قيس سعيد يغازل المنظمات الوطنية

 

عند الاعلان عن نتائج الاستشارة الوطنية ليلة الخميس 31 مارس 2022  ، أشار رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى أن هذه النتائج ستكون نقطة الانطلاق لحوار وطني. في الوقت الذي سبق وأن دعت المنظمات والأحزاب السياسية إلى الحوار لإيجاد مخرج من الأزمة.

 

في اليوم التالي ، بعد تدخله المتأخر (حوالي منتصف الليل) لعرض نتائج استشارته ، ضاعف قيس سعيد المقابلات مع ثلاثة من الجهات الفاعلة الأربعة للحوار الوطني السابق الذي تشكل سنة 2013 بعد الاغتيالات السياسية  ، حيث التقى الرئيس مع ممثلي الاتحاد العام التونسي للشغل ، الاتحاد العام للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية و عميد المحامين .

 

 

سؤال يطرح نفسه أين الرابطة التونسية لحقوق الإنسان؟ على أي حال ، لدى الرئيس فكرته الخاصة عما يجب أن يكون عليه الحوار. "هذه الاستشارة وطنية وستكون أساس الحوار مع الصادقين والمخلصين [...]

دعونا نبني دولتنا على أسس متينة وفق إرادة الشعب التونسي وليس مع الخونة "

 

إذا قيس سعيد هو الذي سيعطي إيقاع وخطوط مسار الحوار سوف يستبعد كل من يعتبره غير مرغوب فيه وخائن ، أي جزء كبير من التشكيلات  السياسية.

وستكون نتائج الاستطلاع الذي أجاب عليه 534.915 شخصًا ، والتي لا تمثل عينة تمثيلية من التونسيين ، أساس الحوار.

 

ولكن هل سيكون حقًا حوارًا وطنيًا ؟ . لطالما فعل قيس سعيد ما يشاء باتباع خططه الشخصية ، وهو لن يغيراليوم عاداته بل يتمسك بها ، ويحذر من الذين ينددون  بالانحرافات الدستورية 

 

حوار حول الاستفتاء ، استفتاء 25 جويلية ، الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر. الرئيس صعب المراس ، رغم أن لجنة البندقية أبلغته برغبتها في تزويده بالمساعدة الدستورية ، إلا أنه سيختار طريقته الخاصة فقط.

 

و يعول الرئيس قيس سعيد على دعم المنظمة الشغيلة ، منظمة الاعراف و عمادة المحامين و هي المنظمات التي تدعم الرئيس منذ اعلانه الإجراءات الاستثنائية يوم 25 جويلية الماضي . حيث تحدث أمين عام اتحاد الشغل اثر اللقاء الذي جمعه بالرئيس اليوم الجمعة  عن وجود تطابق في وجهات النظر مع رئيس الدولة :" في ما يتعلق بالمحافظة على مصلحة المؤسسات العمومية وديمومتها والإبقاء على الدعم والاقرار بضعف الأجور وإصلاح المنظومة التربوية والأوضاع الاجتماعية " وتم التأكيد خلال هذا اللقاء  على التشاركية والحوار مع القوى المدنية والسياسية التي تتقاطع في الأفكار . و أكد رئيس الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول أن منظمة الأعراف ستكون دائما مرافقة للحكومة و لرئيس الدولة من أجل الخروج من الوضعية الصعبة التي تعيشها و جدد ماجول دعمه للقرارات التي اتخذها الرئيس يوم 25 جويلية داعيا الى ضرورة استعادة الأمل للشعب التونسي . من جانبه وصف عميد المحامين ابراهيم بودربالة قرار الرئيس قيس سعيد  بالتاريخي و الذي سينقذ البلاد و يخرجها من عنق الزجاجة و " نصل الى تحقيق كل الامل التي نطمح  اليها " . و أضاف بودربالة في ذات السياق " أكدت له أن انفتاحه للحوار مع المنظمات الوطنية التي لها رصيد وطني و الشخصيات التي عرفت بنظافة اليد من شأنه أن يبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين و في خصوص المسعى الذي ارتآه و رسمه لنفسه " .

 

يبدو أن الرئيس قيس سعيد اختار طريقه باستبعاد الأحزاب السياسية والمضي قدما مع المنظمات الوطنية التي اختارها حسب الشروط و التصنيفات التي وضعها و يبدو أنه متمسك بتغيير أجندته السياسية رغم المعارضة و رغم التنديد بمخالفته للدستور . و يعد الاستفتاء الذي سينظم جويلية المقبل حجر الأساس لمشروعه السياسي الذي يمكنه من تغيير النظام السياسي الى النظام الرئاسي و تغيير الدستور . لكن و خلالفا لما يعتقده الرئيس لم يكن المشكل في تونس النظام السياسي أو الدستور بل كان في تطبيق هذه القوانين و التشريعات و خلافا لما يعتقده الرئيس ليست الاولوية اليوم في تونس تغيير النظام السياسي بل تغيير وضع التونسيين الاقتصادي و الاجتماعي و الذي يزداد سوء يوما بعد يوم .