كورونا - ولايات تُحتضر وأرواح تُزهق ومنظومة صحية مُرهقة
تُعتبر ولاية القيروان الأولى على مستوى وطني في كلّ الأزمات، الأولى في نسب البطالة وفي حالات الإنتحار وفي الفقر المدقع والتهميش ومنذ سنوات نادى أهالي القيروان بضرورة أن تلتفت هياكل الدولة لولايتهم لكن لا حياة لمن تُنادي. اليوم القيروان تدفع فاتورة تجاهل السلطات لها، اليوم أصبحت القيروان ولاية الموت بعد أن انتشر بها فيروس كورونا وفتك بأهل المدينة كبارا وصغارا.
غياب مرافق صحية ذات مقوّمات جيّدة ونقص المعدّات والآلات الطبية في مستشفيات القيروان والغلاء المشطّ الذي تستعمله المصحات الخاصة بالجهة، ساهم في وفاة أكثر من 100 حالة بفيروس كورونا في ظرف شهر جوان في القيروان وأصبحت الولاية تسجّل اصابات تفوق 400 اصابة على كلّ 100 ألف ساكن. بعد موجة التنديد وصرخة الفزع التي أطلقها أهالي الجهة وتنفيذهم للعديد من الوقفات الإحتجاجية أمام مقرّ الولاية، أذن رئيس الجمهورية قيس سعيد بتركيز مستشفى ميداني بالقيروان. يحتوي المستشفى الميداني، على وحدة للفرز وأخرى لتقصي للفيروس، و14 سرير إنعاش مجهزّ، 8 منهم متواجدة بالمستشفى الميداني بالقاعة المغطاة، إضافة إلى 8 أسرة أوكسجين، فضلا عن توفير سيارة إسعاف عسكرية بكامل تجهيزاتها رابضة على عين المكان، كما تم تعزيز المستشفى الميداني التابع للصحة العمومية بفريق طبي وشبه طبي عسكري.
رئاسة الحكومة وأمام تفاقم الوضع الوبائي بالقيروان، قرّرت إعلان الحجر الصحي الشامل وغلق الولايات التي بها نسبة حالات عدوى تفوق 400 ساكن على 100000 ساكن. وأقرّت إحداث مراكز عزل جهوية للحالات الإيجابية ومستشفيات ميدانية للتكفل بالحالات المكتشفة بصفة مبكرة مع تعزيز هياكل الخط الأول للتكفل المبكر بالحالات والحرص على اتاحة التزود بالاوكسبجين، بالإضافة إلى تنظيم حملات ميدانية مكثفة للتقصي للمشتبه بهم وعزل الحالات الإيجابية والمخالطين وعوّلت على التكثيف من حملات التلقيح الميدانية الموسعة. كما تمّ إقرار تقديم توقيت حظر الجولان ليُصبح من الساعة الخامسة مساء إلى حدود الساعة الخامسة صباحا وبالنسبة للحجر الصحي الشامل تمّ استثناء الفروع البنكية بالجهة ومكاتب البريد مع الإقتصار على العمليات المالية فقط في إطار ضمان استمرارية المرافق الحيوية المرتبطة بحاجيات المواطنين.
170 سرير أكسجين تحتويه ولاية القيروان منهم بينهم 62 سرير بالمستشفى الميداني التابع للمستشفى الجامعي ابن الجزار وإضافة إلى 20 سرير انعاش تمّ تدعيهم بـ 15 عشر سرير ليُصبح للقيروان 35 سرير إنعاش بعد أن كانت تشكو من فقدان تامّ لأسرّة الإنعاش. محمد علي حمدي، مدير المستشفى الجامعي ابن الجزار كشف اليوم أنّه تمّ تدعيم طاقة استيعاب المستشفى الميداني من خلال معاضدتها بمجهودات الإدارة العامة للصحة العسكرية بعد التدخّل في ظرف 24 ساعة. المستشفى الميداني يشكو من نقص العديد من المعدات والتجهيزات التي تُساعد الأطباء والإطارات الطبية للقيام بعملهم في كنف السرعة على غرار غياب الحواسيب لتسجيل المرضى وهو ما اضطرّهم إلى التسجيل اليدوي. عادل المانع، ناظر المستشفى الميداني بالقيروان أكّد أنّ أعداد المرضى بكوفيد شهد تفاقما وساهم في خلق ازدحام بالمستشفى الميداني في ظلّ غياب الأدوية والأسرّة الكافية وبيّن أنّ المعتمديات هم الأكثر تضرّرا بالفيروس.
