قيس سعيد أمام امتحان الديمقراطية
مدّة القراءة : 4 دقيقة
في الوقت الذي ينتظر فيه السياسيون في تونس خارطة الطريق التي سيعتدمها رئيس الجمهورية قيس سعيد في المرحلة المقبلة و بعد قرارات يوم 25 جويلية 2021 ، أكد رئيس الجمهورية أنه لن يعتمد على أي من هذه المفاهيم التي جاءت من الخارج حسب تعبيره و التي لا تنطبق على الواقع التونسي .
و بنبرة تهكم دعا قيس سعيد المطالبين بخارطة طريق الى تصفح كتب الجغرافيا مؤكدا أن خارطة الطريق الوحيدة التي سيسلكها هي " خارطة الشعب التونسي " ، و هو ما قاله يوم أمس الخميس 19 أوت 2021 خلال لقاءه محمّد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية، و سهام البوغديري نمصية، المكلفة بتسيير وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار :" يتحدثون عن خارطة الطريق هذه المفاهيم التي تأتينا من الخارج من يتحدث عن الخرائط ليذهب الى كتب الجغرافيا الطريق الوحيدة التي اسلكها و التي سأسلكها بنفس الثبات هي الطريق التي خطها الشعب التونسي".
و تصريحات رئيس الجمهورية لا تبدو مفاجئة فلطالما كان معارضا لبعض المفاهيم السائدة و لطالما كان له موقف من بعض التنظيمات السياسية على غرار الاحزاب و نظام الحكم المعتمد حاليا في تونس ، فقيس سعيد الذي دخل غمار الانتخابات سنة 2019 دون دعم حزبي و كمرشح مستقل لا يرى جدوى كبيرة في التكتلات السياسية و التمثيلية الحزبية و يفضل دون أدنى شك الديمقراطية المباشرة التي يشارك فيها الشعب بشكل مباشر في صنع القرار على التمثيلية الديمقراطية
و قد يلجأ رئيس الدولة الى أحد اليات الديمقراطية المباشرة على غرار الاستقتاء لاجراء استفتاء على الدستور أو على النظام السياسي الحالي و الذي دعا في وقت سابق الى تغييره ، و يمنح دستور 2014 امكانية اجراء استفتاء شعبي وفق مقتضيات الفصل 50 منه و الذي ينص على أنه : يمارس الشعب السلطة التشريعية عبر ممثليه بمجلس نواب الشعب أو عن طريق الاستفتاء ".
و لم يخفي رئيس الجمهورية معارضته للنظام السياسي الحالي و لبعض فصول الدستور و لم يتردد في التصريح بذلك خلال اللقاءات التي يجريها في قصر قرطاج ، ففي لقاء جمعه بالقيادي السابق لطفي زيتون بتاريخ يوم 21 جوان 2021 أبدى قيس سعيد تحفظاته إزاء دستور 2014 فالدستور الحالي حسب رئيس الجمهورية ظاهره نبوة مزعومة و :" تبين ان دستور 2014 غير ملائم و غير مناسب في المرحلة الحالية كل فصل فيه اقفال " ، و أشار في حديثه الى اللوبيات التي تسعى الى تغيير نظام الحكم في تونس و الى تخصيص صلاحيات الى كل من رئيس الجمهورية رئيس الحكومة و رئيس البرلمان على حدة قائلا :" لقد انتقلنا من نظام الحزب الواحد الى نظام اللوبي الواحد "
و حين التقى مدير حملته الانتخابية رضا لينين يوم 22 جوان 2021 تحدث رئيس الجمهورية عن النظام السياسي ونظام الاقتراع في و :"الذي لم يحقق الآمال التي سعى إليها الشعب التونسي " ، و أشار رئيس الجمهورية الى تغير مفهوم السياسة حسب تعبيره و التي وظفتها اللوبيات لصالحها :" اقترنت السياسة بالأكاذيب و التسويات في الوقت الذي تعمل السياسة على إدارة الشأن العام و لإسعاد الناس " ، أيضا استغل رئيس الجمهورية وجود رضا لينين للتأكيد على رغبته في تغيير نظام الانتخاب من انتخاب على القائمات الى انتخاب على الافراد حتى يتمكن الناخب من محاسبة المترشج او حتى سحب الثقة منه .
أفكار رئيس الجمهورية أكدها قيس القروي، الناشط السياسي والمتطوع في الحملة التفسيرية لرئيس الجمهورية قيس سعيد و الذي أشار في تصريح اعلامي الى ان فكرة الحكم القاعدي و تشريك الشعب في صنع القرار فكرة تبناها قيس سعيد قبل اندلاع الثورة سنة 2011 ، وأفاد القروي بان فكر قيس سعيد يتجه الى اجراء الانتخابات في دوائر ضيقة جدا كالعمادات حتى يقوم المواطن العادي بالترشح و الانتخاب في اطار نظام انتخابي على الافراد لا على القائمات و بالتالي تغيير النظام الانتخابي الحالي الذي يقوم على الانتخاب على القائمات .
من جانبه قال فوزي دعاس الناشط السياسي والمتطوع في الحملة الرئاسية لقيس سعيد ان رفض رئيس الجمهورية لتمثيلية الاحزاب ليس رفضا اقصائيا بل رفضا نقديا مشيرا فشل الديمقراطية التمثيلية في الاستجابة لمطالب الشعب و هو خطأ في نظام الحكم حسب تعبيره .
بات من الواضح أنه و خلافا للاتهامات التي وجهت له منذ اعلانه ترشحه للانتخابات الرئاسية يحمل قيس سعيد فعلا برنامجا سياسيا و كان منذ البداية معارضا للنظام السياسي و النظام الانتخابي الحالي و رغم عدم وضوح الرؤية خلال السنة الاولى من الحكم أصبح المشروع السياسي لقيس سعيد واضحا و جليا للعموم و ربما كان بصدد انتظار الفرصة للكشف عن هذا البرنامج السياسي و الذي لن يكون في شكل خارطة طريق كما ينتظره البعض بل عن طريق خارطة يرسمها الشعب دون وساطة ، و سط انتظارات الشعب و تطلعاته سيجد رئيس الجمهورية نفسه امام امتحان الديمقراطية .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires