الغنوشي يكشف عن حقيقة نواياه تُجاه رئيس الجمهورية قيس سعيد
''نحن المُفترض في نظام برلماني دور رئيس الدولة هو دور رمزي وليس دور إنشائي وموضوع الحكم وموضوع مجلس الوزراء لا يعود إليه ويعود إلى الحزب الحاكم وإلى رئيس الحكومة '' كان هذا تصريح رئيس البرلمان ورئيس الحركة الإسلامية النهضة راشد الغنوشي في إطار حوار شاملٍ عن الوضع العام في البلاد، كان أجراه مع مجموعة من الشباب والشخصيات السياسية في كندا عبر تطبيق "زووم"، يوم السبت الفارط.
بعد هذا التصريح كشف رئيس البرلمان راشد الغنوشي عن نواياه الحقيقية تُجاه رئيس الدولة قيس سعيد وتُجاه رغبته في تموقُع حزبه الإسلامي في الحُكم، الغنوشي خرج عن صمته وتجاوز تصريحاته الخشبية التي ادّعى من خلالها أنّ علاقته مميّزة برئيس الدولة وأكّد للجميع غضبه من رفض قيس سعيد لوزراء المشيشي الجُدد الذين شملهم التحوير الوزاري. رئيس الدولة قيس سعيد له أسبابه المنطقية التي دفعت به إلى عدم الموافقة على أربعة وزراء جُدد قام بتعيّينهم هشام المشيشي في حكومته وكان قيس سعيد قد أكّد في اجتماعه بمجلس الأمن القومي أنّه لن يسمح لهؤلاء الوزراء الجُدد بأداء اليمين وهو أمر ضروري وفقا للدستور لمباشرة مهامهم.
في حين أنّ رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي اعتبر أنّ دور رئيس الجمهورية هو دور رمزي وليس دور إنشائي أيّ أنّ قيس سعيد لا يحقّ له التدخّل في التعيّينات التي يقوم بها رئيس الحكومة في تركيبة حكومته وإنّما البرلمان هو الذي تعود له الإجراءات في قبول الوزراء صلب الحكومة أو رفضهم. واستنكر رفض قيس سعيد لأداء الوزراء الجُدد لليمين الدستوري أمامه وبالنسبة له فإنّ رئيس الدولة يقوم بالخلط بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني.
وكان الغنوشي قد صرّح قائلا ''رئيس الدولة يمتنع اليوم عن قبول أداء القسم للفريق الجديد من الوزراء وبالتالي هو رافض للتحوير الوزاري ويعتبر أنّ له الحقّ في قبول أو رفض بعض الوزراء، هذه إشكالية المزج بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني".
راشد الغنوشي اعتبر أنّ رفض قيس سعيد لوزراء المشيشي الجُدد هو بمثابة المكيدة للإطاحة بالحكومة وصرّح قائلا ''كون حكومة المشيشي بها وزراء متّهمون بالفساد والبرلمان مرّرهم لأنّ تهمة الفساد أصبحت تُهمة بلا ضوابط كلّ شخص تُريد الإطاحة به تتهمُه بالفساد، الفساد حُكم يُصدره القضاء أو البرلمان والأشخاص الذين أتُّهِموا لم يثبُت شيء ضدّهم وإنّما هي مجرّد مكائد وإذا أطلقنا العنان لكلّ شخص ليتّهم أيّ شخص لم نعد يمكننا إيجاد من يتحمّل المسؤولية''.
راشد الغنوشي في تصريحاته لم يُعِر الإهتمام للسلطات الثلاثة وقيمتهم وهيبتهم ولم ينتبه إلى أنّ كلّ كلمة يُصرّح بها فهي تمثّل تونس أمام كلّ العالم، وتقزيمه لمنصب رئيس الجمهورية وتحديده لصلاحيات قيس سعيد كان لها دور كبير في كشف الصراع بين مؤسّسة رئاسة الجمهورية ومجلس نواب الشعب وتناقلت العديد من الصحف والمواقع الأجنبية عناوين مختلفة موضوعها احتقان وتشنّج العلاقة بين راشد الغنوشي وقيس سعيد.
تصريحات الغنوشي تُجاه قيس سعيد زادت من حدّة توتّر المشهد السياسي في ظلّ أزمة اجتماعية واقتصادية وصحية خانقة، وانتقد العديد من السياسيين ما بدر عن الغنوشي من تصريحات لاذعة لرئيس الدولة واعتبروها بمثابة انقلاب على الدستور وعلى رئيس الجمهورية. في حين أنّ الناطق باسم المكتب التنفيذي لحركة النهضة فتحي العيادي في تصريح لقناة الجزيرة يوم أمس الأحد أكّد أنّ ما جاء على لسان رئيس الحركة عن دور رئيس الجمهورية، كان تفاعلا مع أطروحات بعض المحاورين في علاقة بالأنظمة البرلمانية في العالم، والتي تكون فيها صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة في تشكيل الحكومة أو المصادقة على التعديل الوزاري وشدّد على أنّ النهضة تحترم صلاحيات رئيس الجمهورية الواردة في الدستور وتلتزم بها، وتدعو إلى مزيد من التعاون والحوار بين الرئاسات الثلاث.
رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق اعتبر أنّ تصريحات راشد الغنوشي ضدّ رئيس الدولة قيس سعيد هي دليل على فكره الإنقلابي العميق وأوضح أنّ تأكيد الغنوشي على ضرورة إرساء نظام برلماني كامل هو تعبير عن رغبة الإسلاميين في تفكيك الدولة الوطنية. كما أنّ رئيس حركة "تونس إلى الأمام" عبيد البريكي وصف ما جاء على لسان الغنوشي عن الدور الرمزي لرئيس الجمهورية، بأنه "انقلاب" على شرعية رئيس منتخب من 3 ملايين تونسي. واعتبر محمد عمار رئيس الكتلة الديمقراطية أن ما صرّح به الغنوشي يعد "أمرا خطيرا"، من شأنه أن يزيد في تعميق الأزمة السياسية ويؤجج الخلافات بين الرئاسات الثلاث.
من جهته، اتّسم رئيس الجمهورية بالهدوء ولم يُجب على تصريحات الغنوشي ولا أحد يعلم بما يدور في كواليس قصر قرطاج ولكن ما يعلمُه الجميع أنّ قيس سعيد بات مهدّدا بالإغتيال خاصّة بعد محاولة تسميمه بالطرد المشبوه والذي أثار الجدل لدى الرأي العام. وعبّر أنصار قيس سعيد على مساندتهم له في وقفة احتجاجية نفّذوها يوم أمس أمام منزله وندّدوا بمحاولات الشيطنة التي باتت تطال رئيس الدولة مؤكّدين تضامنهم معه.
تصريحات الغنوشي لها دور في تعميق الخلاف بين المؤسسات السيادية الثلاثة ومن شأنها أن تُربك المسار الديمقراطي الذي تسلُكه تونس بكلّ صعوبة ويبدو للجميع أنّ راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي يقفان في صفّ واحد ويقف رئيس الدولة في صفّ وحده متشبّعا بكلّ مبادئه وبين هذا وذاك زادت أحوال البلاد تعقيدا.
تعليقك
Commentaires