alexametrics
الأولى

مناظرة الكراسي الشاغرة: حينما تغيب المساواة وتكافؤ الفرص

مدّة القراءة : 5 دقيقة
مناظرة الكراسي الشاغرة: حينما تغيب المساواة وتكافؤ الفرص

 

مكنت المناظرات التلفزية بين المترشحين من توضيح الصورة لدى الرأي العام التونسي،  للتعرف على المرشحين ومقارنة البرامج، واتضحت الرؤية في تقييم الأداء والمقارنة بين مختلف المقاربات والبرامج، وصور ذلك مشهد ديمقراطي، الأول من نوعه في تونس والثالث عربيا باختلاف الظروف، لكن ظل غياب نبيل القروي وسليم الرياحي أحد النكسات التي ضربت الانتقال الديمقراطي نظرا لغياب مبدأين أساسين للانتخابات النزيهة والشفافة وهما المساواة وتكافؤ الفرص،  وبصرف النظر عن القضايا التي حالت دون حضورهما المناظرة فإن الطابع السياسي لاستبعادهما يقره كثيرون.


اعتبرت زوجة نبيل القروي سلوى السماوي في تصريح إعلامي أن زوجها سجين سياسي، مشيرة إلى أنه تمّ تحريك قضية كانت في رفوف القضاء منذ ثلاثة سنوات بمجرد صعوده في سبر الآراء ومنافسته لأبرز المترشحين.

كما اعتبرت قيادات حزب قلب تونس أنه تمّ إقصاء القروي المنافس الجدي لرئيس الحكومة، واتهموا رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالضغط على القضاء خدمة لمصالحه الخاصة.

وحسب تصريحات من ممثلين عن حزب قلب تونس ومقربين منه فإن هيئة الانتخابات وهيئة الاتصال السمعي البصري المشتركتان في تنظيم المناظرة قد رفضتا وضع كرسي شاغر مكان القروي ووضع صورته عليه، حتى تصل رسالة للمتفرج بوجود مرشح آخر حالت الظروف المعلومة للجميع دون حضوره.

وحسب تصريحهم فقد رفضت الهيئتين ذلك، على اعتبار أن القانون يشترط الحضور الجسدي للمرشح، كما أكد الحزب أنه طلب من السلطات تمكين القروي من حضور المناظرة عبر السكايب غير أن طلبهم جوبه بالرفض، بحجة أن القانون يمنع ذلك بصفة المرشح في حالة إيقاف، لكن هذا الرفض الذي تأسس على أسس قانونية بحتة ضرب مبادئ أساسية في العملية الانتخابية الديمقراطية وهو تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين.

وانطلقت الحصة الأولى من المناظرة في غياب المرشح نبيل القروي، وبين اتهامات وأخذ وردّ بين حزب القروي والحكومة، حاول مالك قناة الحوار التونسي سامي الفهري تمكين المرشح نبيل القروي من حوار تلفزي، ووجه طلبه الى هيئة الانتخابات التي ردت بأنها توافق على إجراء الحوار وفقا للفصل 52 من القانون الأساسي للانتخابات والاستفتاء الذي ينص على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المترشحين.

وأذنت الهيئة بإجراء هذا الحوار في إطار التراتيب الجاري بها العمل، مما يعني وفق التراتيب القانونية والقضائية المتعلقة بالحالة الخصوصية للمترشح الذي يظل رهن الإيقاف.

 

والى حدود الساعة لم يعلن القضاء بعد عن قراره بخصوص هذا الطلب، وبالتداول في الفرضيتين.

فإن خرج القروي للإعلام من سجنه، سيتمكن من الظهور للرأي العام في ثوب الضحية وسيقوم بالتعريف ببرنامجه وتقديم كل أفكاره وما يراوده داخل سجنه، وسيمكنه ذلك من مخاطبة ناخبيه بصفة حرة وتوجيه تعهداته ووعوده الانتخابية، كما أنه من المؤكد سيدعوهم للتصويت له والوقوف معه.

والفرضية الثانية  هي رفض المطلب، هذه الفرضية التي ستخدم القروي أكثر من ظهوره للعلن من سجنه، إذ سيخرج المترشح في ثوب الضحية الحقيقي الذي تآمرت عليه كل القوى، ونعلم جيّدا طبيعة العاطفة الشعبية، والتصويت بالعاطفة، حيث أن مختلف أطياف المجتمع تتفق نسبيا على أن القروي مظلوم وطبعا في العرف القانوني المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وإدانته لم تثبت بعد.

وما من شك في القدرة الاتصالية العالية للقروي وقدرة حزبه وقناته على تكييف كل المعطيات والمستجدات لصالح المترشح، وصل بهم في بعض المحطات المتعلقة بالقضية بتجاوز القانون والضوابط المهنية للإعلام السمعي البصري وانتهى بإسداء خطية مالية على القناة التي سقطت في الدعاية.

