alexametrics
فيروس كورونا

كورونا / حماية الإطارات الطبيّة والشّبه طبيّة وكلّ العاملين في قطاع الصحّة واجب وطني

مدّة القراءة : 7 دقيقة
كورونا / حماية الإطارات الطبيّة والشّبه طبيّة وكلّ العاملين في قطاع الصحّة واجب وطني


أخذ نسق انتشار فيروس كورونا بتونس في التصاعد على الرّغم من أنّه مازال في المرحلة الأفقيّة، إلاّ أنّنا سجّلنا إلى حدود اليوم 24 مارس 2020،  114 حالة مؤكدة منها 74 حالة مستوردة و39 حالة محلية وكانت رئاسة الحكومة بالتنسيق مع رئاسة الجمهوريّة والبرلمان وكلّ الوزارات خاصّة وزارة الصحّة قد أخذت كلّ الإجراءات والتدابير اللازمة لكي يلتزم المواطنين بالحجر الصحّي العام للتقليص من انتشار هذا الوباء. 


كلّ هياكل الدّولة سخّرت إمكانياتها واتّخذت إجراءات لصالح المواطنين لحمايتهم من إمكانيّة العدوى بهذا الوباء الذي اجتاح العالم وخلّف آلاف الضحايا، ولكن في نفس الوقت الدّولة لم تُسخّر أعلى الإمكانيات لديها لتوفير آليات الحماية والوقاية من هذا الفيروس للإطارات الطبيّة والشبه طبيّة وكلّ العاملين في القطاعات الصحيّة وهم الذين معرّضون بدرجة أولى إلى العدوى من طرف المصابين. بعد أن انتشر فيروس كورونا في تونس، وضعت وزارة الصحة على ذمّة المواطنين العديد من الأرقام التي يمكن أن يتّصلوا بها للتثبّت من إمكانيّة إصابتهم بهذا الوباء إذا شعروا بعوارضه ولكن حبّذ الكثيرون منهم خاصّة العائدين من الدول الأجنبيّة، التنقّل إلى المستشفيات والمصحّات لإجراء تحاليل إمكانية الإصابة والغريب في الأمر أنّ الإطارات الطبيّة والشبه طبيّة يتعاملون مع القادم للتّحليل كمريض عادي ويمرّ على يد العديد من الممرضّين ويخضع للتحاليل ثمّ يعود لمنزله ولكن حين تتأكّد إصابته وتكون نتائج تحاليله إيجابيّة تكون قد حصلت الكارثة وانتشرت العدوى. 


يوم الأحد 22 مارس، صرّح  مدير الصحة العامة بوزارة الصحة شكري حمودة أنّ تونس على الرّغم من اتّخاذها لإجراءات المرحلة الثالثة الإستباقيّة إلاّ أنّها بعد المعطيات الجديدة والأرقام المحينة قد مرّت إلى المرحلة الوبائية الثالثة وأعلن أنّ تونس بها ثلاث بؤر للوباء وهم كلّ من المرسى وسكرة والبحيرة ولكنّه لم يقدّم التفاصيل ولا كيفيّة تسجيل هذه الكثافة في الإصابات. في مساء نفس اليوم، أعلن  معز بوراوي رئيس بلدية المرسى انّ المرسى بها إصابات تتراوح من 6 إلى 9 حالات وبيّن أنّ من ضمنهم أطباء وأغلبهم عائدين من دول أجنبيّة وقد إلتزموا بالحجر الصحي الذاتي. بعد ذلك تمّ الإعلان على أنّ مصحّة سكرة بكافّة إطاراتها الطبيّة والشبه طبيّة وكلّ العاملين بها دخلوا في الحجر الصحّي وذلك بعد أن تفطّنوا إلى أنّ أحد المصابين بفيروس كورونا قد نشر العدوى بينهم، ووفق تصريح المدير الطبي لمصحة سكرة رشيد المناعي لموقع ''حقائق أون لاين''، فإنّ أحد المرضى وهو رجل فرنسي يبلغ من العمر 75 سنة عاد إلى تونس يوم 7 مارس الجاري وتوجّه إلى قسم الإستعجالي بالمصحّة يوم 11 مارس بعد أن أصيب بشلل نصفي وصداع حاد في الرأس وخضع لتشخيص أوّلي بيّنت نتائجه ضرورة إخضاعه لعملية جراحية استعجالية. المريض خضع يوم 12 مارس إلى عملية جراحية مستعجلة على المخ  وكلّلت بالنجاح وغادر على إثرها المصحة يوم 15 مارس في صحّة جيدة، ليعود يوم 17 مارس وحرارته مرتفعة وقد أثار ذلك الشكّ في صفوف الإطار الطبّي وتمّ وضعه في غرفة منعزلة بالمصحة وبالتنسيق مع وزارة الصحّة تمّ إجراء التحاليل اللاّزمة له وغادر المصحّة يوم 18 مارس. وبمجرّد صدور نتائج التحاليل يوم 20 مارس، تبيّن انّ المريض حامل لفيروس كورونا وقد تمّ إخضاعة للحجر الصحّي الذاتي في منزله وأكّد المناعي أنّه تمّ إخضاع جميع العاملين بالمصحة من إطارات طبية وشبه طبية وعاملين بالإدارة، للحجر الصحي وقد تمّ أخذ عيّنات من دمهم لتحليلها والتأكد من عدم إصابتهم بعدوى فيروس كورونا المستجد وبيّن أنّه تمّ استثناء عدد قليل من الممرضين الذين لم يكن لهم اتصال مباشر مع المريض المصاب بالفيروس من الحجر الصحي وذلك للتفرغ لرعاية المرضى المقيمين بالمصحة والذين تم إيوائهم بأحد الأقسام المنعزلة تماما عن المصحة. 