لا تُعتبر ولاية القيروان الولاية الوحيدة التي تُعاني من انتشار فادح لفيروس كورونا، فإنّ ولاية سليانة هي كذلك باتت تُسجلّ 538 إصابة بالوباء على 100 ألف ساكن، تلتها القيروان بـ 484 إصابة على 100 ألف ساكن ثمّ زغوان وباجة. وأمام هذه التفاقم الخطير جدا لإنتشار الوباء، قرّرت الحكومة التونسية إعلان الحجر الصحي الشامل في عدد من الولايات التي تفوق فيها نسبة الحدوث 400 إصابة لكل 100000 ساكن خلال الأربعة عشرة يوما الأخيرة وهم كلّ من ولاية القيروان وولاية سليانة وولاية زغوان وولاية باجة وشدد المشيشي على ضرورة تطبيق كل إجراءات الحجر الصحي الشامل. المدير الجهوي للصحة بسليانة، عادل الحدادي، أكّد أنّ الوضع الوبائي بالجهة خطير جدا وبأن درجة الإنذار مرتفعة جدا وأوضح، أن نسبة الإختطار لكل 100 ألف ساكن بلغت أكثر من 538 حالة في ولاية سليانة، وتجاوزت ألفي حالة بعدد من المعتمديات، كما بلغت طاقة الإستيعاب بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بسليانة 100 بالمائة. ودعا الحدادي كافة المواطنين إلى تطبيق الحجر الصحي الشامل، والإلتزام بمقتضياته بما في ذلك تجنب الحفلات، والإجتماعات، والإكتظاظ، وإرتداء الكمامة لكسر حلقات العدوى.
أقرّت اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث وتنظيم النجدة في بنزرت في اجتماع استثنائي التأم عشية اليوم بمقر الولاية تحت اشراف والي الجهة محمد قويدر، غلق معتمدية جومين بالكامل انطلاقا من منتصف الليلة 21 جوان وحتى منتصف ليلة 27 جوان الجاري. وتقرّر في نفس السياق مواصلة حظر الجولان من الساعة الثامنة ليلا وحتى الخامسة صباحا، باستثناء الحالات الصحية والامتحانات الوطنية ومنع التنقل بين العمادات والمعتمديات المجاورة داخل او خارج الولاية للمعتمدية ، وأيضا تعليق ارتياد دور العبادة وغلق المقاهي والمطاعم والحمامات والقاعات الرياضية وكافة المحلات التجارية باستثناء محلات تجارة المواد الغذائية ومنع كل التجمعات والاحتفالات العامة والخاصة وغلق السوق اليومية والاسبوعية وغلق كافة الفضاءات الترفيهية والمنتزهات ومختلف محلات الخدمات ، الا للحالات المرخص فيها والحالات الاستعجالية والخدمات الأساسية بما في ذلك حملة التلقيح.
قرار الحجر الصحي الشامل المفروض بباجة الشمالية والجنوبية وعمدون جاء اعتبارا لتجاوز عدد إصابات "كورونا" ال400 اصابة لكل مائة الف شخص قد استثني المقبلين على التلقيح ، علما وأن 8 معتمديات بولاية باجة قد صنفتها الإدارة الجهوية للصحة ذات مستوى انذار مرتفع جدا للاصابات بكورونا ليتجاوز عدد الإصابات بها مائة إصابة لكل مائة ألف ساكن وتسجل مدينة باجة الواقعة بمعتمديتي باجة الشمالية والجنوبية أعلى عدد للاصابات منذ قرابة شهر وذلك منذ اكتشاف السلالة البريطانية للفيروس بها. سجلت ولاية زغوان أمس الأحد واليوم الاثنين مجموع 5 وفيات جديدة جراء الإصابة بفيروس "كورونا" ارتفع على إثرها إجمالي الوفيات بالجهة منذ بداية الجائحة إلى 207 حالات منذ ظهور الوباء. وأفاد كاهية مدير الصحة الأساسية، نبيل الورفلي، في تصريح لـ"وات"، أن المصالح الصحية تلقت أيضا 92 نتيجة إيجابية لتحاليل مخبرية وأخرى سريعة، 67 منها تم إجراؤها بالقطاع العمومي و 25 تم التبليغ عنها من طرف الهياكل الصحية للقطاع الخاص، والتي بلغ بموجبها إجمالي الإصابات بالجهة 6187 حالة.
بلغ العدد الجملي للحالات المسجلة بفيروس كورونا منذ شهر فيفري 2020، 382950 حالة إصابة وبلغت نسبة التحاليل الإيجابية 29 فاصل 40 بالمائة وارتفع العدد الجملي لحالات الوفاة منذ شهر فيفري 2020، إلى 14038 حالة وفاة وبلغ عدد المتعافين أكثر من 332962.
أمام هذه الأرقام الكارثية والوضع الوبائي الخطير، يواصل أصحاب المقاعد في البرلمان ورؤساء المؤسسات السيادية الثلاثة الصراع في ما بينهم حول الدستور وبقاء الحكومة من عدمها وفي ذات الوقت يسرق فيروس كورونا أرواح أناس أبرياء يُعانون التهميش والفقر في كلّ الجهات دون استثناء.
تعليقك
Commentaires