ليكون خليفة الفخفاخ: من سيكلف قيس سعيد برئاسة الحكومة
مهدي بن غربية: تونس ستعيش اصعب شتاء على الاطلاق
راسل رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس 16 جويلية 2020 الأحزاب والائتلافات والكتل البرلمانية وطالبهم بتقديم مقترحاتهم كتابيا حول الشخصية التي ستخلف رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ والتي سيتم تكليفها بتشكيل الحكومة القادمة، وترك لهم المجال الى حدود يوم الاربعاء 22 جويلية كأخر أجل لتقديم الترشيحات والمقترحات.
رئيس الجمهورية، خير عدم الدخول مباشرة في مشاورات مع الأحزاب، وخير اعتماد نفس التمشي الذي اعتمده خلال المشاورات الماضية قبل تعيين الياس الفخفاخ رغم ما شاب العملية من تعليقات وتذمر من ممثلي الأحزاب حيث أكد بعضهم أن تلقي الملفات من قبل عون حراسة في "قاريطة" بالقصر الرئاسي فيه الكثير من الإهانة للأحزاب والكتل التي ستقوم بالتصويت على مرشح سعيد خلال جلسة عامة بمجلس نواب الشعب.
حركة النهضة الحزب الأول من حيث التمثيل في مجلس نواب الشعب، دعت في بيان لها أمس الخميس، رئيس الجمهورية الى تحمل مسؤوليته كاملة لضمان استقرار المرفق العام وتحييده عن التوظيف السياسي مشيرة الى أن المرحلة الجديدة التي دخلتها البلاد بعد استقالة رئيس الحكومة الياس الفخفاخ تقتضي إدارة حوار ومشاورات بين مختلف الأطراف السياسيّة والاجتماعيّة من أجل تشكيل حكومي يجسم الوحدة الوطنية وقادر على مجابهة التحديات الصعبة التي تواجه البلاد
- سيناريوهات مختلفة ... والنتيجة واحدة
رجحت مصادر مطلعة مقربة من دائرة الرئيس قيس سعيد، أن الرئيس امام ثلاثة احتمالات بصدد درسها قبل الإعلان عن هوية رئيس الحكومة القادم، الاحتمال الأول هو اختيار شخصية سياسية بامتياز لتشكيل حكومة سياسية تجمع وجوها من الساحة السياسية تحضى بالاحترام وقادرة على نيل ثقة المجلس، لكن هذا الاحتمال صعب التحقق خاصة في ضوء المشهد السياسي المتشنج وتقارب الكتل البرلمانية في الحجم التمثيلي بالمجلس، كما أن اختيار الياس الفخفاخ لرئاسة الحكومة و هو شخصية سياسية ترشحت للاستحقاق الرئاسي و ترشح حزبه للاستحقاق التشريعي يجعل الرئيس يفكر ألف مرة قبل اختيار وجه سياسي اخر.
الاحتمال الثاني هو الذهاب في اتجاه اختيار شخصية اقتصادية علمية مع توصيته بالمزج في اختيار الوزراء بين شخصيات تكنقراط مختصة في بعض المجالات خاصة الاقتصادية مع شخصيات سياسية ذات وزن لتكون الحكومة مزيجا بين الحنكة السياسية والمعرفة العلمية، وتؤكد مصادر مقربة من قيس سعيد انه يفكر جديا في شخص تنطبق فيه شروط الاستقلالية والكفاءة والقدرة على فرض الانضباط على المشهد السياسي والذهاب في اتجاه استعادة هيبة الدولة واحترام القانون.
الاحتمال الثالث هو تكليف شخصية مستقلة بتشكيل حكومة تكنوقراط ذات شخصية اقتصادية لها من الكفاءة ما يسمح بإيجاد حل لمأزق تردي الوضع الاقتصادي بالبلاد لكن هذا التوجه قد يورط قيس سعيد حيث ستكون الحكومة محسوبة عليه بشكل مباشر في الفشل والنجاح لأنها ستكون خالية من الأحزاب وستكون أمام مشهد سياسي غير منسجم وبغير حزام سياسي حقيقي يحميها ويساندها وهو ما يعني استحالة مواصلتها العمل أكثر من ستة أشهر.
كل الاحتمالات الثلاثة ستؤدي الى نفس النتيجة في صورة عدم وجود حزام سياسي صلب ومتجانس قادر على حماية الحكومة والدفاع على توجهاتها وضمان استمراريتها وهو ما يقتضي التفكير في الحزام قبل التفكير في الحكومة نفسها فمن غير المنطقي اتخاذ نفس التمشي وانتظار نتيجة مخالفة في كل مرة.
