يوسف الشاهد : "أنا صاحب القرار"
توجه رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، ليلة الاحد الماضي، بكلمة إلى الشعب لم تأت بالجديد، باستثناء كونه قال وألح على أنه هو من قاد المفاوضات مع الطرف النقابي ونجح في حلحلة الأزمة وليس راشد الغنوشي مثلما حاول البعض إيهامنا به...
قال الشاهد في ظهوره الإعلامي الأخير والذي دام سبع دقائق فقط .. كلمة ثبت على قناة الوطنية الأولى إنه تدخَّل شخصيا لإنجاح المفاوضات وعقد العديد من اللقاءات مع الأمين العام للمنظمة الشغيلة وإنه تم تفادي السنة البيضاء ملاحظا ان تلك الجلسات مكنت من إيجاد أرضية تفاهم مشترك وبالتالي حلحلة الأزمة .. كلمة رئيس الحكومة لم تدم سوى 7 دق و21 ثانية لكن كان التونسيون ينتظرونها بفارغ الصبر خاصة وأن بثها تأخر أكثر من ساعتين عما تم الإعلان عنه على الصفحة الرسمية للحكومة والتي أفادت بأن الكلمة ستبث إثر نشرت أخبار الثامنة مساء، إلا أنه تم بثها على الساعة العاشرة ليلا، بسبب خلل تقني طرأ على تجهيزات القناة العمومية.
كلمة الشاهد التي تخللها استعمال ضمير المخاطب تارة في صيغة المفرد وطورا في صيغة الجمع، خلت من أي معطيات جديدة أو هامة لكنها كانت فرصة للتأكيد على أن الحكومة ويوسف الشاهد شخصيا هما من كانا وراء نجاح المفاوضات مع الطرف النقابي ويبدو أن هذه الفكرة كانت الهدف الأساسي من لظهور الإعلامي ليوسف الشاهد الذي توجه بكلمة إلى الشعب التونسي وإلى الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تحرص الحكومة على ان تكون علاقاتها به غير متوترة لذلك سعى الشاهد الى الرد على تصريحات راشد الغنوشي الذي كان سباقا إلى الإعلان عن انفراج الأزمة المتواصلة منذ أشهر بين الحكومة واتحاد الشغل.
الغنوشي كان قال في تصريح نقلته عنه إذاعة "موزاييك" على إثر لقاء جمعه برئيس الحكومة وانعقد قبيل اجتماع مجلس شورى حركة النهضة يومي 9 و10 فيفري 2019 بمدينة الحمامات، إن البلاد تسير على الدرب السليم .. خاصة بعد إلغاء الإضراب العام في الوظيفة العمومية والاتفاق بين الجامعة العامة للتعليم الثانوي والحكومة .. هذا الإعلان الذي سبق حتى تصريحات الأطراف المسؤولة والتي أبرمت الاتفاق، جعل ن الغنوشي اول المعلنين عن الحدث السعيد في محاولة لنسب نجاح عملته الحكومة جاهدة طيلة أسابيع من أجل تحقيقه .. لذلك أثار تصريح الغنوشي استياء المركزية النقابية التي عبرت عن تفاجئها واستغرابها من دخول زعيم الحزب الإسلامي على الخط وحشر نفسه في مفاوضات لا دخل له فيها كما لم يكن فيها طرفا .. واعتبر اتحاد الشغل ان الغنوشي قام بمحاولة بائسة للركوب على الحدث ..
ولئن لم تكن مشاركة الغنوشي في المفاوضات بشكل رسمي الا ان هذا الأخير أكد انه عمل على إنجاحها، باعتباره طرفا في الائتلاف الحاكم وبالتالي شريكا في الحكم. كما أضاف ان حركة النهضة هي طرف فاعل في الائتلاف الحكومي وان الحزب يتحمل جزءا من المسؤولية في كل ما تقرره الحكومة .. فهي لم تفاوض في السماء بل على الأرض، حسب ما جاء في تصريح لاحق الراشد الغنوشي.
البعض ذهب الى حد الحديث عن تمويل قطري للزيادات في أجور الوظيفة العمومية وهو "شرف لم ننله" والعبارة للغنوشي الذي نفى هذا الأمر في تصريح على هامش اجتماع مجلس الشورى.
وبالعودة الى كلمة يوسف الشاهد الى الشعب التونسي يبدو ان الهدف الرئيسي منها هو وضع النقاط على الحروف وتوضيح مسألة من هو صاحب القرار .. لكن الظهور الإعلامي لرئيس الحكومة عادة ما يكون فاشلا على المستوى الاتصالي وفي المقابل نجحت حركة النهضة وبالتحديد زعيمها راشد الغنوشي في إثارة البلبلة في الساحة السياسية بمجرد تصريح كان له أكثر وقعا من الكلمة الرسمية لرئيس الحكومة .. حركة النهضة استغلت هذه المناسبة لتعلن عبر مجلس الشورى التابع لها انها معنية بالانتخابات الرئاسية وستقدم مرشحها لهذه الانتخابات .. وهو معطى يبدو انه سيكون محل متابعة من قبل الكثيرين في الفترة الجيزة القادمة.
(مترجم عن النص الأصلي بالفرنسية)
تعليقك
Commentaires