قمة المناخ بغلاسكو : خطوات ايجابية و لكن ...
{titre_article_meme_sujet}
بعد ماراطون من المفاوضات استمرت أسبوعين و تعطل اتفاق باريس لمدة ستة سنوات توصل قادة العالم في مؤتمر الأطراف للمناخ ليلة أمس السبت 14 نوفمبر 2021 لاتفاق يسعى إلى التخفيف من المخاطر البيئية عن طريق مكافحة الاحتباس الحراري العمل على وضع قواعد لتمهيد الطريق نحو سوق عالمية للكربون. هذا الاتفاق الذي حظي بموافقة 200 دولة بعد التمديد في أشغال المؤتمر ليوم إضافي نص على ضرورة العودة بأهداف و التزامات مناخية جديدة بحلول السنة المقبلة ، و شدد على ضرورة التقليل من استخدام الفحم ، و التقليل من معدل الانبعاثات الغازية ، و هذه المرة الاولى التي يتم فيها التنصيص صراحة على التقليل من استخدام الفحم .
ونص اتفاق غلاسكو للمناخ على خطوات إيجابية أبرزها مراقبة و تقييم مدى التزام الدول بتعهداتها وقراراتها خلال الـ12 شهرا المقبلة وتقديم نتائجها في قمة الاطراف المقبلة ، و هو ما من شأنه التسريع في وتيرة انجاز التعهدات و مراقبتها عن طريق تحديد مواعيد نهائية أكثر صرامة للحكومات فيما يتعلق بتحديث خططها الرامية لخفض الانبعاثات. و هذا يعد إيجابيا مقارنة باتفاق باريس الذي ينص على تقييم الالتزامات بعد خمسة سنوات وهو ما أدى الى تقاعس بعض الدول عن الإيفاء بتعهداتها. أيضا أكدت الدول المتقدمة والغنية في إطار هذا الاتفاق التزامها بمساعدة الدول الفقيرة في التكيف مع التغيرات المناخية و في انتقالها الطاقي عن طريق دعم الصندوق الأخضر.
و وجب التذكير في هذا الإطار بالتزام الدول المتقدمة سنة 2009 بتخصيص 100 مليار دولار أمريكي سنويا لتمويل الدول النامية من أجل مساعدتها على التكيف مع التغيرات المناخية الى حدود سنة 2020 والذي تم التمديد فيه خلال مؤتمر الاطراف بباريس سنة 2015 الى غاية سنة 2025 ، و خصصت الدول المتقدمة خلال سنة 2019 ، 79.6 مليار دولار أمريكي من أجل الدول النامية و هاهي اليوم و في إطار قمة غلاسكو تجدد التزامها بمزيد دعم الدول النامية ، لكنها تبقى وعودا و التزامات تنظر التطبيق الذي يبقى رهين الارادة السياسية.
و للاشارة و في سياق مؤتمر غلاسكو أعلنت المملكة المتحدة يوم 2 نوفمبر 2021 تخصيص تمويل بقيمة 50 مليون جنيه إسترلينى في اطار الشراكة عالية التأثير بشأن العمل المناخي من أجل مساعدة الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في انتقالها الطاقي و لدعم نمو اقتصادي صديق للبيئة في المنطقة. وأطلق البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية ، الشراكة الجديدة بشأن العمل المناخي مع عدد من الدول على غرار المملكة المتحدة النمسا و فنلندا و سويسرا و سوف تنتفع دول عربية من بينها تونس بالمساعدات التي تخصصها هذه الشراكة الجديدة.
لكن في المقابل لم تنجح قمة غلاسكو في البت وفي تقييم الخسائر و الأضرار التي لحقت الدول النامية و الفقيرة جراء التغيرات المناخية وهو ما طالبت به هذه الدول مرات عدة ، و لم ينص هذا الاتفاق على الضمانات اللازمة التي ستجبر الدول على التقليل معدل الانبعاثات للإبقاء على درجة حرارة أقل من 1.5 درجة مئوية ، و لم يتبنى الاتفاق بندا يمنع استخدام الوقود الأحفوري رغم تحذيرات من مخاطره على كوكب الارض و هو ما سيصعب الوصول الى هدف ال 1.5 درجة مئوية.
و قال نضال عطية منسق برنامج السياسات البيئية في منظمة هينريش بول و أحد المفاوضين بقمة المناخ في تصريح لبيزنس نيوز ان اتفاق غلاسكو غير كاف " كان من المتوقع و في ظل الازمة المناخية الحالية ان يكون نص الاتفاق أكثر إلزامًا للدول المتقدمة ، ولكن ما يجب تذكره هو أنه تم إرسال إشارة قوية إلى العالم بأسره ، مع الإعلان عن نهاية عصر الوقود الأحفوري. بالنسبة لتونس ، حان الوقت الآن لتنفيذ القرارات المتخذة وتكثيف العمل المناخي نحن بحاجة ماسة إلى تحديد سياساتنا المناخية و تعزيزها ".
و يرى توفيق مصطفى و هو مهندس و مفاوض بقمة المناخ ان قمة غلاسكو كانت قمة التمويلات بالأساس خاصة و أنها تأتي بعد دخول اتفاق باريس حيز التنفيذ و بعد صدور التقرير السادس لهيئة الخبراء الحكوميين في مجال التغيرات المناخية الذي حذر من خطر يهدد البشرية بعد وصول درجة الحرارة إلى نسبة 1.1 درجة مئوية و اعتبر توفيق مصطفى في تصريح لبيزنس نيوز أن التمويلات ضرورة ملحة من أجل مساعدة الدول النامية على التكيف مع التغيرات المناخية داعيا في ذات السياق الى وضع خطوط عريضة لسياسة التمويلات لما بعد سنة 2025 .
مشاركة تونس في قمة المناخ
شاركت تونس بوفد رسمي قاده محمد الزمرلي المكلف بنقطة الاتصال الوطنية للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية و شارك الوفد في عدد من المفاوضات على غرار التمويل ، الخسائر و الأضرار ، التكيف مع التغيرات المناخية ، نقل التكنولوجيا و عمل كورونيفيا المشترك بشأن الزراعة ، و في اطار ثلاثة مجموعات تفاوضية و هي المجموعة العربية المجموعة الافريقية و مجموعة ال 77 والصين ، و يحسب للمشاركة التونسية فتحها المجال للشباب الذين شاركوا بفعالية في مفاوضات المناخ و هو ما من شأنه تشريك الشباب في صنع القرارات المتعلقة بالمناخ.
و نظمت تونس مجموعة من الورشات الجانبية بالتعاون مع منظمات دولية على غرار: الورشة الجانبية التي نظمتها مع مع منظمة العمل الدولية والهيئة العامة للإستشراف ومرافقة مسار اللامركزية حول التغيرات المناخية و دور الجماعات المحلية ، و ورشة حول استعداد البلدان النامية لتركيز سوق الكربون الدولي بموجب المادة 6 من اتفاقية باريس و هذا في اطار المساهمات المحددة وطنياً والاستراتيجيات الوطنية منخفضة الكربون ، و أيضا ورشة عمل حول آليات التمويل للمناخ نظمتها تونس بالتعاون مع المنظمة الدولية للفرنكوفونية.
و في الكلمة التي ألقتها في قمة المناخ شددت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي على ضرورة وضع هدف محدد للتأقلم مع التغيرات المناخية و هذا بالاضافة الى ضرورة التزام الدول بالتخفيض من انبعاثات الكربون مشيرة الى قيام تونس بتحيين مساهماتها المحددة وطنيا من خلال التقليص من كثافة الكربون بنسبة 45 بالمائة إلى حدود سنة 2030 و شددت وزيرة البيئة على اهمية تفعيل الاطار المؤسساتي لشبكة سانياغو من اجل وضع الاطار القانوني للخسائر والتعويضات مع الاشارة الى الهمية الالتزام بتعهدات مؤتمر كوبنهاجن مع الشروع في تحديد هدف دولي للتمويل انطلاقا من سنة 2025.
رباب علوي
تعليقك
Commentaires