هل يكون اقصاء قلب تونس سببا لسقوط حكومة الفخفاخ؟
أكدت حركة النهضة خلال ندوة صحفية عقدتها الاثنين الماضي 27 جانفي تمسكها بحكومة سياسية يدعمها حزام برلماني قوي وتشارك فيها معظم الحساسيات والكتل البرلمانية الممكنة.
النهضة دعت الفخفاخ الى تجنب الاقصاء واعتبرت أن اقصاء قلب تونس من المشاورات بحجة الاعتماد على ما أفرزته نتائج الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية قرار خاطئ سيعقد الأمور لأن من سيصوت على الحكومة هو البرلمان وليس رئيس الجمهورية وأن الحكومة ليست حكومة الرئيس بل حكومة البرلمان وأن المكلف بتشكيلها هو رئيس حكومة وليس وزيرا أولا لدى رئيس الجمهورية.
هذا الموقف الواضح الرافض لإقصاء قلب تونس عقبه دعوة من حركة النهضة لقواعدها للاستعداد لفرضية اجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في تلميح واضح لفرضية سقوط حكومة الفخفاخ ان استمر في موقفه الرافض لتشكيل حكومة سياسية يسندها حزام برلماني قوي يضم حرمة النهضة وقلب تونس وتحيا تونس وحركة الشعب والتيار الديمقراطي إذا أرادا ذلك.
النهضة لم تكتف بذلك الموقف بل قدمت فعلا عبر كتلتها البرلمانية مقترحا لتعديل القانون الانتخابي في إشارة واضحة لجديتها في التعامل مع فرضية سقوط حكومة الفخفاخ، هذا الموقف قرأه البعض كونه صراعا بالوكالة بين رئيس الجمهورية قيس سعيد وحركة النهضة فإسقاط الفخفاخ الذي صرح أنه يستمد شرعيته من شرعية رئيس الجمهورية الذي عينه يعتبر ضربة من النهضة للرئيس نفسه وتهديدا بل تذكيرا بكونها الفاعل الرئيسي والعمود الفقري للبلاد حسب تعبير قيادتها ولا يمكن تمرير أي أمر دون رضاها.
هذا الصراع الذي انخرطت فيه النهضة بكل ثقلها وبكل ما تملكه من وسائل واليات ليس مجرد معركة بالنسبة اليها بل هي حرب وجود، فهي تعتبر ان القصر وعن طريق الفخفاخ يريد اسقاط النظام السياسي وتعديله لصالح الرئيس الذي لن يقف عند هذا الحد بل قد يصل الى افتكاك السلطة الحقيقية من مجلس نواب الشعب ومن حركة النهضة نفسها.
حركة النهضة ليست الرافض الوحيد لإقصاء قلب تونس من المشاورات، فكتلة الإصلاح الوطني على لسان رئيسها حسونة الناصفي اعتبرت أن رئيس الحكومة المكلف الياس الفخفاخ تعمد إقصاء أحزاب سياسية وكتل برلمانية من المشاركة في المشاورات قبل بلورة التمشي العام للحكومة و هو خطئ منهجي، و أنه من الأجدر تقديم البرنامج السياسي لكل الأحزاب و السماح لها بالاختيار بين المشاركة في تكوين حزام سياسي قوي أو البقاء في المعارضة.
حسونة الناصفي ذهب ابعد من ذلك وأعتبر أن الفخفاخ يقوم بنفس الأخطاء التي قام بها سابقه في الترشيح الحبيب الجملي من حيث الاعتماد على منهج الاقصاء على اعتبار التوجه الثوري وأن اتباع نفس الطريقة سيؤدي حتما الى نفس النتيجة أي الفشل في الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب.
وفي نفس السياق قال الناصفي أن كتلة الإصلاح الوطني تعتبر حزبي قلب تونس والدستوري الحر جزءا من عائلتها السياسة وستدافع عنها مضيفا أن الفخفاخ يريد تقسيم هذه العائلة التي تضم 90 نائبا الى جزئين واحد في الحكم والاخر في المعارضة مضيفا أن حزبه مشروع تونس والكتلة الديمقراطية ككل لم تحسم بعد موقفها من التصويت لحكومة الفخفاخ معتبرا أن الثابت الى حدود الان أن الكتلة ستكون منسجمة وستتبنى قرارا واحدا سواء بالموافقة أو الرفض.
التيار الديمقراطي دخل على الخط، ففي تصريح للنائب نبيل الحجي في برنامج الماتينال اليوم الأربعاء 29 جانفي 2020 أكد بأن الأطراف المدعوة للمشاورات الحكومية تمت دعوتها من طرف رئيس الحكومة المكلف الياس الفخفاخ وأن رؤية الفخفاخ في تشكيل حكومته منطقية وتناسب التيار الديمقراطي الذي تفاعل معها بإيجابية مؤكدا أن رئيس الحكومة المكلف هو الوحيد المعني باختيار حزامه السياسي و أن تغييب قلب تونس عن مشاورات تشكيل الحكومة لا يعتبر اقصاء وإنما هو اختيار، لأن الاقصاء يعني ابعاد حزب من المشاركة في الحياة السياسية.
وذّكر نبيل الحجي بتغييب حركة النهضة لحزبي قلب تونس والدستوري الحر عن المشاورات الحكومية في حكومة الحبيب الجملي التي لم تحظى بثقة البرلمان في إشارة الى ان من يرفض الاقصاء هو الذي بدأه.
الثابت الوحيد هو أن اقصاء قلب تونس سيعقد المشهد أكثر، ويعزز المعارضة التي ستكون قوية بوجود الحزب الدستوري الحر الرافض لأي شكل من اشكال مساندة أي حكومة تكون فيها حركة النهضة طرفا أو داعما أو حتى مصوتا وقلب تونس الذي يعتبر نفسه ضحية توجه اقصائي يلغي أصوات عدد كبير من المواطنين الذين انتخبوه سواء في الانتخابات التشريعية أو الرئاسية والكتلة الديمقراطية التي تعتبر نفسها فردا من عائلة موسعة من مكوناتها حزبي الدستوري الحر وقلب تونس وأي اقصاء لها سيكون اقصاء لكامل العائلة.
كل هذه المعطيات تدفعنا للتساؤل، هل سيكون اقصاء قلب تونس سببا لسقوط حكومة الفخفاخ كما كان سببا لسقوط حكومة الحبيب الجملي.
حسام بن أحمد
تعليقك
Commentaires