قيس سعيد - صمت القصور
" هذه فرصتكم التاريخية فلا تفوتوها " هذا ما جاء على لسان رئيس الجمهورية قيس سعيد تزامنا مع انطلاق العملية الانتخابية ، و فعلا اغتنم الشعب التونسي هذه الفرصة و عبّر عن ارادته بالصناديق الجوفاء و نسبة الاقبال التي لم تتجاوز 8.8 بالمائة .
نسبة الاقبال الاسوأ في تاريخ الانتخابات التونسية يقابلها صمت رهيب من حامل المشروع ،فرغم أن ساكن قرطاج فضّل أن يكون انطلاق عملية التصويت مصحوبا بخطابه الا أنه خيّر الصمت بعد الاعلان عن نتائجها .صمت رئيس الجمهورية قيس سعيد عقب الاعلان عن النتائج الاولية للانتخابات يحمل عديد الدلالات منها أن المشروع الذي سبق أن أوضح الرئيس أن له ارتباط وثيق بالانتخابات ، انهار مع انهيار نسب المشاركة في الانتخابات التشريعية .
قيس سعيد الذي اختار أن يكون الموعد الانتخابي حاملا لرمزية تاريخية و عمد الي أن يكون يوم 17 ديسمبر 2022 لما له من دلالات ،هو يوم التصويت على ما يعتبره " ارادة الشعب " و لكن في المقابل نتائج الانتخابات بينت بالكاشف أن الرئيس لا يمثل الارادة الحقيقية للشعب و يبدو أن رئيس الجمهورية و رغم الاعلان عن نتائج الكابوس الانتخابي مساء يوم السبت 17 ديسمبر الا أنه فضل العزلة و عدم التعليق على فشل مشروعه .
لعل رئيس الجمهورية كانت لديه انتظارات كبيرة " للحظة الانتخابية " التي تعتبر تتويجا لمساره الذي انطلق منذ 25 جويلية 2021 ، المسار الذي كانت لحظة وفاته يوم 17 ديسمبر ، يوم الاعلان عن نتائج الانتخابات و الاحياء الذكرى 11 للثورة .
" صنع تاريخ جديد للبلاد التونسية " كانت اخر كلمات قيس سعيد في خطابه يوم التصويت و فعلا 91 بالمائة من الشعب التونسي اختاروا طريق التاريخ الجديد للبلاد التونسية و لكن بعيدا عن مشروع الرئيس و تصوره "للحظة التاريخية " .
لعل الديقراطية كما يتم الاحتكام اليها في العالم تقتضي أن فشل المشروع يكون مصحوبا باستقالة صاحبه ، و لعل عديد التجارب في العالم برهنت هذه القاعدة في الحياة الديمقراطية ، ليز تراس التي تولت منصب رئيسة وزراء بريطانيا و التي بعد أربعة وأربعين يوماً فقط في منصب رئيسة الحكومة قدمت استقالتها بعد أن تبيّن أن المشروع الذي تحمله لا يمكن أن يتجسد على أرض الواقع .
مشروع الاستاذ في القانون الدستوري و الرئيس سعيد ، الذي يتزامن مع أزمة اقتصادية حادة في البلاد التونسية ، يبرهن في كل محطة تمر بها البلاد التونسية أنه خارج السياق التاريخي و الوضع الحالي للبلاد التونسية و أن المرحلة الحالية هي اقتصادية بالاساس و ليست مرحلة شرعية و مشروعية و ازمات دستورية تتوجها انتخابات ذات تمثيلية ضعيفة لا تمثل الشعب التونسي .
"الاستقالة " مثلت ايضا دعوة عديد الفاعلين في الشأن السياسي التونسي عقب النتائج الاولية للانتخابات التشريعية منها حزب آفاق تونس ، الحزب الجمهوري ، الدستوري الحر الذين دعوا الى إجراء إنتخابات رئاسية مبكّرة تؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاحات الحقيقية باحترام إرادة الناخبين و الإعتراف بفشل منظومة الرئيس قيس سعيّد السياسية وعجزها عن تلبية تطلّعات الشعب التونسي في الحرية والكرامة والتوقف عن سياسة المكابرة و الانكار وفسح المجال أمام مرحلة انتقالية جديدة تؤمن عودة الاستقرار وتعافي مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية و أن نسبة المشاركة " الهزيلة جدا " لا تنزع فقط كل شرعية عن المجلس النيابي الصوري، بل ينزع كل شرعية و مشروعية عن مجمل مسار 25 جويلية .
مسار أحادي أخذ عنوان " 25 جويلية " ، الاستحواذ و الانفراد بالسلطة ، اقصاء الاحزاب من الحياة السياسية يتم تتويجها في انتخابات برهنت فشل المنظومة و المشروع الذي يحمله الرئيس أمام تواصل صمته و التوجه الى الشعب الذي كان ملاذه في كل اللحظات التي خاضها مساره .
نهى المانسي
تعليقك
Commentaires