتوبر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قرر تعيين العميد خالد اليحياوي مديرا عاما للإدارة العامة لأمن رئيس الدولة خلفا للعميد رؤوف مرادع. ومن المنتظر أن يتمّ قريبا تعيّين شخصيّة أخرى بخطّة مستشار مكلف بالملف الاقتصادي، مع العلم أنّ هذه التعيّينات لم يصدر فيها منشور إعلامي رسمي عن رئاسة الجمهوريّة.

يبدو أن رئيس الجمهورية اختار الوقت المناسب لهذه التعيينات خاصة بعد الجدل الذي رافق استقباله لوزير الخارجية الألماني وحضور عبد الرؤوف بالطبيب السفير المتقاعد وسفير تونس بايران طارق بالطيب، والذي استغربه الكثيرون، فمن حق قيس سعيد اختيار مستشاريه ومساعديه لكن من حق التونسيين الذين انتخبوه أيضا معرفة سبب وجودهم في المجلس في وقت لم يعلن فيه بعد الرئيس رسميا عن أعضاء ديوانه.

طارق بالطيب مدير الديوان الرئاسي الجديد لقيس سعيد هو سفير تونس في ايران في حكومة الشاهد. كان بالطيب مرافقا ديبلوماسيا لوزير الخارجية السابق خميس الجهيناوي في طرابلس وبنغازي وطبرق حيث التقى اللواء خليفة حفتر، ورئيس المجلس الانتقالي فايز السراج، ورئيس حكومة الشرق السابقة عبد الله الثني. ركز طارق بالطيب على إدارة ملف العلاقات مع ليبيا، وكلف بترؤس الوفود التونسية في الاجتماعات الدولية الخاصة بالأزمة الليبية. تولى بالطيب قيادة البعثات الدبلوماسية التونسية الى الدول العربية، حيث قادها في دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وليبيا. كلف كذلك بترؤس البعثات الديبلوماسية التونسية الى أندونيسا. اثر الإعلان عن تكليف طارق بالطيب رئيسا للديوان الرئاسي تواترت ردود الأفعال واعتبر الكثيرون أن هذا الاختيار صائب نظرا لتجربة الرجل الديبلوماسية واطلاعه والمامه بالملف الليبي الذي يبقى من الملفات المطروحة حاليا على طاولة رئيس الجمهورية في عهدته الحالية.

عبد الرؤوف بالطبيّب الوزير المستشار لدى رئيس الجمهورية هو ديبلوماسي من مواليد 23 فيفري 1956 متحصل على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام. مارس بالطبيب المحاماة، واشتغل مكلفا بالتقاضي والتنظيم في وزارة الخارجية في الثمانينات. سنة 1990 عين كاتبا بسفارة تونس بلاهاي ثم سنة 1992 كاتبا بسفارة تونس بالقاهرة. اشتغل في الاقتصاد في خطة مكلف بالتعاون مع كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة العمل العالمي وصندوق الأمم المتحدة ثم عين 1997 قنصلا مساعد بقنصلية تونس في جدة. سنة 2005 عين مديرا مركزيا للخطوط التونسية، وشغل خطة كاهية مدير بإدارة الشؤون القانونية بين سنتي 2005 و 2013، قبل أن يتم تعيينه سفير تونس ببودباست بين سنتي 2013 و 2015. رافق تعيين بالطبيب نشر لتدوينات كان قد كتبها اعتبرها البعض أنها أبعد ما يكون عن رجل دولة.

محمد صالح الحامدي المستشار للأمن القومي في ديوان رئيس الجمهورية قيس سعيد عرف لدى التونسيين في 2013 متى عين في  9 جويلية رئيس أركان القوات البرية ورئيس القوات البرية التونسية خلفا للجنرال رشيد عمار. تخرّج محمد صالح الحامدي سنة 1978 من الأكاديمية العسكرية بفندق الجديد، ثم باشر مهاما قيادية في المؤسسة العسكرية أهمها خطة آمر المدرسة الحربية العليا، خلال سنتي 2008 و2009. وقد شغل كذلك خطة آمر اللواء الأول مشاة ميكانيكية في قابس وذلك خلال سنتي 2010 و2011، كلف أيضا بخطة ملحق عسكري بحري وجوي في العاصمة الليبية طرابلس. حظي هذا الاختيار بنسبة رضا خاصة وأن الجنرال محمد صالح الحامدي شغل نفس الخطة مع الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي واستقال من منصبه لما اعتبره وجود "لحسابات سياسية".

رشيدة النيفر التي وقع تعيينها خلفا لفراس قفراش، في مهمة المكلفة بالاعلام والاتصال لدى ديوان رئيس الجمهورية. هي أستاذة بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، من زملاء قيس سعيد الذي درس في الكلية ذاتها لثلاثين سنة. كما شاركته تسيير الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي كان كاتبها العام وكانت النيفر نائبة رئيس الجمعية. رشيدة النيفر صحافية سابقة في جريدة الصحافة - La Presse واستاذة في معهد الصحافة وعلوم الإخبار. عرفت النيفر على الساحة الاعلامية منذ 2012، حيث كانت من أول الاعضاء التأسيسيين للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري – الهايكا.

وقد كانت بيزنس نيوز قد أوردت أن النيفر من الممكن أن تكون من الأعضاء الأربع الذي يعينهم قيس سعيد في المحكمة الدستورية، اذ أن اسمها كان مطروحا منذ البداية كونها مقربة من سعيد وشاركته حملته الانتخابية، كما قالت في حوار لفرانس انفو، وفكرت معه في الخطوط العريضة لملامح برنامجه السياسي الذي وصفته في الحوار ذاته بالتأسيس الجديد. رغم أنها صرحت سابقا أنها ترفض أي مسؤولية في الدولة وتفضل العمل في الخفاء، يبدو أنها قبلت المنصب الجديد. من حيث التجربة تعتبر النيفر الأكثر الماما وقربا من الإعلاميين نظرا لعلاقتها بعدد من الجمعيات والمنظمات التي تعاملت معها.

كذلك تم تعيين نادية عكاشة مستشارة مكلفة بالشؤون القانونية لدى ديوان رئيس الجمهورية قيس سعيد. هي متخصصة أخرى في الشؤون الدستورية ستدخل قصر قرطاج، عكاشة كانت زميلة قيس سعيد في الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي تولى كتابتها العامة وتسييرها. نادية عكاشة هي دكتورة في القانون العام ومديرة قسم القانون بالجامعة.  باحثة في معهد ماكس بلانك للقانون العام والقانون الدولي المقارن في هايدلبرغ. مهتمة بالقانون الدستوري والعدالة الدستورية والقانون الدستوري الدولي.  ناقشت أطروحة دكتوراه بشأن السلطة المعيارية للقضاء، وتابعت عكاشة العملية الانتقالية في تونس من خلال كونها المحللة القانونية الوطنية لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في تونس سنة 2011 ومستشارة لبعثة المساعدة الانتخابية للاتحاد الأوروبي سنة 2014.

وأخيرا وليس آخرا تم اليوم الخميس 31 أكتوبر تعيين خالد اليحياوي خلفا لرؤوف مرادع على رأس الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية. تلقى  اليحياوي تكوينا عسكريا بالأكاديمية العسكرية وتخرج منها سنة  1997. وتلقى تكوينا بمدرسة تكوين الإطارات العليا بالأمن الوطني بصلامبو من سنة ثم باشر مهامه سنة 1998 بالإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية.

التحق بالفوج الوطني لمكافحة الارهاب بالأمن الوطني وغادره سنة 2011 ليعود الى الادارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية حيث شارك في العديد من التربصات بتونس وخارج أرض الوطن صلب اختصاصه "القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب" وتدرج في المهام وآخرها مدير إدارة المرافقات.

قائمة أولى من التعيينات التي أقرّها رئيس الجمهورية قيس سعيّد والتي لاقت في مجملها استحسانا من المتابعين للشأن السياسي في انتظار مساهمة الرأي العام في التقييم والتقويم.

مروى يوسف