alexametrics
الأولى

موقف قيس سعيد من التطبيع والقضية الفلسطينيّة جعل من تونس شبيهة إيران بالنسبة لهؤلاء

مدّة القراءة : 8 دقيقة
موقف قيس سعيد من التطبيع والقضية الفلسطينيّة جعل من تونس شبيهة إيران بالنسبة لهؤلاء


"التطبيع خيانة عظمى..مايحدث في فلسطين هو مظلمة القرن..الحقّ الفلسطيني لا يسقط بالتقادم ومن يكُن له علاقة مع الكيان الصهيوني هو خائن'' هذا كان موقف رئيس الجمهوريّة قيس سعيد من التطبيع ومن صفقة القرن التي تقدّم بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. هذا الموقف يمثّل تونس ويلزم كلّ مواطنيها مهما كانت طبيعة مهنته أو النشاط الذي يمتهنه.


مجلس نواب الشعب أدان يوم 29 جانفي 2020، صفقة القرن التي تهدف إلى فرض السيادة الصهيونية على كامل القدس وإعلانها عاصمة لدولة إسرائيل وتقليص الأراضي الفلسطينية التي ستكون تحت إمرة الكيان الصهيوني، مرغما بذلك الفلسطنيّين على الاعتراف القسري بدولة تفتك أراضيهم وتدمر هويتهم وتاريخهم. أكّد البرلمان التونسي على مناصرة حق الشعوب في تقرير مصيرها، وفي الدعم المبدئي لحركات التحرر العادلة وفي مقدمتها حركة التحرّر الفلسطيني، ومناهضة كل أشكال الاحتلال والعنصرية معلنا تضامنه مع الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس داعيا البرلمانات العربيّة والإسلاميّة والدوليّة إلى إدانة هذا السلوك العدائي تجاه قضيّة إنسانيّة وحضاريّة عادلة.

وزارة الخارجية التونسيّة أكّدت بدورها على ضرورة عدم المساس بالوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس وفقا لقرارات الأمم المتحدة، التي ترفض إعلان القدس عاصمة لإسرائيل وفق صفقة القرن التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وشدّدت على أنّ تونس تدعم مسار إحلال السّلام العادل والشّامل والدائم و الاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف والتجزئة في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس. "تُعرب تونس مجدّدا عن وقوفها الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني الأبيّ من أجل استعادة حقوقه المشروعة ودعمها لكل المبادرات الرامية إلى استئناف مسار السلام على أساس قرارات الشرعية الدولية وعلى أساس حقّ الشعب الفلسطيني في أرضه، وهو حقّ غير قابل للسقوط بمرور الزمن" هكذا علقت الخارجية التونسية موضحة موقفها من محاولات إزالة الحق الفلسطيني واعتبرت ذلك خرقا للمواثيق الانسانية والحقوقية الدولية.

يوم الأربعاء 5 فيفري، نفّذ الإتحاد العام التونسي للشغل بحضور أمين عام المنظمة الشغيلة نورالدين الطبوبي وأعضاء المكتب التنفيذي وعدد من نواب البرلمان عن حركة الشعب والتيار والجبهة بالاضافة إلى قادة عدد من الأحزاب، مسيرة ضد صفقة القرن ومساندة لفلسطين من أمام مقر اتحاد الشغل ببطحاء محمد علي وجابت شارع الحبيب بورقيبة. وحضر المسيرة سفير فلسطين بتونس، نقابيون وحقوقيون، الهيئة الوطنية للمحامين، والاتحاد العام لطلبة تونس رافعين شعار تجريم التطبيع وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، مساندة منهم  للشعب الفلسطيني ضدّ محاولات إرغامه على الاعتراف إداريا بالكيان الصهيوني ومحاولات تغيير عاصمة فلسطين القدس إلى عاصمة لدولة إسرائيل المزعومة.



كما أنّ الرئيس قيس سعيد تلقى مكالمة هاتفيّة من  الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الجمعة 7 فيفري 2020، وعبّر عباد عن احترامه واعتزازه بموقف سعيّد من التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتطرّق الطرفيْن  خلال هذه المحادثة لمشروع القرار الذي ستقدمه تونس إلى مجلس الأمن والاتفاق على أن يتم التشاور مع الدول العربية وكل الدول الداعمة لحق الشعب الفلسطيني قبل تقديمه بصفة رسمية إلى مجلس الأمن. في نفس السياق، أكّد رئيس البرلمان راشد الغنوشي خلال مشاركته يوم السبت 8 فيفري 2020، في المؤتمر   الثلاثين الطارئ للاتحاد البرلماني العربي لدعم القضية الفلسطينية تحت عنوان "دعم ومساندة الأشقاء الفلسطينيين في قضيتهم العادلة (قضية العرب والمسلمين)''، أنّ القضيّة الفلسطنيّة هي القضيّة المركزيّة للأمّة العربيّة والإسلاميّة. واعتبر  أنّه لا يمكن الحديث عن الحرّية وفلسطين ''مكبّلة''، كما لا يمكن التحدّث عن حقّ الطفولة وطفولة فلسطين ''مشرّدة''، وإنّ الحديث عن المرأة منقوص والمرأة الفلسطينيّة ''تُداس كرامتها''. وأضاف أنّ فلسطين قضيّة ''تُحرج الضمائر الحيّة'' وهي دليل على أنّ العالم مازال بعيد عن الحقّ في العدالة والسلام.  وأشار أنّ صفقة القرن هي تعدّيا عن الحقّ وتهديدا للسلام مؤكّدا أنّ فلسطين ليست ''بضاعة'' كما أنّ القدس ''ليست أصلا تجاريا يُباع ويُشترى''، واعتبر أنّ صفقة القرن داست على كلّ الأطر القانونيّة والمعاهدات الدوليّة وستساهم في فتح باب جديد من الإضطراب في الشرق الأوسط.


