حياة التونسيّين أهم من صندوق تعويضاتكم وستنتصر تونس على كورونا
''بعد حصولنا على سجّل الضحايا يجب أن ننطلق في العمل، باسم النهضة نطالب رئيس الحكومة كي ينطلق في صندوق الكرامة بعد توفّر كلّ المعطيات وكلّ المكوّنات لإنطلاقه قبل 25 جويلية يوم عيد الجمهورية، هذا أوّلا ولم نعد قابلين من سيُسوّفنا في صندوق الكرامة ويُعطّلنا عن الضحايا'' كان هذا الخطاب من قبل القيادي في حركة النهضة ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، يوم 2 جويلية الجاري بساحة الحكومة بالقصبة.
كعادتها حركة النهضة لا تعترف إلاّ بمصلحتها ولا تعنيها الدولة ومصلحتها أمام مصلحة الجماعة وذلك باستغلال الوضع الحالي للاستفراد بالحكومة ومقدرات ومؤسسات الدولة، بعد أن مارس رئيس الحركة راشد الغنوشي كافّة أساليب الضغط على رئيس الحكومة هشام المشيشي للمرور لحكومة سياسية، بات اليوم أنصار هذه الحركة الإسلامية ينادون ببعث صندوق الكرامة للتعويض لضحايا النظام السابق. وكأنّ البلاد في أمن وأمان وحالة استقرار كي يُصبح صندوق التعويضات الذي يُنادي به الإسلاميون أولوية الأولويات وتونس تعيش اليوم حربا وبائية غير مسبوقة وأصبحت هي الأولى عالميا في معدّل تسجيل عدد الوفيات يوميا.
سياسة الضغط التي تُمارسها النهضة في كلّ مرّة على رئيس الحكومة هشام المشيش أدانتها العديد من الأحزاب، على غرار حركة الشعب التي استنكرت وأدانت هذا السلوك الانتهازي النفعي الذي تحاول من خلاله النهضة استغلال الوضع في البلاد من أجل الضغط على رئيس الحكومة هشام المشيشي، وندّدت بخطورة استغلال النهضة لمجلس النواب لإضفاء شرعية قانونية على هذا الانحراف الخطير، ودعت رئيس الحكومة المشيشي إلى عدم الخضوع لابتزاز النهضة وتحمّل مسؤولياته كرجل دولة لحمايتها من الاستغلال الحزبي والنفعي والحفاظ على مقدراتها في ظل هذا الوضع الذي يتطلب توفير كل الإمكانيات لحماية أرواح الناس.
أمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي وضع إصبعه على الدّاء وكيّف مطالبة النهضة بصندوق الكرامة هو وقاحة وأنانية وابتزاز واستضعاف ومتاجرة بآلام الضحايا، وأشار أنّ الحكومة بصدد التسوّل لجلب التلاقيح وهي غير قادرة على أن تُفعّل صندوق التعويضات، بالإضافة إلى أنّ الحكومة وفقا للشواشي مهددة بالتوقف عن دفع ديونها وخلاص أجور موظفيها وإعلان إفلاسها وبالنسبة له باتت حكومة المشيشي حكومة فاشلة وعاجزة وفي أضعف حالاتها.
كما أنّ حركة الراية الوطنية عبّرت عن استغرابها وامتعاضها بمطالبة حركة النهضة بالتعويض لـ 2950 شخصا من الحاصلين على مقررات من هيئة الحقيقة والكرامة بقيمة جملية تناهز 3000 مليار، وتعهّدت حركة الراية الوطنية بنشر قضايا ابطال في المقررات الصادرة عن هيئة سهام بن سدرين المتعلقة بجبر الضرر المادي وذلك لعدم إمضاء الدولة التونسية عليها كما أوجب القانون ذلك ، وصدورها عن جهة غير مختصة في إصدار قرارات التعويض. ودعت إلى نشر دعوى جزائية ضدّ من أصدر القرارات من أجل التدليس ومسك واستعمال مدلس، واعتبرت أنّ الهيئة العليا للمقاومين وشهداء الثورة وجرحاها لا علاقة لها بصندوق الكرامة، ودعت رئيسها إلى التوقف عن تسييس هذه الهيئة المدنية وعدم حشرها في صندوق الكرامة وموضوع التعويضات. كما دعت حركة الراية الوطنية رئيس الجمهورية إلى التدخل العاجل لوقف عملية التحيل على الشعب التونسي وصرف أموال لأشخاص دون غيرهم، وتغليب المصلحة الوطنية العليا في إدارة شؤون البلاد، أيضا دعت رئيس الحكومة إلى عدم الرضوخ للابتزاز والتهديد والمساومة السياسية سواء في مسألة التعويضات أو التسميات.
المحلل السياسي عبد الرحمن زغلامي، اعتبر أنّ حركة النهضة تستغل دعمها لرئيس الحكومة هشام المشيشي وخضوعه لها، لتسوية وضعية أتباعها الذين انتسبوا لها في فترة حكم بن علي لأجل مصالحها، وذلك على حسب حاجيات وأولويات البلاد التي تشكو من شح في الموارد المالية وعجز عن تسديد ديونها الخارجية، ووصف ما تقوم به الحركة بالعمل "غير الأخلاقي"، خاصة وأن التوقيت الذي جددت فيه إثارة هذه المسألة لا يسمح بذلك، في ظل أولويات عاجلة تنتظر الدولة على رأسها النهوض بقطاع الصحة وجلب كميات من لقاح كورونا لحماية أرواح التونسيين.