هذه الكارثة التي حلّت بمصحّة سكرة نتيجة لعدم الإلتزام بالإجراءات الوقائيّة خاصّة وأنّه وجب على كلّ الهياكل الطبيّة أن تتعامل مع المرضى وخاصّة الأجانب في ظلّ تفشي فيروس كورونا بكلّ حذر، ولو تمّ استعمال وسائل الوقائيّة مع هذا المريض لما حلّت بالإطارات الطبيّة مثل هذه الكارثة واحتمال اصابتهم بالفيروس ليست مستثناة ويمكن أن يكونوا قد  نقلوا العدوى إلى عائلاتهم. لم تقف جائحة العدوى بفيروس كورونا عند مصحّة سكرة فقط، نظرا لنقص وسائل الحماية للإطارات الطبيّة والشبه طبيّة والعاملين في المستشفيات وقلّة الحذر في التعامل مع المرضى والذي كان من المفترض أن تُضخّ الآلاف منها منذ بداية انتشار هذا الفيروس في تونس، فقد تمّ وضع حوالي 30 عونا من الإطار الطبي وشبه الطبي بمستشفى الرابطة بالعاصمة في الحجر الصحي وذلك بعد أن توقّعت عدوتهم بفيروس كورونا من أحد المرضى بالمستشفى. ووفقا للمدير الجهوي للصحة بتونس طارق بن نصر في تصريح اليوم الثلاثاء 24 مارس لموزاييك أف أم، فإنّ المريض كان مقيم في قسم المجاري البولية وقد توجّه لمستشفى الرابطة يوم الأربعاء الفارط 18 مارس وكان يشكو من آلام  حادّة في الكلى وكانت حرارته مرتفعة وتمّ حقنه بالدواء المعتاد ومكث لمدّة 24 ساعة في المستشفى ثمّ غادر صباحا وبمجرّد عودته يوم السبت 21 مارس لأخذ الدواء لاحظ الإطار الطبي أنّ حرارته لم تنخفض وقرّروا إخضاعه للكشف بالأشعّة في مصحّة خاصّة الذي بيّن أنّه يعاني من أضرار على مستوى الرئتيْن ثمّ تمّ إجراء تحاليل لعيّنات منه وتبيّن أنّ نتائجها كانت إيجابيّة يوم أمس 23 مارس. وأكّد بن نصر أنّ فور صدور نتائج التحاليل تمّ إعلام مستشفى الرابطة الذي أخضع كلّ العاملين في قسم المجاري البولية  والذين كانوا في اتصال مباشر مع المريض إلى الحجر الصحّي الذاتي لمدّة 14 يوم، وتمّ غلق القسم لتتمّ عمليّة تعقيمه. وأضاف أنّه تمّ إغلاق أيضا مخبر تشريح الخلايا والأنسجة بالرابطة وذلك أنّ الطبيبة المباشرة في ذلك المخبر ثبت أنّ إبنها يشكو من الإصابة بفيروس كورونا.


منذ ليلة البارحة يعيش مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس حالة من الهلع والغضب داخل إطاراته الطبيّة والشبه طبيّة وذلك بعد أن صدرت نتائج تحاليل أحد المرضى بأنّه مصاب بفيروس كورونا، ووفقا للمدير الجهوي للصحة بصفاقس علي العيادي فإنّ مواطن أصيل ولاية صفاقس يبلغ من العمر 40 سنة تمّ إيوائه يوم السبت 21 مارس بقسم العناية المركزة نظرا لأنّه كان يشكو من ضيق تنفّس حاد وأثبتت التحاليل إصابته بالوباء وعلى إثر ذلك وقع تعقيم كامل المستشفى وفق تصريحه لموزاييك وتمّ إخضاع الإطارات الطبيّة والشبه الطبيّة الذين كانوا في اتّصال مباشر مع المريض للعزل الصحّي في منازلهم وفي نزل مخصّص لإيواء الأعوان وبيّن أنّ حالة المريض مستقرّة. أثارت هذه الإصابة، حالة من الفزع في صفوف الإطارات الطبية والشبه طبيّة بقسم الإنعاش وتمّ تداول العديد من مقاطع الفيديو بها تصريحات العاملين بذلك القسم ومن ضمنهم من صرّح اليوم الثلاثاء  أنّه من ضمن الإطارات الطبيّة الذين تمّ إيوائهم في النزل مساء يوم الأحد الفارط مشيرا أنّ المدير الجهوي لم يتّصل بهم وأكّد أنّه رفقة 7 أعوان في العزل الصحّي وهم كانوا على اتّصال مباشر بالمصاب بفيروس كورونا موضّحا أنّ العدد في تزايد وأضاف أنّ مدير المستشفى لم يتّصل بهم ولم يتمّ توفير الأكل لهم واستنكر الوجبة التي قدّمت لهم ليلة البارحة مبيّنا انّها غير قابلة للأكل. وفي فيديو نشره ممرّض رئيس بقسم الإنعاش الطبي بصفاقس، أكّد أنّ كلّ الإطارات الطبيّة تقوم بواجبها وهي مستعدّة للتضحيّة من أجل بذل كلّ الجهود في سبيل الحدّ من انتشار فيروس كورونا وبيّن أنّهم قاموا بمعالجة المريض ومساعدته على التنفّس الإصطناعي دون استعمال وسائل الوقاية ودون حماية وندّد بالنقص في مواد الحماية للعاملين بالمستشفى موضّحا أنّه بعد التأكّد من إصابة المريض بفيروس كورونا تمّ توزيع بعض أدوات الحماية عليهم لإسكاتهم وشدّد على أنّ كافة قسم الإنعاش أصيب بالعدوى قائلا ''مصيبة وقعت وأيّ فرد من ضمننا يمكن أن يكون حامل للفيروس'' مشيرا إلى زملائه الذين غادروا المشفى لعائلاتهم وإمكانيّة أن ينقلوا لهم العدوى  وأشار أنّ قرابة 50 عون طبي سيدخلون في الحجر الصحّي.


هذه المستشفيات والمصحّة الذين سجّلوا حالة عدوى انتشرت في صفوف العاملين بها، تُعاني كباقي المستشفيات والمصحّات من نقص فادح في المعدّات الطبيّة ووسائل الوقاية والحماية للإطارات، إنّ الممرّض أو الطبيب هو الشخص الرئيسي الأوّل الذي يجب أن يكون محمي من العدوى لأنّه في اتّصال مباشر مع المرضى ومن الممكن في ظلّ غياب آليات الوقاية أن يُصاب هو بالعدوى وينقلها لزملائه وللمرضى. العديد من الشركات الخاصّة والأشخاص عبّروا عن تضامنهم مع كلّ الأطباء والإطارات الطبيّة والشبه طبيّة الذين أطلقوا صيحة فزع على مواقع التواصل الإجتماعي مندّدين بالنقائص التي تشكو منها المستشفيات والمصحّات، وقد قام طلبة المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة بصنع أقنعة واقية ثلاثية الأبعاد وتمّ توزيعها على  مستشفيات ولاية المنستير والمهدية وقدرت بقرابة 50 قناعا واقيا، وتمّ توزيع حوالي 40 قناعا واقيا على المستشفى الجامعي سهلول والمستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة. كما قام قادة فوج الكشافة بالمكنين من ولاية المنستير بصناعة نماذج من الكمامات الطبية وتمّ توزيعها على كلّ المراكز الطبية المحلية والمستشفى الجهوي والإدارات والمحلات التجارية ومراكز الأمن بالمدينة.


كما وفّرت الدولة كلّ الآليات والوسائل لحماية المواطنين من فيروس كورونا وأصدرت إجراءات وتدابير للحدّ من انتشار الوباء وطالبت الشعب بتطبيقها، يجب على وزارة الصحّة بالتنسيق مع رئاسة الحكومة وهياكلها أن تلتفت للإطارات الطبيّة والشبه طبيّة وكلّ العاملين في قطاع الصحّة وتعمل على توفير كلّ وسائل الحماية والوقاية لهم ليتمكّنوا من العمل ليلا نهارا في ظروف ملائمة. 

يسرى رياحي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter