المحكمة الدستورية : من حفر دستورا لاخيه وقع فيه
قيس سعيد : تذكروا المحكمة الدستورية بعد سبات و نفاق
ماذا أراد أن يُبيّن قيس سعيد باستعماله السلام على من اتبع الهدى ؟
هل بامكان رئيس الجمهورية رفض ختم مشروع قانون المحكمة الدستورية ؟
رفيق عبد السلام: قيس سعيد يستبطن نزوعا نحو التكفير ويُريد تكبيل الدولة وتعطيل المؤسسات
ياسين العياري: قيس سعيد لا يُريد محكمة دستورية ليرقص وحده كما يشاء
من ازمة التحوير الوزاري الى ازمة المحكمة الدستورية تعيش الساحة السياسية في تونس صراعا بين رأسي السلطة التنفيذية : رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة ، و بين السلطة التنفيذية الممثلة في رئيس الجمهورية و السلطة التشريعية مجلس نواب الشعب و يبدو من رد رئيس الجمهورية قيس سعيد على مشروع القانون الخاص بالمحكمة الدستورية يوم الاحد 4 افريل 2021 ان مسلسل المحكمة الدستورية سيزاحم المسلسلات الرمضانية و قد يتواصل لأسابيع او حتى اشهر امام تواصل القطيعة بين البرلمان و بالتحديد الحزام السياسي الداعم لرئيس الحكومة هشام المشيشي و رئيس الجمهورية قيس سعيد .
و كان رئيس الجمهورية قيس سعيد حازما في موقفه الرافض لمشروع قانون المجكمة الدستورية و علل موقفه بتجاوز المدة الزمنية المحددة لانتخاب و تركيز المحكمة الدستورية و المحددة في الفصل 148 من الدستور التونسي :" يتم في أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ الانتخابات التشريعية إرساء المجلس الأعلى للقضاء، وفي أجل أقصاه سنة من هذه الانتخابات إرساء المحكمة الدستورية" .
و اعتبر قيس سعيد ان مشروع القانون الخاص بالمحكمة الدستورية الذي صادق عليه البرلمان يوم الأربعاء 24 مارس 2021 وضع على المقاس و لخدمة جهة معينة قائلا :"لا يجب ان توضع النصوص القانونية على المقاس و لخدمة شخص او جهة معينة نحن بحاجة الى عدالة حقيقية و محاكم حقيقية و لن اقبل ان توضع النصوص على مقاس الحكام وهم بدأوا الحديث عن المحكمة الدستورية حين احسوا بالخطر " و أضاف في خطاب القاه من روضة ال المنستير و في اطار احياءه لذكرى وفاة الرئيس الراحل بورقيبة انه يستبعد ان تكون المحكمة الدستورية المصادق عليها "محكمة حقيقية بل محكمة تصفية حسابات سياسية " مشيرا الى ان الدستور يكفل له الحق في الاعتراض على ختم مشاريع القوانين :" هم خارج الآجال و خرقوا الدستور فليتحملوا مسؤوليتهم و لن يجروني الى خرق الدستور " .
و يبدو رئيس الجمهورية من خلال حديثه عن "تصفية حسابات سياسية" متخوفا من إمكانية لجوء البرلمان الى سحب الثقة منه و هي صلاحية المحكمة الدستورية ، و هو ما يفسر حرص خصوم قيس سعيد بالبرلمان الى التسريع في تركيزها ، اذ ينص الدستور في فصله 65 على إمكانية تقديم البرلمان لائحة إعفاء رئيس الجمهورية للمحكمة الدستورية :"من أجل الخرق الجسيم للدستور " بعد الموافقة عليها بأغلبية الثلثين من نواب الشعب في أجل لا يتجاوز ثمانية وأربعين ساعة .
رافع بن عاشور : رد رئيس الجمهورية كلمة حق اريد بها باطل
أستاذ القانون الدستوري رافع بن عاشور و في تصريح لجريدة الشارع المغاربي عبر عن استغرابه من تغير رئيس الجمهورية منذ وصوله الى السلطة و اعتبر تبريرات قيس سعيد بعدم ختم مشروع قانون المحكمة الدستورية "كلمة حق اريد بها باطل" و اتهم الزميل السابق لرئيس الجمهورية في اسوار كلية العلوم القانونية و السياسية و الاجتماعية رئيس الجمهورية بالرغبة في تعطيل تركيز المحكمة الدستورية :"كي يصبح بعيدا عن أي رقابة دستورية " .
رافع بن عاشور و الذي ابدى رفضه لتغيير الأغلبية المطلوبة للتصويت على اعضاء المحكمة الدستورية من الثلثين الى اغلبية الثلاثة اخماس ابدى تحفظا من استعمال رئيس الجمهورية للفصل 81 من الدستور و الذي يسمح لرئيس الجمهورية بحق الرد :"و ليس حق النقض " و يكون حق الرد مبنيا على تعليلات قانونية حسب تعبيره ، و أضاف في تصريحه الصحفي ان اعتماد رئيس الجمهورية على أساليب بلاغية و "استشهادات غريبة" اضفى على رسالة الرد "مسحة فلكلورية اكثر من شيء اخر" .
أيضا اعتبر رافع بن عاشور ان عدم اعتماد رئيس الجمهورية للعبارة الموجودة في الدستور المتمثلة في " رد مشروع القانون الى مجلس الشعب للتداول ثانية" إشارة واضحة الى ان رئيس الجمهورية :" قام برد مشروع القانون جملة و تفصيلا و انه لم يدخل تحت طائلة الفقرة 2 من فصل 81 ، و أضاف أستاذ القانون الدستوري ان رئيس الجمهورية يريد البقاء دون محكمة دستورية وهذا خرق للدستور " .
هناء بن عبدة : رئيس الجمهورية له كامل الصلاحيات الدستورية لرد مشروع القانون
أستاذة القانون هناء بن عبدة و في تصريح لبيزنس نيوز اكدت ان رئيس الجمهورية و برده لمشروع قانون المحكمة الدستورية للبرلمان مارس حقه الدستوري و الذي يمكنه من إعادة مشروع القانون لقراءة ثانية و بدى من خلال مراسلته معارضته لمشروع القانون :"سياسيا رئيس الجمهورية ليس راضيا على التنقيحات الجديدة و علل ذلك بالخروج عن الآجال الدستورية لتركيز المحكمة الدستورية " و أوضحت أستاذة القانون ان رئيس الجمهورية يريد التأكيد على ممارسة حقه في ختم القوانين و ذلك حسب ما ينص عليه الفصل 81 من الدستور و الذي ينص على ان رئيس الجمهورية هو الجهة المخولة لختم القوانين وهو الذي يأذن بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في أجل لا يتجاوز أربعة أيام من تاريخ:
1. انقضاء آجال الطعن بعدم الدستورية والردّ دون حصول أي منهما،
2. انقضاء أجل الردّ دون ممارسته بعد صدور قرار بالدستورية أو الإحالة الوجوبية لمشروع القانون إلى رئيس الجمهورية وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 121،
3. انقضاء أجل الطعن بعدم الدستورية في مشروع قانون وقع ردّه من رئيس الجمهورية والمصادقة عليه من قبل المجلس في صيغة معدّلة،
4. مصادقة المجلس ثانية دون تعديل على مشروع قانون تبعا لردّه، ولم يطعن فيه بعدم الدستورية إثر المصادقة الأولى أو صدر قرار بدستوريته أو أُحيل وجوبا إلى رئيس الجمهورية وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 121
5. صدور قرار المحكمة بالدستورية أو الإحالة الوجوبية لمشروع القانون إلى رئيس الجمهورية وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 121، إن سبق رده من رئيس الجمهورية وصادق عليه المجلس في صيغة معدّلة.
و اشارت هناء بن عبدة انه و في انتظار القراءة الثانية لمشروع قانون المحكمة الدستورية و التي تستوجب اغلبية الثلاثة اخماس ، أراد رئيس الجمهورية تمرير رسالة سياسية حسب تعبيرها وهي انه يمتلك صلاحية مطلقة في ختم ونشر القوانين :" من الواضح ان قيس لا يفضل تمرير مشروع قانون المحكمة الدستورية في صيغته الحالية و هو يفضل ان يمر مشروع القانون بأكثر عدد من الأصوات و هي 131 صوت بدل 111 صوتا وهو عدد الأصوات التي نالها التنقيح " .
لطالما تماطل البرلمان منذ الانتخابات التشريعية 2014 في تركيز المحكمة الدستورية ، و لم تنجح حركة النهضة التي تحالفت مع نداء تونس في الدورة البرلمانية 2014-2019 في انتخاب أعضاء المحكمة ، و استغلت حركة النهضة غياب المحكمة الدستورية حين كانت في توافق مع رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد و رئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي و لم تعرها طيلة الخمس سنوات الماضية الاهتمام الكافي ، لكن انتخاب رئيس الجمهورية قيس سعيد و رفضه الدخول في تحالفات مع الحركة كان بمثابة المفاجأة لذلك تحرص حركة النهضة الان الى تركيز المحكمة الدستورية علها تجد مخرجا لسحب الثقة من رئيس الجمهورية و ابعاده عن طريقها وهو الخصم الأول للحركة منذ انتخابه سنة 2019 ، و يبدو ان حركة النهضة التي تواجدت في الحكم منذ انتخابات المجلس الوطني التأسيسي و قامت بكتابة دستور على مقاسها تجد نفسها اليوم في مأزق دستوري و سياسي امام تشبث رئيس الجمهورية برفض مشروع قانون المحكمة الدستورية : فمن حفر دستورا لأخيه وقع فيه .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires