كيف سيؤثر التضخم على الاقتصاد التونسي
كشفت نشرية المعهد الوطني للإحصاء الخاصة بمؤشر اسعار الاستهلاك العائلي لشهر ديسمبر ، عن ارتفاع معدل نسبة التضخم لسنة 2021 لتسجل 5,7 بالمائة في الوقت الذي سجلت فيه سنة 2020 ، 5,6 بالمائة .
أيضا أظهرت أرقام المعهد ارتفاع نسبة التضخم بتونس، في شهر ديسمبر 2021 لتسجل 6,6 بالمائة في الوقت الذي سجلت فيه 6,4 بالمائة خلال شهر نوفمبر 2021 و 6,3 بالمائة خلال شهر أكتوبر 2021.
و أدى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية من 6,9 بالمائة الى 7,6 بالمائة خلال وارتفاع أسعار الأثاث والـتـجـهـيزات والخدمات الـمـنـزلـيـة من 4,8 بالمائة الى 5,2 بالمائة، الى هذا التضخم
وباحتساب الانزلاق السنوي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7,6 بالمائة بسبب ارتفاع أسعار الدواجن بنسبة 23,3 بالمائة وأسعار زيت الزيتون بنسبة 21,8 بالمائة وأسعار البيض بنسبة 15,5 بالمائة. كما سجلت أسعار الغلال الطازجة ارتفاعا ملحوظا بنسبة 16,7 بالمائة وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 10,8 بالمائة وأسعار الأسماك الطازجة بنسبة 9,0 بالمائة.
ووفق إحصائيات المعهد انخفضت أسعار لحم البقر واسعار لحم الضأن على التوالي بنسبة (-3,6 بالمائة) و(-2,2 بالمائة) كما تراجعت أسعار الفواكه الجافة بنسبة (-6,9 بالمائة) مقارنة بأسعار شهر ديسمبر 2020.
فيما ارتفعت أسعار المواد المصنعة ارتفاعا بنسبة 7,6 بالمائة باحتساب الانزلاق السنوي و يعود ذلك الى ارتفاع أسعار المواد الصيدلية بنسبة 5,7 بالمائة وأسعار مواد البناء بنسبة 14,0 بالمائة وأسعار الملابس والاحذية بنسبة 8,7 بالمائة وأسعار مواد التنظيف بنسبة 5,4 بالمائة.
و لا يختلف الأمر عن قطاع الخدمات الذي سجل هو الاخر ارتفاعا بنسبة 4,8 بالمائة بسبب ارتفاع أسعار خدمات المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 6,5 بالمائة وأسعار خدمات الصحة بنسبة 5,2 بالمائة وأسعار الإيجارات بنسبة 4,3 بالمائة.
كذلك سجلت أسعار المواد الحرة ارتفاعا بنسبة 6,7 بالمائة مقابل 6,5 بالمائة بالنسبة للمواد المؤطرة، في الوقت الذي بلغت فيه نسبة الانزلاق السنوي للمواد الغذائية الحرة 8,3 بالمائة مقابل 4,0 بالمائة بالنسبة للمواد الغذائية المؤطرة.
ارتفاع الأسعار و تواصل التضخم سيؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطن ، و هو سيؤدي إلى انخفاض قيمة الدينار امام العملات الاجنبية و الى تراجع الاستثمار لان ارتفاع الاسعار يعني ارتفاع التكاليف المحملة على المستثمر . في نفس الوقت قد يؤثر هذا التضخم على ميزان الدفوعات و ذلك بالنظر الى امكانية تراجع الصادرات و فقدان الدولة لقدرتها التنافسية مقارنة بالسوق العالمية . و قد يلجأ البنك المركزي في هذه الحالة الى الترفيع في أسعار الفائدة لمحاولة التخفيض في الطلب الأمر الذي سيترتب عنه انخفاض في قيمة الأجور .
و أمام هذا التضخم و الآثار الاقتصادية التي ستنجر عنه تعمل الحكومة التونسية على الترفيع في الموارد الجبائية بقيمة 1.8 مليار دينار من خلال الترفيع في أسعار بعض المواد على غرار التبغ والمشروبات الكحولية . في هذا السياق نص قانون المالية لسنة 2022 على جملة من الإجراءات الجديدة في هذا السياق على غرار الترفيع في إتاوة الدعم الموظف على الملاهي ، توظيف 100 مليم على كل عمليّة شراء من المغازات الكبرى ، الترفيع في معلوم الجولان بالنسبة للسيارات السياحية ، تعديل أسعار المحروقات و تحيين تعريفة تجارة المشروبات الكحولية .
في نفس الوقت تسعى تونس إلى الحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي و قدمت في هذا السياق وثيقة تفاوض نصت على تجميد الزيادة في الأجور في القطاع العام بين سنة 2022 و2024، تجميد الانتداب في الوظيفة العمومية والقطاع العام و الترفيع في أسعار المحروقات .
إجراءات موجعة قد تتخذها الحكومة التونسية من أجل قرض من صندوق النقد الدولي . هذه الإجراءات لاقت انتقادات من الاتحاد العام التونسي للشغل الذي استنكر غياب التشاور في إعداد وثيقة التفاوض. حيث انتقد الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل عبد الكريم جراد ، سياسة السرية التي تعتمدها الحكومة الحالية في علاقة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي ، و في الوقت الذي وصف فيه النقابي وثيقة التفاوض بالقديمة الجديدة ، أشار عبد الكريم جراد الى ظهور طريقة عمل جديدة تعتمدها الحكومة الحالية " وثيقة المفاوضات و توصيات صندوق النقد الدولي هي قديمة جديدة ، فلطالما دعا صندوق النقد الدولي الى الضغط على الأجور و التفويت في المؤسسات العمومية و رفع الدعم ، لكن الجديد هو طريقة تعامل الحكومة مع الطرف النقابي التي أصبحت سرية حتى انها لم تقم بتشريك مكونات المجتمع المدني" . لهذا السبب تجد الحكومة التونسية نفسها في رهان بين الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي و الابقاء على علاقة تشاركية مع اتحاد الشغل .
و للتذكير يبلغُ حجم ميزانية الدولة لــ 2022 بحسب قانون الميزانية ، 57291 مليون دينار، تتوزع الى 21735 مليون دينار نفقات تأجير و تبلغ نفقات الدعم 7262 مليون دينار . يبلغُ عجز الميزانية 6 فاصل 7 من الناتج المالي الاجمالي.
و تقدر حاجيات تمويل بـ 18673 مليون دينار وحاجيات خرينة الدولة بـ1310 مليون دينار، مما يستدعي تعبئة حاجيات الاقتراض الى حدود 19983 مليون دينار تتوزع بين12652 مليون دينار اقتراض خارجي و مليون دينار 7381 اقتراض داخلي.
رباب علوي
تعليقك
Commentaires