الى أين وصلت عريضة سحب الثقة من الغنوشي ؟
لا يُوجد استطلاع رأي أو دراسة من أي نوع عن منسوب الثقة في السياسيين، الا وتذيّل رئيس البرلمان راشد الغنوشي القائمة وكان أقّل من يثق به التونسيون أو يأملون منهُ خيرا لبلادهم. بشرعيّة مُهترئة وادارة فاشلة للمؤسسة التشريعية، تضيقُ الدائرة حول زعيم الحركة الاسلامية الذي قرر في أرذل العمر أنّه يريد ترؤس البرلمان.
كان الغنوشي قد أفلت من محاولة أولى لسحب الثقة منه في في جويلية 2020 حيث صادق 97 نائبا على سحب الثقة واعتبرت حينها حركة النهضة أن ذلك يُعتبر "تجديدا للثقة"، رغم أن الحقيقية هي أن الجلسة كانت ميدانا لكسر "أسطورة الزعيم السياسي الذي لا ينهزم" وهتك الهالة الزيفة التي تحيط بالأب الروحي والزعيم الاوحد للحركة الاسلامية فكانت خسارة رمزّية لسلطته واهانتة للسنوات الأربعين التي قضاها في السياسة، ونحن على وشك أن نشهد يوما تاريخيا اخر قد ينتهي بازاحته من المجلس وخروجه من السياسة من الباب الصغير.
التوقيعات في العريضة الجديدة تجاوزت الـ 103 صوتا وسيتم تجميع الإمضاءات من كل كتلة برلمانية على حدة، بهدف التوصل لالتزام أخلاقي من كل كتلة تجاه هذه العريضة، وبهدف التحقق من التوصل إلى العدد المطلوب لسحب الثقة وهو الأغلبية المطلقة أي موافقة 109 نواب، قبل إيداعها بمكتب الضبط بالبرلمان، تجميع التوقيعات للعريضة في مراحله النهائية، وهي بمبادرة من نواب غير منتمين بقيادة منجي الرحوي، لكن الايمان القطعي أن 103 صوتا عدد كاف لرحيل زعيم الحركة الاسلامية سيكون خطأً فادحًا. مثلما جرت العادة فان بعض "النواب"يستغلون هذا النوع من المبادرات لتحقيق مكاسب شخصية فيوقعون على الاقتراح أولاً ثم يتفاوضون من أجل مصالحهم، وينسحبون يوم التصويت. مع الأخذ بهذا المعطى المُخزي بعين الاعتبار، فإن الأمر يتطلب 140-150 توقيعا لتحصيل 109 ثابتة يوم التصويت. التوقيعات الـ 103 لا تعكس سوى 80 صوتًا صادقًا، والبقية فهم غير ثابتون.
وتتوزع تركيبة الكتل البرلمانية في مجلس نواب الشعب الى: 54 نائبا في كتلة النهضة و38 نائبا في الكتلة الديمقراطية و30 نائبا في كتلة قلب تونس و18 نائبا في إئتلاف الكرامة والاصلاح الوطني و16 نائبا في كتلة الدستوري ، 10 نواب في تحيا تونس والكتلة الوطنية 9 نواب، و26 من غير المنتمين للكتل.
من سيصوت لاخراج الغنوشي؟ الكتلة الديمقراطية (حركة الشعب والتيار الديمقراطية) وكتلة حزب الدستوري الحرّ وكتلة الإصلاح الوطني وكتلة تحيا تونس، و 13 نائبا من غير المنتمين، و 3 نواب من الكتلة الوطنية. وكان الأمل معلقا على كتلة قلب تونس لارجاح الكفة لصالح سحب الثقة لكن قضية رئيس الحزب نبيل القروي الذي سيتم الافراج عنه بكفالة 10 مليارات تحيل الى أنه أضحى من المستحيل انضمام قلب تونس للائحة اللوم، بما أن شرط التفاوض الذي كانوا يملكونه تم تنفيذه، فيما تحيط تساؤلات حول مدى تدّخل الحركة الاسلامية وعلى رأسها الغنوشي في القضاء.
ورغم أن كلا من الاصلاح وتحيا تونس صوتا لصالح الحكومة ولم يُظهر تموقعا سياسيا واضحا من الحزب الاسلامي، فان رئيس كتلة الاصلاح حسونة الناصفي (12 نائبا مستقلّا و6 نواب من أحزاب المشروع والبديل وآفاق) أكد أن أعضاء كتلة الاصلاح وقعوا على العريضة لأنهم يؤمنون أن سحب الثقة من الغنوشي ضرورة لتغيير المشهد البرلماني بما يكفل حسن إدارة الخلافات و التعامل على نفس المسافة مع الجميع.
رئيس كتلة حركة تحيا تونس مصطفى بن أحمد من جهته أكّد أن رئيس البرلمان راشد الغنوشي أصبح عامل تعطيل في المجلس وهو ما يستوجب رحيله ومغادرته للمؤسسة التشريعية معلنا أن تحيا تونس مع سحب الثقة ووقع نوابها على العريضة. وهو ذات الموقف الذي ذكّر به النائبمروان فلفال مُعلنا أن سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي هو مسألة ضرورة لإعادة التوازن في المشهد السياسي وإعادة دور المؤسسات.
النائب المكلف بجمع الامضاءات منجي الرحوي أعلن أن فرضية تجاوز الـ109 أصوات المُستوجبة لسحب الثقة واردة جدّا، وقد يتم إيداع العريضة خلال الأيام القليلة القادمة مستدركا أنه يوجد ضغط وترهيب على النواب الموقعين، من قبل أطراف من حركة النهضة. ويؤكد الرحوي أن الهدف من العريضة الإطاحة برأس منظومة الفساد راشد الغنوشي معتبرا أن العريضة ليست إستعراضا سياسيا بل خطوة لانقاذ البرلمان من الغنوشي رمز الفساد والإفساد في تونس.
أما رئيسة حزب الدستوري الحر، عبير موسي التي قدمت سابقا لائحة لوم، فقد أكدت أن رئيس البرلمان راشد الغنوشي يشكل خطرا كبيرا على المستوى الداخلي للبرلمان من خلال سوء التسيير وعلى مستوى المصلحة العليا للوطن، مؤكدة أن عريضة سحب الثقة منه ضرورية ومستعجلة. داعية رؤساء الكتل والنواب إلى الخروج عن صمتهم والكشف عن الامضاءات التي وقع تجميعها في لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي حتى تنكشف الاصطفافات للرأي العام وتكون الحرب ضد النهضة بوجه مكشوف.
حاليا، يوجد مشاورات للاتفاق بين الكتل البرلمانية على اختيار البديل في رئاسة المجلس، ولئن لا يوجد إجماع حول شخصية بعينها، الا أن نائبة الرئيس، سميرة الشواشي هي المرشح الأبرز لخلافته.
عبير قاسمي
تعليقك
Commentaires