في الخلفية غير المهذّبة
مدّة القراءة : 2 دقيقة
هذه الكلمات ليست مواعظ ولا دروس، بل هي مجرّد تساؤلات.. بدأت الحكاية بـ"أستاذ" قال لتلميذة في الفصل، "خلفيتك غير مهذّبة'' فكان من التلميذة أن تردّ الفعل وتنتقده على مواقع التواصل الاجتماعي، فتطرد الأخيرة طردا نهائيا من معهدها، الذي بدوره نشر رسالة محبة وتقدير للتلميذة المطرودة، فيكثر اللغط والهرج والمهرج، ونمرّ على الشكل وننسى المعنى، وتنتشر المواعظ، مواعظ المعلّمين الرسول، وما أكثر الرسل هنا.. وتتعالى جحافل "القطاعية" العمياء، وفي الأخير يطمس الحق وتحرم تونس بنتا من بناتها من الدراسة، ويتعلّل مجلس التأديب بأنه طردا من المعهد وليس من كامل المعاهد، في حين أنه المعهد الوحيد للفنون..
ليس رسولا، بل هو ببساطة وسيط معرفي..
المعلّم (ة) ليس رسولا ولا كاد أن يكون، إنها شنفريات وعنتريات لغوية، مصادر المعرفة المفتوحة في غوغل قتلت الرسل بالضربة القاصمة.. المعلّم- الأستاذ(ة)، هو وسيط بيداغوجي ومعرفي.. فالفضاء التعليمي (مدرسة، معهد، جامعة) لم يعد كما كان عليه قبل التطوّر التكنولوجي، لقد تغيّرت العلاقات والأدوار، ولم تتغيّر الذهنيات، فالوساطة وهي جوهر عمل الأستاذ، غذت ضرورية في منهجية تعلم التعلم لكونها تلعب دور الموجه للمتعلم نحو التفكير الميتامعرفي. كما أنّ لبّ دور الأستاذ/ة الأساسي هو الإقناع، و التشجيع، والتسهيل، والمساعدة للمتعلم(ة) ليكتسب طرق المعرفة في ظروف ملائمة قدر الإمكان.
كما أريد أن أنوّه أن الأستاذ(ة) وجب عليه معاملة التلاميذ كبشر راشدين، ولا يكون كالدول الديكتاتورية التي تعتبر نفسها وصيّة على "رعاياها" لا مواطينيها.. الفلسفة نفسها..
طبعا من الصعب اليوم أن تتم مساءلة دور الفضاء التعليمي (مدرسة، معهد، جامعة) كفضاء وكمؤسسة من حيث قدرتها على إيجاد مناخ امن وسليم لإقامة علاقات بيداغوجية متوازنة ومتحررة من التكلّس والتحجّر.. هل تمت اليوم في تونس طبعا، مساءلة العلائق البيداغوجية الكلاسيكية خصوصا مع اتساع الثقوب السوداء بين أنماط تفكير مختلف بين الأجيال، وتسارع التحولات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية؟
في تعريف التحرّش الجنسي
التحرّش كل ما هو إساءة ذات منحى جنسي، سواء كانت جسدية أو لفضية أو الإيحاءات أو التلميحات... حسب القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أوت 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة يعتبر تحرشا جنسيا كل اعتداء على الغير بالأفعال أو الإشارات أو الأقوال تتضمن إيحاءات جنسية تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغبات المعتدي أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغط خطير عليه من شأنها إضعاف قدرته على التصدي لتلك الضغوط. وتتمثل أركان جريمة التحرش الجنسي في : التعريف أركان جريمة التحرش الجنسي في الأفعال أو الأقوال أو حتى الإشارات التي تتضمن إيحاءات جنسية، الهدف من الاعتداء النيل من الكرمة وخدش الحياء، الغاية الجنسية وهي إشباع رغبة الشخص المتعمّد التحرّش أو رغبة الغير أو ممارسة ضغط خطير عليه لإضعاف إرادة التصدي لدى الضحية. ويمارس التحرش الجنسي عادة في أماكن العمل والتدريس ووسائل النقل العمومية..
وهنا أتساءل، في أيّ سياق تتنزّل عبارة "يا خلفية"؟ أليست إيحاء جنسيا؟ ألا تنتمي هذه الكلمة للسلالات المتحوّرة للبنى الإجتماعية والسيكولوجية المتجذرة في الذاكرة الجمعية البطريركية؟ ألا تنتمي إلى ثقافة تُطبّع وتبرّر التحرش الجنسي والعنف تجاه النساء والفتيات؟
أن تكون فنانا (ة)؟
من هو (هي) الفنان(ة)؟ بعيدا عن التعريفات الأكاديمية، هو ببساطة من لا يحرم طفلة من مقاعد الدراسة.
أخير، سنكون في أفضل صورنا عندما نعتبر الفن مفتاحا من مفاتيح الحياة الذي لولاه نكون مقفلين ومغلّفين بالصدأ، سنكون في أرقى إنسانيتنا إذا أخذنا الفن مأخذ الجدّ واعتبرناه أيضا كالمعادلات الرياضية التي تحمينا من السقوط على بعضنا البعض..
سيماء المزوغي
تعليقك
Commentaires