القروي صناعة وله القدرة على الخطابة والتأثير، ومثل هذا السيناريو إذا أصبح حقيقة سيخدم المرشح أكثر حتى من السماح له بالظهور فكل نظريات الاتصال السياسي أثبتت أن ما يعرف بالاتصال القائم على التضحية communication de victimisation  يجد مكانه داخل اللاوعي الشعبي، وتبعا لذلك فإن القروي قام بحملة انتخابية من وراء القضبان بطريقة جيدة، رغم عدم حصوله على كافة الحقوق التي تمتع بها غيره من المترشحين.

 

بالنسبة للمترشح الثاني للرئاسية سليم الرياحي الذي لم يحضر المناظرة بسبب الحكم القضائي الغيابي الصادر ضدّه بالسجن، لا يمكن للرياحي العودة إلى تونس، وهو تبعا لذلك حرم من حقه في المناظرة التي تمتع بها الجميع.

وقد طلب الرياحي من هيئة الانتخابات تمكينه من حضور المناظرة عبر السكايب من مكان إقامته بفرنسا، لكن الهيئة رفضت استنادا للقانون الذي يشترط الحضور الجسدي، فالضوابط القانونية للمناظرة صارمة إذ يمنع حتى على من يأتي متأخرا حضور المناظرة والمشاركة فيها بعد انطلاقها ودخول المترشحين.

واثر ذلك أكد سليم الرياحي في تدوينه على حسابه قائلا '' قوبل طلبنا بإجراء المناظرة التلفزية عن بعد باستعمال تقنيات الاتصال الحديثة بالرفض، وكما كان متوقعا، الأسباب كانت واهية وغير جدية وتضرب مباشرة حقنا في التواجد والدفاع عن برنامجنا الإنتخابي ككل المترشحين.
في هذه الظروف اعتبر تمكننا من تلقى رد كتابي بالرفض إنجازا في حد ذاته،
الآن توجهنا إلى القضاء طلبا في انصافنا بايقاف بث المناظرة واستعادة حقنا في معاملة متساوية بين كل المترشحين والمشاركة فيها بإحدى وسائل الاتصال ... 
وبناء على رأي الأساتذة المحامين ورغبة مني في عدم التشويش على عمل القضاة بخصوص قضيتي الاستعجالية هذه ، سألغي اليوم تواجدي مباشرة على صفحة الفيسبوك الخاصة بي على أمل أن يمككني القضاء من حقي في المشاركة في المناظرة.''

وبذلك يكون الرياحي قد ألغى تواجده المباشر عبر صفحته في إنتظار إقرار القضاء بحقه في حضور المناظرة''

وحسب الوثيقة التي تخص الجلسة بين مختلف ممثلي حملات المترشحين، فإن ممثل حملة كل من المترشح سيف الدين مخلوف وحمة الهمامي والصافي سعيد اعترضوا على إسناد أي تمييز أو استثناء ضد أي مترشح مؤكدين على تمسكهم بمبدأ المساواة بين جميع المترشحين. 

بعد رفض مطلب القروي والرياحي بحضور المناظرة عبر وتقنيات الاتصال الحديثة، كان ذلك ضربة للمبادئ الأساسية للانتخابات الديمقراطية التي لم يتمتع فيها جميع المترشحين بنفس الحظوظ، وضرب مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة، ورغم أن حالتي الاثنين مختلفة على اعتبار القروي رهن الإيقاف والرياحي محكوم غيابيا بالسجن، ما الذي سيقرره القضاء بخصوص طلب الاثنين لإنصافهم، فالكرة الآن في مرمى القضاء الذي سيقرر إمكانية إجراء مقابلة صحفية مع القروي على قناة الحوار التونسي وما سيقرره بخصوص تمكين الرياحي من حقه في المناظرة خصوصا وأن الأخير متمسك بحقه وتراجع حتى عن المباشر عبر صفحته الرسمية في انتظار قرار القضاء.

في انتظار قرارات القضاء، تشهد الانتخابات الثانية خلال الجمهورية الثانية، ضروبا من الاخلالات بمبدأين أساسين وهما تكافؤ الفرص والمساواة بين المترشحين، فالقروي والرياحي لم يقوما بحملات انتخابية كباقي المترشحين ولم يشاركا في المناظرة التلفزية، ما من شانه أن يقلل حظوظهما ويضرب بمبدأ تكافؤ الفرص كحق أساسي لكل مترشح، فبعد التزكيات المدلسة والتجاوزات الانتخابية نسجل عثرة أخرى من شأنها أن تكون النكسة الكبرى للانتقال الديمقراطي خصوصا وأن الإعلام الأجنبي ومختلف الدول تصوّب أعينها على الانتخابات في تونس.

سناء عدوني

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter