alexametrics
الأولى

مستقبل شركة أشغال إفريقيا مهدّد والدولة في قفص الإتهام

مدّة القراءة : 3 دقيقة
مستقبل شركة أشغال إفريقيا مهدّد والدولة في قفص الإتهام

يبدو أن مستقبل شركة أشغال إفريقيا أضحى مهددا أكثر من أي وقت مضى إذا لم يتم اتخاذ القرارات والإجراءات العاجلة اللازمة لإنقاذ هذه الشركة صاحبة 55 سنة من الخبرة في مجال المقاولات والتي تشغّل حولي 1000 عامل.. فهي تمر بأزمة مالية حرجة ليس بسبب سوء التصرف أو تراجع مردوديتها وأنشطتها فالشركة لديها ما يكفي من الموارد إذ أن الديون المتخلدة بذمة الدولة لفائدتها تناهز 49 مليون دينار بعنوان مشاريع وأشغال تم إنجازها وتدشينها ودخلت طور الإستغلال بالنسبة إلى جزء كبير منها لكن الدولة لم تدفع للشركة مستحقاتها إلى غاية اليوم.


هذا هو واقع معظم الشركات التي تتعامل مع القطاع العام (مؤسسات ووزارات وإدارات) وهي شركات تمثل الدولة أكبر حريف لديها إلا أنها تجد نفسها اليوم في مأزق بسبب وضعية مالية معقدة جدا، نظرا لعدم إيفاء الدولة بتعهداتها وهو ما منع بعض الشركات من مواجهة التزاماتها باعتبار أن الدولة لم تسدد ما عليها من ديون تجاهها.. من بينها شركة إفريقيا للأشغال التي قدرت ديون الدولة لفائدتها ب 48،72 مليون دينار بعنوان مشاريع تم إنجازها .. هذه الشركة المختصة في الأشغال العامة (طرقات، جسور ..) تمثل معاملاتها مع الدولة (وزارة التجهيز وشركة تونس للطرقات السيارة)، 95 بالمائة من رقم معاملاتها.

شركة أشغال إفريقيا عجزت لأول مرة في تاريخها (55 سنة) عن خلاص أجور عمالها كما أنها لم تعد قادرة على دفع ما عليها لفائدة مزوديها أو حتى استخلاص أقساط قروضها. لذلك فإن وضعية الشركة حرجة جدا، إذ أنها لم تتسلم مستحقاتها من الأقساط الشهرية، رغم أن عديد المشاريع قد استكمل انجازها وتم تسليمها وتدشينها. فالقانون ينص على أن يقع خلاص الشركة في ظرف لا يتجاوز 45 يوما، إلا أن بعض فواتيرها غير المسددة من قبل الدولة تعود إلى سنة 2017.

الوضعية المالية للشركة تعقدت بصفة خاصة منذ بضعة أشهر حين توقفت الدولة عن الإيفاء بالتزاماتها، فرغم كل الجهود المبذولة والإتصالات العديدة بمختلف الأطرف المتدخلة، لم يتزحزح الوضع قيد أنملة..ولمواجهة تعهداتها المختلفة، كان على الشركة اللجوء إلى الإقتراض البنكي وهي مطالبة اليوم بدفع مليوني دينار فوائد بنكية دون احتساب أصل الدين.. الأسوأ من ذلك أن البنوك أصبحت ترفض اليوم منحها قروضا، فالشركة صارت عاجزة عن السداد بالنسبة إلى المؤسسات المصرفية التي تتفهم وضعيتها لكن لا حيلة لها ولا قوة. ومما يفاقم من متاعب شركة أشغال إفريقيا أن الإنتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة (أواخر 2019) قد تزيد من تأزيم الوضع من خلال تأخر دفوعات الدولة أكثر فأكثر، فالحكومة القادمة سيكون أمامها مشاكل أخرى لحلها.

وأمام انسداد الأفق وانعدام الحلول، اضطرت الشركة إلى توجيه عديد المراسلات والمطالب لسلط الإشراف: 6 لرئاسة الحكومة وغيرها كثير لوزارة التجهيز وللرئيس المدير العام لشركة تونس للطرقات السيارة التي أخلت بالتزاماتها تجاه أشغال إفريقيا في العديد من المناسبات رغم الوعود والتي ظهر مع مرور الوقت أنها كانت زائفة، آخرها ما تعهدت به وزارة التجهيز التي تدخلت لدى المسؤولين لتأجيل تجمع احتجاجي مبرمج لغرة أفريل 2019 أمام مقر الوزارة، على أن يتم تحويل مبلغ مالي في أقرب الآجال وهو ما دفع بالشركة إلى القبول بتأجيل الحركة الإحتجاجية، قبل أن تكتشف أن الملف لم يراوح مكانه.

حسب بعض الأخبار الرائجة فإن الحكومة قد تكون رفضت تسديد الديون لفائدة شركات البناء والأشغال العامة أو أنها تتجاهلها حتى لا تضر بالتوازنات المالية وخاصة عجز الميزانية الذي يجب أن بتراجع إلى نسبة 3،9 بالمائة في 2019. أكثر شيء مخجل في هذه الحكاية هو أن الجزء الأكبر من المبلغ لن يدفع من خزائن الدولة.. قبل الثورة كانت مشاريع البنية التحتية تمول بنسبة 50 بالمائة من الدولة ومثلها أي 50 بالمائة من قبل الأطراف المانحة مثل البنك الأوروبي للإستثمار والبنك الأوروبي لإعادة التعمير والتنمية وغيرها ... اليوم صار هذه المؤسسات تمول في حدود 80 بالمائة من كلفة المشاريع.

من جهتها أكدت وزارة المالية أنها حولت المبالغ إلى وزارة التجهيز التي أوضحت أنها تنتظر موافقة إدارة مراقبة المصاريف التي قالت بدورها إنها لم تتسلم أي وثيقة في الغرض.
في سبتمر 2015 تم تهشيم وتخريب تجهيزات الشركة ببن قردان وفي مثل هذه الوضعية عادة ما تتكفل الدولة بدفع 2،5 ملايين للتعويض عن الأضرار المسجلة، لكنها لم تفعل هذه المرة معتبرة ما حصل من قبيل أعمال التخريب، كذلك الشأن بالنسبة إلى شركة التأمين التي لم تأخذ بما جرى بعين الإعتبار وهو ما دفع الطرفان، أي الدولة وشركة التأمين بالوقوف أما القضاء لتحديد من الطرف المكلف بدفع التعويضات لتبقى شركة أشغال إفريقيا رهينة مآل هذه القضية.

لم تتلق الشركة في محنتها هذه، أي دعم أو مساندة، إلا من الإتحاد العام التونسي للشغل ممثلا في شخص أمينه العام نور الطبوبي.. المركزية النقابية بصدد الضغط من أجل حلحلة الملف وقد أصدرت بيان مساندة دعت فيه إلى تجمع احتجاجي سيتم تنظيمه قريبا.

من جراء هذه الأزمة، صارت شركة أشغال إفريقيا عاجزة حتى عن دفع مساهماتها لفائدة الصناديق الإجتماعية وبعنوان الضرائب والحال أن الشركات التي تتعامل مع الدولة وتشارك في طلبات العروض عليها أن تكون في المستوى المطلوب في هذه الجوانب، أي هناك إمكانية لرفض فواتيرها بسبب وضعيتها غير الواضحة.. وهي حلقة مفرغة قد تودي بالشركة إلى إعلان إفلاسها.

لكن المسألة تتجاوز هذه الشركة بخبرتها ورصيدها البشري، فالقطاع برمته يعاني وعديدة هي الشركات التي تمر بأزمة خانقة في الفترة الراهنة، باعتبار أن الدولة حريف لها أو هي أحد حرفائها.

 

 

 (ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية)


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter