نجلاء بودن هليلويا
بقلم سيماء المزوغي
يقال إنّ من الإصغاء تأتي الحكمة، ومن الكلام تأتي الندامة، يمكن أن نقول أنّها اقتدت بهذه الحكمة ليلا نهارا، سواء عندما تُصغي بانتباه شديد للرئيس المفدى، أو عندما يطالبها الرأي العام بتفسيرٍ أو تصريحٍ أو ردّ، أو حوارٍ..
هذه السيّدة قليلة الكلام، كثيرة الفعل، وعندما نتحدّث عن الفعل هنا، أبدا لا نقصد بها "تلك الحوادث المعزولة" التي اعترفت بها، والتي طالت الحقوق والحريات، وصبّت في الإفلات من العقاب دون هوادة.. نتحدّث لزاما عن بركات حكومتها وتوجهات الرئيس المفدى، وسياستها الإستباقية الفذة التي اعترضت سيل الأزمات المركبة بحنكة رهيبة وبصيرة متنوّرة وذكاء متقّد النظير..
إنها "ميركل" تونس لو تعلمون، لا يمكن ان نقارنها بأحد، فقط نقول الله احد الله احد بودن ما كيفها حد.. ملهمة الأجيال .. وفية لرئيسها المحنك وصانعة لسياسات التغيير .. حاملة أولوية حقوق الإنسان.. (في الحقيقة لا أستطيع أن أعبّر أكثر من هذا، عسى أن يسبّني إعلام العار).
من العيب أن لا نتحدّث عن إنجازات الحكومة اليوم بتوصيات القائد الأعلى، وقد أصبحت بلادنا قدوة لمن اقتدى.. في حين يحاول الخونة والمتآمرون من يتربصون ليلا نهارا بوطننا أن يثبتوا العكس.. فلا احتجاجات متواترة و لا ارتفاع لمنسوب الغضب والاحتقان الاجتماعي ولا لتعاظم منسوب التشاؤم لدى فئة واسعة من التونسيين والتونسيات، ولا قحط ولا همّ ولا غمّ ولا غبن ولا قهر ولا ظلم ولا هتك للأعراض ولا خوف علينا..
في الحقيقة لا شيء هنا في تونس يدعو للقلق، الشمس فعلا مشرقة، والكل ينعم بالسلام، أمن وأمان في كامل مستوياته وتجليّاته، النفسي والإستراتيجي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي والثقافي .. هليلويا للحياة هنا في تونس.. وكما قال الفنان، "الحياة حلوة بس نفهمها"، غير أنّهم لم يفهموها فصاروا يسبون ويشتمون كالأطفال..
لا أحد يبيت جائعا ولا هم يحزنون، دِعة واطمئنان، وكل شيء يبعث على الابتسام، وعلى المواطنين والمواطنات الكف على التذمّر والبكاء والإقتداء بالسيّدة الفاضلة بودن في وداعة ابتسامتها وصمتها وصرامتها في التصرّف والتدبير..
في الحقيقة، تعدّ ابتسامتها تقنيا وعلميا واتصاليا وحتى فلسفيا في هذا الزمن الراهن، دليلا قاطعا على سياستها الاتصالية الذكية الحازمة، ابتسامة تصل المجروحين والمجروحات فتداويهم، ابتسامة تنزل بردا وسلاما على قلوب فاقدي وفاقدات الأمل، من هاجروا خلسة من الوطن، من يفكرون ليلا نهارا في الهجرة، أو من فقدوا معنى الوطن.. من تركوا أشلاء أحبابهم في البحر، وكل من عاشوا على وجه الخطأ.. شكرا وألف شكر لابتسامتك رغم المحن.. فذلك ما يجعلنا أقوى على كل حال.. وتلك عبثية القدر وسريالته سيدتي المحنّكة..
في خطابك في الندوة الوطنية الثلاثية بعنوان «إعادة التفكير في هيكلة عالم العمل في تونس من أجل إنجاح التعافي بعد جائحة كوفيد»، ذكّرتنا بما نسينا، وقلت : "تونس وطنكم"
شكرا سيّدتي لتذكيرنا بهذا فبعضنا نسى معنى الوطن، أو جلّنا من يعلم؟ كما تعلمين الأرقام متضاربة، وحكومتك الموقرة تخبرنا أن كل شيء على ما يرام، ورئيسنا المفدى يؤكد أنّ المتآمرين يفتعلون الأزمات.. ونحن تهنا في فوضى المفاهيم، شكرا لأنّك ذكرتنا بأن تونس هي الوطن على كل حال..
وقلت "ولكم فيها ما تعملون وما تصنعون وما تبنون من آمال وما تحققون من أحلام.."
نعم نعم سيدتي شكرا على كل هذا الحماس والانطلاق والتفاؤل، مع أنّي أحتار كل شهر لدفع إيجاري وخلاص الفواتير إلى غير ذلك، إلا أنني أحلم صراحة بأن أبني سقف بيت من حديد، ولا أعلم هل قبض الرئيس المفدى على محتكري الحديد والحليب أم لا؟ ومع ذلك بنيت لنفسي بيتا في عيوني كما قال الشاعر، وها أنا أبني كل آمالي بناية بناية والقادم أفضل.. وأقول دائما في سرّي قول درويش الذي اقتبست من نصّه الكلمات لا المعنى، "اخرجوا من أرضنا، من ملحنا، من ذكريات الذاكرة.. أيها المارون بين الكلمات العابرة..''
تعليقك
Commentaires