- شخصيات اعتبارية
أكد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي خلال حضوره ببرنامج هات الصحيح على قناة نسمة اليوم الجمعة أن تونس تعيش أزمة اقتصادية وسياسية كبيرة ويجب ان تتوفر مجموعة من الصفات والمواصفات في الشخصية التي سيتم اختيارها لرئاسة الحكومة أولها ألا يكون متأدلجا لأن السنوات العشرة التي تلت الثورة كانت كفيلة بخلق أزمات ومشاكل أيدولوجية، و يجب ان يكون صاحب ثقافة سياسية دون ان يكون متحزبا او منتميا لكتلة بعينها ، كما يجب أن يكون ملما بالوضع الاقتصادي للبلاد، خاصة وأن الجزء الأكبر للأزمة في تونس اقتصادي بامتياز، و يجب أيضا أن يملك شبكة علاقات دولية، وذلك باعتبار ان تونس في حاجة إلى الخارج وليس العكس.
وكالعادة قبل أي تحوير وزاري أو اختيار رئيس حكومة يتم تسريب عدة أسماء اما بغاية – حرقها – سياسيا أو لأنها فعلا مرشحة من قبل بعض الأحزاب وهو ما حدث هذه المرة أيضا فقد تم تداول العديد من الأسماء المرشحة لتولي رئاسة الحكومة وخلافة الياس الفخفاخ.
الشخصية الأكثر تداولا في كواليس المشهد السياسي، الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حكيم بن حمودة الذي يجمع بين الاستقلالية والمعرفة السياسية والاختصاص الاقتصادي، كما انه الاسم الذي يتم تداوله في كل مناسبة تتعلق بتعين شخص عارف بالملف الاقتصادي، فقد اثبت خلال الفترة التي قضاها على رأس وزارة المالية أنه يملك بصمة خاصة به وقادر على الإمساك بزمام الأمور.
من الأسماء المتداولة أيضا لخلافة الفخفاخ وزير الداخلية الحالي هشام المشيشي، فهو شخصية مستقلة وعارف بدواليب الدولة وكان وزيرا للداخلية في مرحلة عرفت فيها الوزارة نجاحات خاصة على مستوى مكافحة الإرهاب وتنفيذ العمليات الاستباقية، ما يميز المشيشي هو شخصيته القوية القادرة على فرض الانضباط وهيبة الدولة في وقت تميز بغياب كامل لتطبيق القانون والاستهتار في التعامل معه وتفشي لعقلية التفصي من المسؤولية الجزائية وهو ما يمكن أن يغلب الكفة لصالح المشيشي.
معطى اخر لا يجب اغفاله، و هو رغبة قيس سعيد في اللعب على وتر العاطفة و استغلال مليون امرأة لخدمة برنامجه السياسي و تقوية شعبيته التي شهدت بعض التراجع في المدة الأخيرة و ذلك باختياره شخصية نسائية – و هذا امر وارد حتى من ناحية التسريبات التي تصلنا من محيط قرطاج - تكون قادرة على النجاح و سابقة في تاريخ تونس تحسب لسعيد.
من بين الشخصيات النسائية المقترحة نادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي وتحظى بدعم من رئيس الجمهورية الذي يؤمن بقدراتها و بكونها الشخصية الأنسب لتحمل المسؤولية في هذا الوقت الصعب، كما تم تداول اسم الرئيسة السابقة لاتحاد الصناعة و التجارة وداد بوشماوي كشخصية توافقية و قادرة على جمع أغلبية مريحة في مجلس النواب و بدعم من مختلف الكتل و الأحزاب.
من المرشحين أيضا فاضل عبد الكافي والحبيب الكشو ولو أن بعض المصادر القريبة جدا من محيط قرطاج أكدت لنا استحالة ذهاب سعيد في هذا الاتجاه حتى لو أجمعت كل الأحزاب على اقتراح عبد الكافي أو الكشو لأن اسم عبد الكافي ارتبط بحزب قلب تونس والحبيب الكشو بحركة النهضة.
بعض الأطراف تحاول أيضا اقحام اسم رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد في دائرة الأسماء المقترحة ولو أن مصادرنا أكدت أن الشاهد نفسه حسم الموضوع ومن المستحيل أن يقدم على مثل هذه الخطوة في هذا المشهد السياسي المتشتت والمنقسم.
حسام بن أحمد
تعليقك
Commentaires