قيس سعيد تجاوز صلاحياته و يريد صلاحيات رئيس الحكومة
استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس الأربعاء 23 سبتمبر 2020، رئيس الحكومة هشام المشيشي، حيث تداول الرئيسين الوضع الأمني و الاجتماعي وأخرالمستجدات السياسية.
رئيس الجمهورية قال أن عددا من الأشخاص الذین یروج لتعیینهم فی عدد من المناصب لا تزال قضاياهم جاریة أمام المحاكم، وحتى وإن تأخرت الدوائر المعنیة بالبت فی هذه القضایا فإنه يتوجب انتظار الكلمة الفصل للقضاء قبل الاستعانة بهم في هذه المرحلة في إدارة الشأن العام بمجرد تقدیم مقترحات أو نصائح. وأضاف أن المحاكم تصدر أحكامها باسم الشعب وإذا كان صاحب السیادة أدان منظومة كاملة بمؤسساتها وأشخاصها وثار علیها وسقط الشهداء والجرحی من أجل إزاحتهم، فلا مجال لأن یعودوا الیوم بعد أن كانوا قد تواروا عن الأنظار ومازالت قضایاهم منشورة أمام القضاء.
وأكد سعيد علی أن الحصانة التي أقرها القانون سواء كانت برلمانیة أو قضائية أقرها بهدف ممارسة من یتمتع بها لوظائفه بكل استقلالیة لا أن یتعلل بها أو یتمسك بها للإفلات من المحاسبة والجزاء. وشدد على أن لا أحد فوق القانون ولا أحد له أن یتحصن أو یعتصم بنصوص وضعت لضمان استقلالیته لا لضمان إفلاته من تطبیق القانون.
تصريح رئيس الجمهورية، الذي نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على الفايسبوك، و شاهده عدد كبير من التونسيين، أثار موجة من الاستنكار لدى عدد من الشخصيات السياسية التي اعتبرت ان رئيس الجمهورية تجاوز صلاحياته و تدخل في صلاحيات رئيس الحكومة و أساء التصرف بروتوكوليا و معنويا.
- قيس سعيد تجاوز صلاحياته
اعتبر، الإعلامي مراد الزغيدي في مداخلة بإذاعة أي اف ام أن تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد حول التعيينات الأخيرة في لقائه برئيس الحكومة هشام المشيشي غير مقبول، مضيفا أنه ما كان على سعيد أن يفرض تواجهاته على المشيشي حتى و ان كان محقا في موقفه من توفيق بكار و المنجي صفرة و اعتبره تعدّ واضح على الدستور. وقال الزغيدي: " هنالك قرينة براءة بخصوص المتهمين إضافة لآجال التقاضي، وعلى سعيّد أن يحترمها ولا يجب أن تخفى عليه".
من جهته قال رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي في تعليقه على خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد بخصوص التعيينات التي قام بها رئيس الحكومة هشام مشيشي، ان هذه التعيينات نافذة مادامت لا تخالف القانون و الدستور. ودعا الغنوشي في تصريح إذاعي إلى سياسة التوافق والتعاون بين مختلف السلطات، بإعتبار أنّ هذه السلطات تمثّل دولة واحدة و هذا يفرض الانسجام.
رئيس كتلة قلب تونس أسامي الخليفي علق على خطاب رئيس الجمهورية، و اعتبر أنه تضمن تجريحا وتهجما على رجال دولة خدموا الإدارة التونسية بغض النظر عن طبيعة المرحلة التي تحملوا خلالها المسؤولية،. و عبر الخليفي عن رفضه ما اعتبره تهجما مجانيا لا يستند إلى أي حكم قضائي وصادر عن شخص رئيس الجمهورية الذي من المفترض أن يكون شخصية جامعة للتونسيين لا مفرقة لهم.