حركة النهضة تناست أزمة تونس الصحية ولم تهتمّ بأرواح التونسيين الذين يرحلون يوميا بسبب هذا الوباء اللعين ويُطالبون بصندوق كرامة، عن أيّ كرامة يتحدّثون وبلادنا أصبحت في حالة تسوّل وباتت نقطة ضعيفة تُجمّع في الإعانات الطبية وتُساق إليها التلاقيح. بعض الدول سارعت إلى تقديم يد المساعدة لتونس في أزمتها الصحية فأرسلت مصر طائرتان عسكريتان محملتان بـ31 طن من معدات طبية متنوّعة وكميات من الأدوية وآلات مراقبة تنفس وأجهزة أكسجين، كما قامت قطر بإرسال مستشفى ميداني بطاقة استيعاب 200 سرير مجهز بجميع المستلزمات الطبية و 100 جهاز تنفس اصطناعي. وقرّرت الوكالة الوطنية الإيطالية للمحروقات Eni و في إطار مبادرة تضامنية مع تونس من التبرع بمبلغ 500.000 دينار من المعدات الطبية للمستشفيات في ولاية نابل. من جهتها حثّت سفارة الجمهورية التونسية بفرنسا التونسيين المقيمين بفرنسا من أشخاص طبيعيين وجمعيات وأصحاب مؤسسات للمساهمة في دعم المؤسسات الصحية التونسية، وأعلنت إشرافها على عمليات تجميع المساعدات لتونس حتى يتسنى نقلها في أقرب الآجال مع إمكانية تسخير طائرة خاصة في الغرض.
كذلك الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية عبّر عن استعداد بلاده لتمكين تونس من كلّ ما تحتاجه من تلاقيح وتجهيزات طبية وغيرها من المعدات الضرورية لمواجهة جائحة كورونا، كما تلقى رئيس الحكومة هشام المشيشي اتصالا هاتفيا من قبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة والذي أكد وقوف ليبيا الى جانب تونس في هذه الازمة. وأعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن منح تونس 500 ألف جرعة من التلاقيح وفق ما أكده محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال مكالمة هاتفية جمعته برئيس الجمهورية قيس سعيد يوم أمس الأحد.كما أنّ الجزائر ستُرسل يوم الغد الثلاثاء، طائرة محمّلة بــ 250 ألف جرعة من التلاقيح إلى جانب العديد من المعدات الطبية الى تونس وذلك لمواجهة جائحة كورونا وفق ما أكده الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون، الذي شدد على استعداد بلاده للوقوف الدائم إلى جانب تونس ومدّها بتجهيزات طبية أخرى إن اقتضت الحاجة ذلك.
حملة من المساعدات والوطنية والدولية انطلقت لمعاضدة إطاراتنا الطبية وشبه الطبية للمزيد من العمل على مقاومة فيروس كورونا وإنقاذ أكبر ما يُمكن من أرواح التونسيين، الكلّ أعرب عن تجنّده للحرب على هذه الجائحة العالمية التي اجتاحت تونس بقوّة مفتتح هذه السنة وبات منحى الإصابات في تصاعد غير مسبوق وأصبحت تونس تسجّل يوميا قرابة تسعى آلاف حالة إصابة حتى أنّ عدد الموتى بات بمعدّل 100 وفاة كلّ يوم.
هذه حرب وبائية تقتضي توحّد كلّ المجهودات للفوز والإنتصار والخروج منها بأقلّ الأضرار، وكان وزير الصحة فوزي مهدي، قد وجّه رسالة إلى الشعب التونسي اليوم مفادها أنّ تونس ستنتصر على فيروس كورونا خلال أيام معدودة، ''أيام معدودة وتنتصر تونس على الوباء هذه رسالة طبيب يحبكم وواثق من قدرتكم، حفظكم الله''، دوّن وزير الصحة ودعا المواطنين إلى أن يثقوا في الإطارات الطبية وشبه الطبية مؤكّدا أنّ العسر لن يدوم. ''ثق في نظامك الصحي العريق الذي لن تهزه موجة وبائية مهما كانت شدتها'' وذكّر وزير الصحة الشعب التونسي بضرورة الإلتزام '' بالإجراءات الإحترازية'' وارتداء الكمامة والحفاظ على الإبتعاد الجسدي وغسل اليدين وخاصّة الإسراع في تلقي التلاقيح. كما أنّ عضو اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد وأستاذ الإنعاش الطبي، أمان الله المسعدي قد أكّد أيضا اليوم أنّ الوضع الوبائي لا يزال صعبا متوقّعا إنفراج الأزمة في نهاية شهر جويلية الجاري.
صحيح أنّ نسبة إستهلاك التلاقيح المضادّة لكورونا بلغت إلى حدود يوم 10 جويلية الجاري، 91 بالمائة كما أعلنت وزارة الصحة، ولكن هذا لا يعني أنّ المنظومة الصحية فشلت وانهارت وعلى كلّ المواطنين الإقبال على التلقيح لنتمكّن من تحقيق مناعة القطيع والمجهودات متواصلة لتمتيع تونس بكلّ التلاقيح اللازمة لينعم الشعب التونسي بحقّه في العيش والحياة. وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد تلقى أوّل جرعة من التلقيح ضدّ كورونا وذلك في إطار حثّه وتشجيعه للمواطنين للإقبال على التلقيح.
''لن نخسر الحرب وسنواجهها بإمكانياتنا وبإرادتنا وكفاءاتنا العسكرية والأمنية والطبية وشبه الطبية، ولن يهدأ لنا بال إلاّ بعد أن ننتصر ، وستتوفّر كلّ التلاقيح بالعدد المطلوب في الأيام القادمة وسيتمّ القضاء على هذه الجائحة بإرادة التونسيّين وعزمهم وتونس ستقضي على الجائحة وستعود الحياة إلى طبيعتها''.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires