قيس سعيد : لتونس رئيس واحد ودبلوماسية واحدة !
قائمة السفراء ورؤساء البعثات القنصلية الجدد
الاثنين 21 سبتمبر 2020 موعد انعقاد الندوة العامة لرؤساء البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية
قيس سعيد يتقبّل أوراق اعتماد أربعة سفراء جُدد بتونس
أشرف رئيس الجمهورية قيس سعيد مساء اليوم الثلاثاء 22 سبتمبر 2020 بقصر قرطاج، على اختتام الدورة 38 للندوة السنوية لرؤساء البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية التي انعقدت تحت عنوان "تونس ومحيطها المباشر: من أجل شراكة لتعزيز الأمن والسلم ودفع التنمية المتضامنة".
وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، استحضر رئيس الدولة تاريخ العمل الديبلوماسي التونسي منذ الاستقلال داعيا إلى الاستفادة من المؤسسات المحدثة وتطويرها وأوضح أنّ الإنسانية اليوم في حاجة إلى فكر جديد للعلاقات بين الشعوب والأمم في عهد جديد يجد فيه كل انسان حقوقه المرتبطة بحقه في الحياة وفي الكرامة، ويقطع مع الجوع والفقر ومع سقوط الضحايا والابرياء، ولفت إلى أهمية أن تأخذ الندوة حجم التحديات الجسيمة التي تواجهها بلادنا على أصعدة مختلفة وتعكس عمق التحولات المتسارعة التي أصبحت تميز العلاقات الدولية.
وهنّأ قيس سعيد من شملتهم الحركة الديبلوماسية والقنصلية، مبيّنا أنهم مطالبون بتنزيل قيمة العمل الديبلوماسي منزلة العقيدة لخدمة الوطن وحمايته والذود عنه وشدد على دورهم في التأسيس لديبلوماسية نشيطة ومبادرة وفاعلة تسهرعلى رفد الجهود الوطنية لتحقيق مصالح بلادنا العليا وتعرّف بمواقفها وتحشد المساندة لمبادراتنا، إلى جانب خدمتها للقضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. كما دعا رئيس الدولة إلى النأي بتونس عن سياسة المحاور وعن سياسة الاصطفاف مع الحرص على التمسّك بسيادتها كاملة، وأكد على أهمية الاستقرار في الداخل حتى يكون لتونس صوت مسموع في الخارج لافتا إلى ضرورة أن تكون السياسة بوجه عام والسياسة الخارجية مستندة إلى السيادة الشعبية والى مطالب الأغلبية.
كما دعا إلى التمسك بالمرجعيات وبالثوابت وباستقلالية القرار والالتزام بالشرعية الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مع الرفض القاطع لأن تتدخل أي دولة في شؤون تونس وذكّر بأن تونس دولة واحدة ورئيسها واحد ودبلوماسيتها واحدة، معربا عن رفض ارتهان إرادة تونس لأي كان. واعتبر رئيس الجمهورية أن مفاهيم الشراكة والأمن والسلم والتنمية المتضامنة من المبادئ الأصيلة في السياسة الخارجية للبلاد والتي يجب من مزيد ترسيخها بالدول المجاورة المباشرة سواء في اطار ثنائي أو ضمن آليات العمل متعدد الأطراف. وأوضح لمن شملتهم الحركة الديبلوماسية والقنصلية أنّهم مدعوون لتعميق الحوار الاستراتيجي حول مختلف المسائل المطروحة من أجل تحقيق انتظارات شعوب المنطقة عبر بلورة تصورات مشتركة لعالم أكثر أمنا واستقرارا ومن أجل علاقات دولية أكثر توازنا وتضامنا.
وجدد حرص تونس على مواصلة أداء رسالتها الإنسانية الرائدة من أجل بلورة شراكة شاملة ومتضامنة ومتوازنة انطلاقا من المغرب العربي والعالم العربي والمنطقة الإفريقية والمتوسطية وشدد على ضرورة تنسيق الجهود وتعميق التشاور مع الأشقاء والأصدقاء بخصوص القضايا المطروحة من أجل الدفاع عن المصالح الاستراتيجية وأولويات تونس السياسية والتنموية والأمنية وإيجاد حلول ناجعة للقضايا العادلة، والتي لا تزال عالقة، والحد من مخاطر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
كما أشار قيس سعيد إلى حصول انحرافات وتجاوزات كثيرة في السنوات الأخيرة، مشددا على أن المسؤول يجب ان يكون في خدمة الدولة لا في خدمة طرف في ائتلاف أو تحالف وأوضح أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعض دول المنطقة، أدت الى تفاقم ظاهرة الإرهاب والهجرة غير المنظمة وهي تهديدات خطيرة وتحديات جسيمة تواجه الأمن والاستقرار وعلاقات التعاون في المنطقة والعالم داعيا الى مقاربة هذه الآفة وغيرها مقاربة جديدة لأن الحلول الأمنية وإن كانت ضرورية فإنها تظل وحدها غير كافية.
واعتبر رئيس الدولة أنّ تونس من أكثر الدول التي دفعت الثمن باهضا جراء الوضع في ليبيا مجددا وقوف تونس إلى جانب الليبيين ورفضها تجزئة ليبيا، مؤكدا على أن حل الوضع داخل ليبيا لا يمكن أن يكون إلا ليبيا ليبيا. وبين أن الشراكة في المغرب العربي وفي إفريقيا وفي البحر المتوسط تقتضي العمل على بلورة رؤى واضحة تتيح تجاوز الخلافات المفتعلة القادمة من وراء الحدود في أكثر الأحيان، وتقتضي إحكام التخطيط لمستقبل العلاقات وضبط مضامينها وأولوياتها وحشد الإمكانيات لتنفيذها. ولفت في هذا السياق الى ضرورة التعويل على روابط تونس التاريخية مع الأشقاء في المغرب العربي وفي إفريقيا وعلى شراكتها المتميزة والتي يجب أن تكون أيضا متوازنة مع الاتحاد الأوروبي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والكاملة.
وذكر بترؤس تونس للجامعة العربية معربا عن الأسف لعدم تنظيم قمة الدول العربية، كما أشار الى استعداد تونس لتنظيم قمة الفرنكوفونية العام المقبل، مبينا أنها نتعامل مع اللغات دون عقد ودون أن تمس باستقلالها، وأكد أن تونس ستتحمل كامل مسؤولياتها في إطار عضويتها في مجلس الأمن الدولي لدفع مسارات التسوية السلمية للأزمات وللدفاع عن المصالح الاستراتيجية والأولويات السياسية والأمنية والتنموية لفضاءاتها المباشرة بالتنسيق الدائم مع مختلف الأشقاء والأصدقاء. ودعا في هذا السياق إلى مضاعفة الجهود لإيجاد حلول جماعية لكل التحديات الراهنة وتكريس القيم الكونية النبيلة، معتبرا أنه لا يمكن لأي دولة بمفردها إدارة الأزمات المستجدة والتوقي منها والحد من انتشارها وتجاوزات تداعياتها وذكر في هذا الصدد بمبادرة تونس بطرح مشروع قرار مجلس الأمن الدولي حول جائحة الكوفيد 19 معربا عن الافتخار اعتماد مجلس الأمن بالإجماع للقرار عدد 32-25 لسنة 2020 حول الجائحة المذكورة.
كما أكد رئيس الجمهورية أن تحقيق تطلعات شعوب المنطقة وآمالها يمر أساسا عبر المسارعة باستعادة زمام المبادرة لإنهاء بؤر التوتر والأزمات وتسريع مسارات التسوية السياسية ووضع حد للمعاناة الإنسانية للشعوب المعنية وتأسيس مناخ إقليمي يرتقي بعلاقات دول المنطقة إلى مستوى أعلى ويضع ضمن أولوياته تحقيق الأمن والاستقرار والمعالجة السريعة لقضايا الملحة وفي مقدمتها المديونية. ودعا إلى مقاربة هذه المسألة مقاربة جديدة مع الدول المانحة ومع المؤسسات المانحة لأن الديون في كثير من الأحيان لم يتمتع بها الشعب التونسي وعديد الشعوب الأخرى، لافتا إلى أن الكثير من خيرات تونس وكذلك ثرواتها البشرية صارت تهاجر إلى الشمال من ذلك أن أكثر من 500 طبيب في العام الماضي هاجروا إلى أوروبا.
وختم رئيس الدولة كلمته بالتأكيد على أن ترسيخ الديمقراطية ليست شعارا يرفع بل ممارسة يومية حقيقية تقوم على مؤسسات نيابية تمثيلية ممثلة تمثيلا أمينا لصاحب السيادة وهو الشعب وترسيخ حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ومعالجة جذور الخلافات والأسباب العميقة للنزاعات. وشهد موكب ندوة رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية، نحو خمسين ديبلوماسي عبر الانترنات، إلى جانب الحاضرين في قصر قرطاج، وتولى رئيس الجمهورية توسيم عدد من الدبلوماسيين تقديرا لما بذلوه من مجهودات من أجل رفع راية الوطن.
ي.ر
تعليقك
Commentaires