سنية الدهماني الإعلامية اعتبرت ان طريقة حديث رئيس الجمهورية قيس سعيد لرئيس الحكومة هشام المشيشي فيها إهانة للدولة التونسية. وأضافت أن "صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة بحكم الدستور في حين ان صلاحيات رئيس الحكومة اكبر لذلك عليه ان يفرض موقفه بغض النظر عن وجهة نظر الرئيس”.
من جهته انتقد القيادي في حزب قلب تونس عياض اللومي خلال تصريح اعلامي نقلته شمس اف ام بشدة تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد المتعلقة بالتعيينات الأخيرة لرئيس الحكومة هشام المشيشي. و وصف عياض اللومي موقف قيس سعيد من هذه التعيينات بالسياسوية والشعبوية، مؤكدا أنه من غير المعقول حرمان البلاد من كفاءاتها. وتابع أن رئيس الدولة غير قابل بأن حكومة المشيشي تحولت إلى حكومة سياسية والبرلمان افتكها منه حسب تعبيره.
في نفس السياق، علّق رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني، في تصريح لاذاعة موزاييك أن أسلوب قيس سعيد كان محرجا للمشيشي فرغم أن رئيس الجمهورية يدافع على مبادئ مقاومة الفساد والثورة، وهو مطالب بذلك، لكن رئيس الحكومة يملك صلاحيات، وثمة برلمان يراقبه.
- هل رد هشام المشيشي؟
نشر سمير الوافي على صفحته بالفايسبوك تدوينة أكد فيها نقلا عن بعض مصادره أن هشام المشيشي رد على تقريع قيس سعيد و نفى تعيينه للسيدين منجي صفرة وتوفيق بكار…وأكد للرئيس أن مصادره يجب أن تكون بلاغات رسمية وليس أقاويل…وأن ما تم تداوله لم يصدر في بلاغ رسمي يؤكده.
و أضاف الوافي أن مونتاج الرئاسة لم ينشر للعموم سوى كلام الرئيس فقط الذي بلغت حدته مستوى التقريع والتوبيخ الغريب عن أعراف الدولة والعلاقة بين المؤسسات معتبرا أن نشر ذلك من طرف الرئاسة ليس لائقا بالدولة فملاحظات الرئيس كان من الأفضل والأرقى ان يعبر عنها بعيدا عن الكاميرا والعموم، وأن يترفع من باب اللياقة والذوق وإحتراما للدولة ولواجب التحفظ.
و ذهب الوافي الى ان حذف الرئاسة لرد رئيس الحكومة الفوري على ذلك في المونتاج وعدم نشر نفيه للتعيينين هو إصرار وإمعان في إحراجه وإظهاره متصاغرا أمام رئيس الجمهورية وتمكين الرئيس من تسجيل أهدافه السياسية الواضحة.
و أضاف الوافي انه يخشى أن تكون بداية صدام بين رئيس حكومة لم يرتكب خروجا عن صلاحياته التي حددها الدستور بل يمارسها كاملة و رئيس جمهورية يتعلل بالأخلاقيات التي حددها ليتدخل ويفرض رأيه ويريد تقاسم الصلاحيات مع رئيس الحكومة بل يريده وزيرا أول لديه، وهي بداية صراع علني يذكرنا بعلاقة الشاهد بالرئيس المرحوم الباجي قايد السبسي في آخر حكمه مع مراعاة الفوارق، ومنها أن الرئيس قيس سعيد لا يعترف بواجب التحفظ وأعراف الدولة ولا يكتفي بالقطيعة.
بقطع النظر عن رد المشيشي من عدمه، اتفق كل المتابعون و خبراء القانون الدستوري ان صلاحيات المشيشي تسمح له بتعيين من يشاء في حدود القانون، و أن رئيس الجمهورية لا يحق له التدخل في هذه الصلاحيات من الناحية القانونية، و اعبر عدد كبير من السياسيين أن تصريحات سعيد إهانة للدولة و نواميسها و تعد على البروتوكول.
حسام بن أحمد
تعليقك
Commentaires