alexametrics
الأولى

نواب يحتمون بالحصانة ويمتهنون الشتم والاهانة

مدّة القراءة : 3 دقيقة
نواب يحتمون بالحصانة ويمتهنون الشتم والاهانة

سبّ وهتك للأعراض ... اتهامات باطلة ... دعوات للقتل ... صراخ ... تبادل للشتائم... هكذا أصبحت الحياة السياسية وهكذا هم سياسيو تونس "الجديدة" تونس ما بعد 2011.

 

نقاشات وخطب أصبحت تؤثثها أركان أساسية قوامها الفوضى وتبادل العنف اللفظي والمادي بين النواب أو في حقّ مسؤول في الدولة في مشاهد غير مسبوقة تنحرف بنا على التقاليد التي كانت سائدة في مقرّ سيادة الشعب.

 

أوّل أمس الجمعة النائب عن حزب صوت الفلاحين فيصل التبيني في تصريح إذاعي يتوعّد رئيس الحكومة يوسف الشاهد بإعدامه رميا بالرصاص في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة على مرآى ومسمع كل التونسيين إذا ما تمّ الامضاء على اتفاقية التبادل الحر المعمق والشامل "الأليكا" وفي صورة وصوله إلى الحكم.

 

 تصريح أثار حفيظة كل الجهات وقوبل بالتنديد والرفض من قبل السياسيين بدرجة أولى والذين عبروا عن سخطهم لما يحمله من دعوة لتكريس ثقافة عدم احترام الغير واباحة كل أشكال العنف، بل أكثر من ذلك، التشجيع عليها، هو ليس التصريح الأوّل الصادر على لسان التبيني فقد سبق وهاجم حركة النهضة واتهمها ببيع البلاد لقطر وتركيا، ونعت رئيس المجلس محمد الناصر "بالكارثة على المجلس" الأمر الذي كلفه منع من التدخّل طيلة 3 جلسات إضافة إلى تهكّمه على وزير الفلاحة سمير بالطيّب والقائمة تطول...

 

سلوكات لم تقتصر على النائب فيصل التبيني بل يكاد يشترك فيها أغلب النواب حتى أصبحت ظاهرة وتحوّل البرلمان إلى مساحة من الصراعات ضربت شعبيته في مقتل، ولعلّى ما صدر عن نائبة التيّار الديمقراطي سامية عبو تجاه وزير التربية حاتم بن سالم خير دليل على ذلك حيث استعملت كلمات نابية لا تليق بقبة البرلمان ولا بصورتها التي من المفترض أن تكون قدوة في مستوى السلوك.

 

مشهد يأخذنا إلى العراك بالتلاسن والذي وصل حد التشابك بالأيدي بين النائب عن الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي ووليد جلاّد ووصل الأمر إلى سبّ الجلالة من قبل النائب نزار عمامي.

 

تكرار هذه الممارسات من قبل النواب الذين أصبحوا يساهمون في إضفاء الشرعية على كل السلوكات العنيفة بتبنيها وتطبيقها داخل البرلمان وخارجه، وهم يحتمون بالحصانة البرلمانية.

 

لنتفق أوّلا أن الحصانة البرلمانية هي نوع من الحماية القانونية التي يعطيها الدستور لنواب الشعب في البرلمان كنوع من الحماية السياسية والقانونية حتى يستطيع النائب أن يؤدي وظيفته الدستورية كاملة بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية على أعضاء البرلمان بالترغيب أو الترهيب.

 

فالدستور التونسي أعطى مجموعة من الحصانات لأعضاء مجلس نواب الشعب من اجل أن يمارسوا أعمالهم دون أية قيود تحد من حريتهم وتحفظ لهم الاستقلالية بالشكل الذي يبعدهم عن أي تهديد أو وعيد أو ضغط يمارس عليهم والحيلولة دون إعاقتهم من متابعة أعمالهم على أكمل وجه.

 

ما يعني أن النائب يمكنه أن يعبّر عن رأيه وموقفه بكل حرية لكن دون مساس بالأشخاص والتهكّم على بعضهم البعض أو على الوزراء بطريقة غير لائقة.

 

الفصل 68 من الدستور ينص على عدم امكانية إجراء أي تتبع قضائي مدني أو جزائي ضدّ عضو بمجلس نواب الشعب، أو إيقافه، أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها، أو أعمال يقوم بها، في ارتباط بمهامه النيابية وهو ما يمكن أن يعبر عنه بالحصانة الموضوعية بينما اهتم الفصل 69 من الدستور بالحصانة الاجرائية للنائب فشدد على عدم تتبع النائب أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة وذلك في حال اعتصام النائب بالحصانة الجزائية كتابة اي بمعنى أن النيابة العمومية لها حق استدعاء النائب واعلامه وفي حال تمسكه بالحصانة يمكن اللجوء الى اجراءات طلب رفع الحصانة وليس رفعها مباشرة مع التأكيد على أن حالة التلبس بالجريمة تحيل الى ايقاف النائب مباشرة وفق الفصل نفسه.


أما من الناحية الاجرائية للحصانة واجراءات رفعها فحسب الباب الرابع من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب ووفق الفصول من 28 الى 33 والتي أكدت على تمتع عضو مجلس نواب الشعب بالحصانة طبقا لأحكام الفصل 68 من الدستور المشار كما بين أنه يتم النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المقدم من السلطة القضائية مرفقا بملف القضية الى رئيس مجلس نواب الشعب الذي يحيله على لجنة النظام الداخلي والحصانة و القوانين الانتخابية المختصة والتي تتولى بدورها دراسته والاستماع الى العضو المعني في بادئ الامر، يلي ذلك رفع اللجنة لتقريرها الى مكتب المجلس الذي يحيله الى الجلسة العامة السرية ليتم في نهاية المطاف اتخاذ البرلمان لقراره بخصوص طلب رفع الحصانة او انهاء الايقاف بأغلبية الحاضرين من أعضائه بعد الاستماع الى تقرير لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية ثم إلى العضو المعني إذا رغب في ذلك.

 

عند قرائتنا للنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب نجد أنه من الضروري وضع مدونة من السلوك والأخلاقيات البرلمانية التي تقيد الحصانة أو الحماية التي يتمتع بها النائب، بحيث تفرض على هذا الأخير أن يلتزم بمجموعة من الشروط أهمها التعبير عن الرأي بلباقة واحترام وبجميع وسائل التعبير دون تجاوز لحدود القانون واللياقة، وأداء المهام البرلمانية بفعالية وأمانة. وذلك لما نشاهده لبعض السلوكات التي يقوم بها نواب البرلمان والتي تتنافى مع أخلاقيات النواب وحرمة قبّة البرلمان.

 

وفي هذا السياق كان النائب رياض جعيدان قد قدّم مبادرة لتنقيح النظام الداخلي بإضافة باب متعلق بمدونة الاخلاقيات وقواعد السلوك البرلمانية وذلك بهدف إرساء قواعد تعامل سياسي وبرلماني سليم بين النواب وداخل المجلس بصفة عامة.

 

وحسب جعيدان فإن هذا المقترح الذي وقّع عليه 36 نائبا من مختلف الكتل، جاء بناء على الوضع الذي أصبح موجودا في مجلس نواب الشعب لأن المواطن فقد الثقة في البرلمان بسبب التناحر والشجار والسب والشتم أحيانا بين النواب وتحيزهم لمواقفهم وفئاتهم وجهاتهم، ولكن مرّت هذه المبادرة بصمت لتبقى حبرا على ورق في انتظار اللجوء إلى بعض العقوبات التأديبية للحد من كل ما من شأنه أن يشوّه صورة البرلمان.

 

مروى يوسف


 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter