alexametrics
فيروس كورونا

في اجتماع مجلس الأمن الدولي: قيس سعيد يدعو إلى بناء نظام عالمي أكثرَ عدلا

مدّة القراءة : 3 دقيقة
في اجتماع مجلس الأمن الدولي: قيس سعيد يدعو إلى بناء نظام عالمي أكثرَ عدلا


توجّه رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد ظهر الخميس 24 سبتمبر 2020 من قصر قرطاج بكلمة مباشرة إلى مجلس الأمن الدولي، عبر تقنية الفيديو، وذلك بمناسبة القمة المنعقدة حول الحوكمة العالمية خلال مرحلة ما بعد كورونا.

 

اعتبر  قيس سعيد أنّ  تنظيم هذه القمة الهامّة حول الحوكمة العالمية خلال مرحلة ما بعد كورونا يعكس قناعة مشتركة بضرورة أن يلعب مجلس الأمن دورا محوريّا في معالجة انعكاسات هذه الجائحة على الأمن والسّلم الدوليّين، حيث أصبح هذا الوباء يشكّل أحد عوامل تعميق الأزمات والمآسي الإنسانيّة القائمة والتأثير على الأوضاع الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وكذلك على واقع العلاقات الدُوليّة. وجدّد للأمين العام لمنظّمة الأمم المتحدة دعم تونس الثابت ومساندتها لمُبادراته البنّاءة لمزيد تفعيل عمل المنظّمة وحشد الجهود الدوليّة بهدف مساعدة الدول والشعوب على مجابهة جائحة كورونا وتطويق تأثيراتها والحدّ منها.

 

وأشار رئيس الدّولة أنّ تداعيات جائحة كورونا قد تتواصل لعدّة أجيال أخرى وقد لن تنتهي باختفاء الفيروس، كما تُهدّد برفع حدّة التوتّرات بين القوى الدُوليّة وبزعزعة التوازنات الإقليميّة وإضعاف منظومة العمل متعدّد الأطراف. وأكّد أنّه يتّفق مع الأمين العام في توصيف هذه الأزمة ''بأنّها أخطر اختبار للمجموعة الدولية منذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة''، وذكّر بأن تونس كانت من بين أوّل الدول التّي سعت إلى لفت انتباه المجتمع الدولي إلى خطورة الجائحة وتعدّد أبعادها وتنوع تأثيراتها على السّلم والأمن وكلّ مناحي الحياة، كما ذكّر أيضا بدعوته إلى اعتماد مقاربةٍ جديدة للأمن الدُّولي تقومُ أساسا على تعزيز التّعاون والتّآزر بين الدّول والشّعوب ''قناعة بأنّه لا يمكن لأي دولة مهما كانت قوّتها أن تواجه بفردها هذا العدو الخفي العابر للحدود ويقينا بأنّ مصيرنا واحد وأنّ أمن وسلامة الجميع مرتبط بأمن وسلامة كلّ فرد دون استثناء''.

 

وثمن في هذا الإطار، اعتماد مجلس الأمن القرار 2532 بالإجماع في 01 جويلية 2020، الذي بادرت تونس باقتراحه بالتنسيق مع فرنسا مؤكدا على أهميّة الالتزام بما جاء فيه ومتابعة تنفيذه من قبل مختلف الأطراف المعنيّة خاصّة في ظلّ تفاقم التداعيات الإنسانيّة للجائحة في العديد من مناطق النّزاعات على غرار سوريا واليمن وليبيا ومنطقة الساحل وأفغانستان وغيرها. وأضاف أن اعتماد القرار المذكور بقدر ما شكل رسالة إيجابية حول انخراط مجلس الأمن في مجابهة وباء كورونا إلا أنه استغرق أربعة أشهر من المفاوضات العسيرة نتيجة الانقسامات العميقة والتجاذبات السياسية التي صارت تكبل عمل المجلس وتحدّ من فاعليته وقدرته على معالجة القضايا المطروحة على جدول أعمالها والتي طال أمدها وتعمقت تداعياتها وعلى رأسها القضية الفلسطينية العادلة، وهو ما يؤكد ضرورة تسريع العمل وتفعيل مسار إصلاح هذا الجهاز الأممي لإضفاء المرونة المطلوبة على آليات الحوكمة وصنع القرار داخله.

 

وأشار رئيس الدولة أنّ الإنعكاسات السلبية لجائحة كورونا على الإقتصاد العالمي ستجعله يشهد انكماشا حادا بنسبة تفوق 5 بالمائة، كما ستتبعه أزمة مالية كبيرة في عدّة أنحاء من العالم ستعصف باقتصاد الكثير من الدول وستتفاقم ظاهرة الفقر والبطالة خاصة في البلدان النامية حيث تفيد آخر تقديرات منظّمة الأغذية والزراعة أنّ الركود الاقتصاديّ سيضيف في سنة 2020، ما لا يقلّ عن 132 مليون شخص إلى الفئة التي تعاني من الجوع حاليّا والبالغ عددها 690 مليون نسمة، مضيفا أنه من شأن مثل هذه الانعكاسات وغيرها أن تزيد في تغذية أسباب التوتّر والنّزاعات في العالم بما يطرحُ تحدّياتٍ أُخرى على مجلس الأمن والمجموعة الدوليّة لحفظ الأمن والسلم الدولييّن مما يستوجب مزيد دفع العمل التضامنيّ وتعزيز التعاون الدولي.

 

وأكّد رئيس الجمهورية قيس سعيد أنّ كلّ التداعيات والانعكاسات السلبية لجائحة كورونا ''تُحتّم عليهم التفكير في دفع الجهاز الأممي إلى تجاوز مفهوم الأمن التقليدي الذي ثبت أنّه لا يشمل جميع الأخطار التي تحدّق أو يمكن أن تحدق في المستقبل بالإنسانية جمعاء''. كما دعا المجموعة الدولية إلى استيعاب التهديدات الأمنية غير التقليدية التي يشهدها العالم على غرار الأوبئة والكوارث البيئية والتغيّرات المناخية معتبرا أنّ جسامة التحديات المشتركة التي تواجه العالم اليوم والتي تفاقمت بسبب فيروس كورونا تؤكّد الضرورة الملحة لمزيد دعم العمل التضامني وتضافر جهود الجميع خاصّة الدّول الثرية للعمل على مجابهة الفقر والتهميش وتعزيز الإندماج الإجتماعي ورفع التحديات البيئيّة. 

 

وجدد رئيس الجمهورية دعوة المجتمع الدوليّ لمواصلة تقديم الدّعم اللاّزم للقارّة الإفريقيّة ومساعدتها على تثمين إمكانيّاتها الواعدة وتعزيز فرص تحقيق التّنمية من خلال إعادة هيكلة الديون الخارجية، بما يُسهم في تجسيم تطلّعات شعوبها نحو مزيد من الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة والتمتع بكامل حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 

وأكّد أن المتغيّرات التي أفرزتها والتي ستُفرزها جائحةُ كورونا على العلاقات الدوليّة تدعو إلى التفكير في مستقبل حوكمة العالم الذي سيكونُ مختلفا عمّا كان عليه قبل انتشار الوباء، ودعا في هذا الإطار إلى العمل على ترسيخ الوعي المشترك بين أطراف المجموعة الدوليّة على أُسُسٍ إنسانيّة من أجل تشجيع التعاون وبناء نظام عالميّ أكثرَ عدلا، والعملَ جماعيّا من أجل تحويل هذه الأزمة إلى حافز لبداية جديدة، تبني نُظُم حوكمةٍ مختلفة في كافة المجالات، قادرة على التّعامل مع كل التحدّيات القائمة وبيّن أنه لن يتسنّى تحقيق ذلك إلاّ من خلال إعادة النّظر في أولويّات مجتمعاتنا والتشبّث بقيم التّضامن والتعاون لمواجهة الأزمات ورفع التحدّيات.

وفي ختام كلمته جدّد رئيس الدولة تمسّك تونس بأهميّة العمل المُشترك وبعزمها على المساهمة في بلورة رؤية مُتجدّدة للتّعاون تتّفق بشأنها جميعُ الأطراف من أجل معالجة التأثيرات الآنيّة لهذه الجائحة وتطويق انتشارها، وكذلك من أجل تحقيق أهداف أجندة التّنمية المستدامة 2030 بما يحفظ كرامة الإنسان ويسمحُ لشعوب العالم بتسخير جهودها وطاقاتها لتحقيق التّنمية الشاملة والتّواصل والتّضامن.

ي.ر

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter