alexametrics
الأولى

للرئيس جيش الكتروني يحميه !

مدّة القراءة : 3 دقيقة
للرئيس جيش الكتروني يحميه !

في امتحان الانتخابات الرئاسية، لم تُخلق توازنات جديدة على المستوى السياسي فقط، ولم تتراجع وجوه "السلطة" التقليدية لوحدها عن هرم توقعات الفوز، بل جرت معها الاعلام باعتباره ميتا-سلطة تقليدية، واستحالت الميديا الجديدة (مواقع التواصل الاجتماعي) ساحة حرب عوضت الأولى، حتى أنها أصبحت تملك "مجموعات ضغط"  مستعدة لتشويه الخصوم، وأضحت الجيوش الالكترونية أذرعا اعلامية لا يُعترف بها رسميا من قبل أصحابها، لكن فضلها جليّ، ويمكنها أن تصنع ثورات و رؤساء دولة في غرفها الخلفية.

 

يمكن لحالة مجموعات الضغط المُستميتة عن الدفاع عن شخصية ما على وسائل التواصل الاجتماعي أن تتنزّل على داعمي الرئيس المنتخب قيس سعيد، هؤلاء من الجُند الافتراضيّ قد احتكروا الأصل التجاري للثورة، ونصّبوا أنفسهم لسان دفاع عن مؤسسة رئاسة الجمهورية، وجهزوا العتاد لحرب غير معلنهة على كل من يتجرأ على نقد/انتقاد قيس سعيد- العظيم، الثوري، الفضيح، الذي لا يُخطىء.

لا ندري لم، يظن هؤلاء أننا في حالة حرب الكل ضد الكل وأن التصادم بين السلطة والمعارضة عليه أن ينزع ثوب السلمية ويتحول الى حالة دائمة من التاهب للقذف والشتم، أهي نظرية المُؤامرة وهل تُموّل الماسونية كل من ينقد سعيد ؟ لا، لابد أن تمويلهم صهيوني-قطري-أمريكي ! قد يكونون أي شيء، غير مواطنين تونسيين يُمارسون حرية التعبير.. يخلق هؤلاء  أسخف الروايات، أسخف التهم، ويطلقون سمومهم في الفضاء السيبرني الذي يعد فضاء عاما، ويشوهون الصحفيين والسياسيين والشخصيات العامة ويهددون سلامتهم الجسدية وسلامة ابنائهم.

عقلية القبائلية هذه، اكتشفها الراي العام في السنوات الأولى للثورة مع الذباب الالكتروني لأنصار الشريعة، التنظيم الارهابي المحضور الذي باركت وجوده حركة النهضة واعتبرهم الغنوشي ابنائه. منذ بداية المسار الانتخابين عادت هذه الظاهرة الى الواجهة بتمظهرات أخف، غير مُأدلجة، لكنه بالكراهية المُبطنة ذاتها.

 

انطلق الجيش الالكتروني غير الشرعي لقيس سعيد، في بث خطاب الكراهية مع الاعلان الاولي عن نوايا التصويت للرئاسية. أول الخطوات كانت تشويه المنافسين الجديين مثل عبد الفتاح مورو، يوسف الشاهد ونبيل القروي. لكل ذريعة، فالأول اسلامي، والثاني فاسد، والثالث ابن النظام السابق. كلهم الضدُ لقيس سعيد، الذي بناه هؤلاء على حُطام منافسيه واستعملوا تقنية هدم الخصوم من أجل تصويره في أذهان جمهور الميديا الجديدة المنقذ للشباب والثوريين.

في مرحلة متقدمة، أصبح نبيل القروي، الخصم الأساسي لهؤلاء. مع أن الظاهر من طريقة قيس سعيد في التعامل مع خصومه كان الرصانة والمقارعة بالحجة، الا ان الغرف الخلفية تعمل بشكل مختلف/ مضاد لأطروحة الهدوء والأناقة. 

بعد الاعلان عن النتائج النهائية أصبح الاعلاميون من منتقدي قيس سعيد الأعداء الحقيقين. ومثل كل الهجمات من وراء الشاشات، فان المُستهدف كان الاعراض الشخصية والعائلات. تماما مثل جيش النهضة في 2012 الذي كانت حجته التكفير، هؤلاء استعملوا حجة التخوين وتُهم العمالة. مايا الكسوري، لطفي العماري ، محمد بوغلاب، مريم بلقاضي كانوا محل شتم وثلب وتشويه لأسابيع، عبر الصفحات والمواقع وجيش المُعلقين.

 

صبيحة الوم غرة نوفمبر 2019 صب هؤلاء جم غضبهم على بثينة قويعة، زميلتنا من الاذاعة الوطنية مهددين سلامة أطفالها ومتوعدين بتشويهها وتركيب صور مخلة بالاداب ونشرها. أساليب قذرة، كتلك التي مارسها الذباب الأزرق لحركة النهضة على ألفة الرياحي المدونة والصحفية التي فضحت النهضاوي رفيق عبد السلام في ما يعرف بقضية الشيراتون. تُقلقهم المرأة بدرجة أولى ويعلمون جيدا مواطن الاحراج لدى المُجتمع المُحافظ  ويشننون حملاتهم على هذا الأساس، أرض المعارك الافتراضية تحمل ميزوجينيا سامة، تماما مثل أرض المعارك الحقيقية.

 

 

الطبع العام للجيش الالكتروني لقيس سعيد هو أنهم من أحباء الهجوم حتى ان كان مجانيا، لا يقومون بالدفاع عن قيس سعيد (بل بالاساءة له عبر هذا السلوك المتطرف) بل يقومون بمهاجمة كل من ينقد الرئيس حتى لو كان مواطنا بسيطا ابدى رايه في تعليق أو تدوينة، يصنعون هالة تقديس غير مبررة حول قيس سعيد تشرع لديكتاتورية جديدة تُبنى في الخفاء.

 

عبير قاسمي

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter