هل ينتهي الصراع حول الصلاحيات بالاطاحة بسعيّد أم المشيشي؟
قيس سعيد : نرفض ضرب مؤسسات الدولة من الداخل !
الخياري يتهم رئيس الدولة بالتخطيط لذبح الاسلاميين ويدعوهُ للتخلي عن حصانته
النهضة تتهم سعيد بالنزعة للحكم الفردي ومحاولة تفكيك الدولة
بين الانقلاب العسكرّي الدمويّ الذي يتوّهمهُ راشد الخياري- أحدُ أحصنة طروادة النهضة، وبين الحرب الأهلية التي يحذّر منها قيادات الحزب الاسلامي وبين الاصرار على المواجهة واستعراض الصلاحيات اللذان يقوم بهما قيس سعيّد غير متردد في رمي الاتهامات للاسلاميين في كلّ خطاب و ظهور يبدُو أن الأزمة وصلت لنقطة اللّاعودة وأصبحنا على شفا وضع خطير وصراع حرفيّ- قد يتجاوز حُمّى الاتهامات الى التحرك الفعلي.
كلّ يسعى للاطاحة بالاخر في استعداء لم يعد مختفيا وراء ادعاء السعي لحوار وطني- لم تصرّ النهضة على ذكر لفظى حرب أهلية كل ما تحدث مشكلة جديدة في الساحة السياسي، هل هو تهديد مبطن بأنه يمكنها تحريك أنصارها وحشدهم واستدعاء "الأمن الموازي" وميليشيات لجان حماية الثورة الى الصورة؟ لأن تونس لا تملك تاريخا حافلا بالحروب الأهلية، أو مسبباتها كالطائفية والعشائريّة، هل تعني النهضة المتهمة بامتلاك جهاز سريّ أنها ستدعو للتقاتل اذا أصرّ سعيد على مواجهتها؟؟ تتهم الحركة الاسلامية الرئيس بامتلاك لجان شعبية، لكن التاريخ القصير لحكم لنهضة بعد الثورة يفسر من يمتلك اللجان والتاريخ القصير لمجلس النواب الحالي يفسر من يحترف العنف والكراهية والتحريض والتجييش.
من سيهاجم أولا؟ سؤال تمت الاجابة عنه بالفعل. مباشرة بعد زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد الى مصر ولقاءه الرئيس عبد الفتاح السيسي واجه لرجا حملة شعواء ضدّه من الاسلاميين يقودها الناطق الرسمي باسم الغنوشي، صهرهُ رفيق عبد السلام. جُنّ جنون النهضة والكرامة وأتباعم من خطاب سعيد خلال الندوة الصحفية المشتركة مع السيسي حيث أكّد أن تونس تسعى لدحر الاسلام السياسي بدورها- وبينما كان رأي العقلاء أن تونس ستتغلب على الاسلام السياسي بالاليات الديمقراطية وجه الاسلاميون أصابع الاتهام لسعيد بأّنه يسعى لانقلاب عسكري مماثل لمصر، فكرة تعززّت بخطاب رئيس الدولة أمام قولت الأمن الداخلي أين شدد أنه القئاد الأعلى للقوات المسلحة ليضع كُلاّ في مكانه.
خطاب جعل النهضة تخرج عن خطّها السياسيّ الديبلوماسي وتفتح النار على سعيّد في بيان غريب يتهم الرئيس بأنه انقلابي يسعى للحكم الفرديّ وتحطيم الدولة، كلام لا يقل خطورة عن ما قام به راشد الخياري، النائب القريب من النهضة.
بشكل سحري، تزامنت كلّ الأحداث، مما جعلت القراءات تذهب في اتجاه أنّ النهضة لها يد في خروج راشد الخياري في مقطع فيديو مباشر يتهم فيه رئيس الدولة بالتخطيط لانقلاب وبأنّه عميل للدولة الفرنسية وتلقى أموالا من السفارة الأمريكيّة، تقريبا نفس التهم التي لا يجرؤ قيادات النهضة البوح بها خوفا على صورة الحزب. وبينما ينتفض الاسلاميون كل مرة للبحث في كومة قشّ عمّا يدينون به الرئيس لـ"سحب الثقة منه" و"عزله" و"تخليه عن الحصانة"، يبدو أن هذا الأخير يعمل في صمت على ملّف سيفجره في الأيام القادمة.
تُتداول معلومات حول قرارات مؤلمة سيتخذها الرئيس في الفترة المقبلة، منها امكانية ادانة بعض النواب بقضايا فساد، واعتقالات في صفوف سياسيين قال انه لن تنفعهم" المصاهرة" في احالة ممكنة في خطابه الأخير لرفيق عبد السلام صاحب قضية الهبة الصينية.
دوائر قريبة من الرئيس، تناقلت أخبارا تفيد عمل قرطاج عبر لجنة من المختصين لأشهر على ملفات أكثر من 40 شخصية عامة، ستُدان بالفساد وتلقي تمويلات أجنبية وتبييض الأموال وشبهات التخابر مع جهات خارجية. وقد يكشف الرئيس عن القائمة قريبا معلنا "إعلان الحرب على الفساد".
في تصريح مبهم للعجمي الوريمي ، فسر القيادي في النهضة أن تعقد تحالفات مع اطراف سياسية واجتماعية لإعلان موقف وطني دفاعا عن الثورة والدستور ولايجادتسوية سياسيّة، لا يفهم من هذا التصريح الموقف الحقيقيّ للحزب الاسلامي، هل يسعى للبحث عن تسوية حكوميّة أم لتشكيل جبهة حرب ضدّ رئيس الدولة؟
هل تعيش حكومة المشيشي أيّامها الأخيرة؟ من الطبيعي انّ أحد رؤوس السلطة سيكون ضحيّة حرب الغاء الوجود هذه، من المستبعد أن يكون الخاسر هو الغنوشي حيث أن لائحة اللوم الموجهة ضدّه لم تر النور بعد، ولن تخسر النهضة التي يمكنها سحب دعمها للمشيشي والاصطفاف في الخندق الاخر في أيّ وقت، ولن يخسر رئيس الدولة الذي يملك الشرعية الأكبر بين باردو والقصبة ولم تحرّكه اتهامات الخياري له قيد أنملة... الذي وقع في المأزق الحقيقي الان هو هشام المشيشي، اذا انصاع للاسلاميين وعارض قرار المحكمة العسكريّة فسيكون في ورطة قانونية واذا نفّذ بطاقة الجلب في النائب الاسلاميّ المتطرف فيسخسر دعم النهضة وائتلاف الكرامة وتنتهي بالتالي حكومته والتاريخ كفيل بتأكيل أن النهضة ليست حليفا مضمونا وكلّ من تحالف معها خرج خاسرا وانتهى سياسيا.
عبير قاسمي
تعليقك
Commentaires