من جهته، اعتبر أحمد ونيّس وزيرالخارجيّة السابق  أنّ مشروع ترامب هو كارثة على فلسطين وشعبها وعلى العالم العربي وعلى النظام العالمي المبني على احترام الشرعيّة الدولية ومبادئ القانون الدولي مشيرا أن انخرام النظام يهدد النظام العالمي الذي تمّ من ورائه نزع الإستعمار والتميّيز العنصري وتحرير الأوطان في العالم العربي. سفير دولة فلسطين في تونس هايل الفاهوم، أكّد أنّ التطبيع هو مكافأة لجرائم الإحتلال، ويمدّ له اليد العليا للسيطرة على الشعوب وافتكاك حقوقها وشرعيتها الدولية، كما أنّ كل من يفكّر في تقديم هدية من خلال الموافقة على  هذا المسار الإجرامي الذي تكون فيه قوات الإحتلال ضدّ الشعب الفلسطيني هو خائن. وأفاد أنّ ''من تخلى عن الحق الفلسطيني هو تخلى عن حقه'' واعتبر أنّ التطبيع هو دعم لإستراتيجية مدعومة من الخارج لطمس الهوية الفلسطينية ''نحن هويتنا موجودة حتى في الهواء الطلق بين الشعوب''. وقال أنّ تطوير العلاقات مع إسرائيل  هو خيانة للذات وبيّن أنّه يشاطر الرئيس قيس سعيد في أن التطبيع خيانة عظمى للذات وللقيم وخروج عن قيم توافق عليها المجتمع الدولي معتبرا أنّ قيس سعيد هو من المتمكّنين في القانون الدولي وهو أول من تحدث عن الحق الفلسطيني مؤكدا أنّه لا يمكن التفاوض عليه وهو ليست سلعة للبيع. 

هذا الموقف المساند والمدافع عن الدولة الشقيقة فلسطين جعل من تونس محلّ العديد من الإنتقادات داخليا وخارجيا، خاصّة عندما تعلّق موضوع التطبيع بمشاركة لاعبة التنس التونسيّة أنس جابر في مباراة أمام لاعبات المنتخب الإسرائيلي في بطولة كأس الاتحاد الدولي المقامة حاليا بهيلسنكي. هناك من اعتبر فوزها انتصارا للقضية الفلسطينية وهناك من اعتبره تطبيعا مرفوضا، ليقف طرف ثالث على الحياد مطالبا بعدم تحميل اللاعبين ما لا طاقة لهم به وتعريضهم لعقوبات دولية تؤثر على مسيرتهم المهنية وهو ما تبيّن في ردود أفعال التونسيّين بعد بيان وزارة الخارجيّة التي اعتبرت أنّ أيّ شكل من أشكال العلاقات مع الكيان الصهيوني حتى وإن تعلّق الأمر بمقابلات رياضية، مرفوض، وأشارت أنّ خوض المنتخب الوطني للتنس سيدات مباراة مع منتخب كيان الاحتلال الإسرائيلي في إطار بطولة كأس الاتحاد الدولي للتنس المُقامة حاليا بهلسنكي، يعتبر تجاوزا لتعهدات تونس والتزاماتها التاريخية إزاء القضية الفلسطينية العادلة ومخالفا للموقف الرسمي للدولة التونسية الداعم والمساند لحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية''. 

لم تقتصر حرب الإنتقادات للموقف التونسي من التطبيع عند الرأي التونسي فقط، بل تجاوزت ذلك إلى حدّ تهديد السياحة التونسيّة. مشاركة اللاعب الإسرائيلي أرون كوهين البالغ من العمر 17 سنة  في دورة دولية للتنس منظّمة في تونس، والذي دخل تونس بجواز سفر فرنسي ولعب مبارياته بإجازة إسرائيلية، والذي فاز يوم  الأحد 26 جانفي 2020، في الدور التمهيدي على اللاعب تونسي  كريم الشاذلي بنتيجة شوطين لصفر " 6 - 1 و 6 - 0 " أدّى إلى دعوة رئيس الدولة قيس سعيد من وزيرة الشباب والرياضة سنية بالشيخ إلى فتح تحقيق في الغرض لتحديد المسؤوليات، مذكّرا بموقف تونس المبدئي الرافض لإقامة علاقات مع إسرائيل تحت أي شكل من الأشكال. وفي تصريح اعلامي لها، قالت بالشيخ أنّه تمّ فتح تحقيق في مشاركة لاعب إسرائيلي في دورة تنس في تونس وأشارت أنّ وزير الداخلية أكد أن اللاعب المذكور دخل تونس بجواز سفر فرنسي، في حين طلبت وزارة الشباب من الجامعة التونسية لكرة التنس مدّها بكل المعطيات حول هذا اللاعب وبأي جنسية شارك في الدورة، وشددت قائلة ''نحن لا نقبل دخول لاعب اسرائيلي لتونس،  هو لا يدخل بجواز سفر اسرائيلي، الإقصاء يكون طبيعيا''. 

الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشّابي، وجّه رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد دعاه من خلالها لفتح تحقيق بخصوص السماح للاعب يحمل الجنسية الإسرائيلية المشاركة في ثلاث مباريات ضمن دورة دولية للتنس إحتضنتها تونس وطالب باتخاذ كل الإجراءات الاحترازية العاجلة ومنها وقف نشاط المكتب الجامعي المسؤول عن هذا الاختراق. كما أثارت صورة رئيسة الجامعة التونسية للتنس سلمى المولهي مع رئيس جامعة الكيان الصهيوني جون يروم في منافسات كأس الاتحاد في فنلندا وهي تبتسم في التقاط صورة تذكارية، موجة من الاحتجاج على مواقع التواصل الإجتماعي في مغزى الصورة وهي ليست بلاعبة وغير مجبرة أساسا بالوقوف إلى جانبه مثلما عبر العديد من التونسيين على مواقع التواصل. الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني وصفت المولهي بالمطبّعة. واعتبر نور الدين الطبوبي أن رئيسة الجامعة التونسية للتنس سلمى المولهي لا تُمثل المرأة التونسية، وذلك بسبب الصورة التي ظهرت فيها رفقة نظيرها الصهيوني على هامش المنافسات. وقال نورالدين الطبوبي في حوار للوطنية الأولى، ''ألف عار وألف خزي لهذه الممارسات''.

 

كما دعا النائب الفرنسي  ماير حبيب وهو سياسي فرنسي-إسرائيلي الفرنسيين إلى مقاطعة تونس سياحيا لأنها تشبه إيران في مدى كراهيتها  ضد إسرائيل، وأوضح أنّ "تونس أصبحت تنصّ على كراهية إسرائيل في سياسة الدولة وتغرق في هوسها بكره متّبعة خطى إيران ". قام بنشر تدوينته تنديدا بقرار قيس سعيد بفتح تحقيق في ملابسات مشاركة لاعب التنس الإسرائيلي في مباراة داخل تونس وعلّق قائلا ''تونس تتبنى كراهية إسرائيل كسياسة دولة عبر مقاطعة رياضي فرنسي إسرائيلي في حين أن مصر والأردن قد أبرمت اتفاقات سلام ، في حين أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب انطلقوا في تطبيع العلاقات مع إسرائيل ، فإن تونس تغرق في كراهية الهوس على خطى إيران. حتى الرياضة ليست بمنأى من الكره''.  النائب عن تحيا تونس حسين جنيح  في تدوينة له اتقد بشدة تصريحات النائب الفرنسي مؤكداً أنه قد تجاوز الحدود وأنه ليس لديه الحق لإعطاء الدروس والدعوة لفرض حظر سياحي على تونس مشيرا أنّ روني الطرابلسي  وزير السياحة التونسي يهودي وأنه يمثل بفخر بلده ودينه في تونس وفي الخارج.

وزير السياحة روني الطرابلسي عبّر عن استيائه من تصريحات ماير معتبرا أنه يستغرب هجومه على الوجهة التونسية خصوصا أنه من أصل تونسي و يعلم جيدا أن وزير السياحة التونسي من ذوي الديانة اليهودية مثله تماما مضيفا أنه سيرد عليه ردا رسميا و يطالبه بالاعتذار من تونس و التونسيين لهجومه الغير مبرر على تونس. وأكّد أنّ تونس المقبلة على المشاركة في الألعاب الأولمبية بطوكيو مطالبة باتخاذ موقف رسمي لأنه قد تشارك ضد لاعبين من جنسيات غير مرغوب فيها ومن غير المعقول ترك الموضوع مفتوحا.

 

موقف الرئيس التونسي قيس سعيد من التطبيع استحسنه الكثير من قادة الدول العربية على غرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما أنّ فلسطين لها دعم كبير من تونس ولكن هذا الموقف  جعل من تونس محلّ الكثير من الإنتقادات وعرّض الوضع الدبلوماسي للكثير من المخاطر في إطار غياب ميثاق يوضّح الخطوط الحمراء للتطبيع. 

يسرى رياحي


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter