alexametrics
الأولى

بعد مائة يوم من إجراءات 25 جويلية: بوليس قيس سعيد يُكشّر عن أنيابه

مدّة القراءة : 7 دقيقة
بعد مائة يوم من إجراءات 25 جويلية: بوليس قيس سعيد يُكشّر عن أنيابه


مائة يوم مرّت عن إجراءات 25 جويلية التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيد، ماذا حصدت تونس؟ قمع للحريات ، محاكمات عسكرية للمدنيّين، مداهمات عشوائية لمنازل سياسيّين ، إقامات جبرية ، بطاقة جلب دولية في حقّ رئيس دولة أسبق، انقسام الشعب التونسي إلى شقّين، شق مع الرئيس قيس سعيد وآخر ضدّه، تعليق عمل مؤسسة تشريعية إلى أجل غير معلوم، حُكم فردي، قرارات فردية واتّهامات فضفاضة، وآخرها  '' بوليس قيس سعيد'' في عقارب


رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي ما انفكّ في كلّ خطاباته الشعبوية يُؤكّد أنّه ضامن للحقوق والحرّيات، وأنّه ابن الشعب ويتكلّم دائما باسمه وأنّه يحكم وفقا لإرادة الشعب، أطلقت بعد أوامره قوات الأمن الغاز المسيل للدموع  ليلة البارحة الإثنين في منطقة عقارب لتفريق المحتجين الذين ندّدوا بفتح مصب القنة بالقوّة العامة بعد أن أعطى الرئيس قيس سعيد الأمر لوزير الداخلية توفيق شرف الدين بالتدخّل الفوري لوضع حدّ للأوضاع السائدة في مدينة صفاقس.


تفاصيل  ليلة الإحتقان التي عاشتها منطقة عقارب ''المنكوبة بالفضلات والغازات السامّة'' في اشتباكات مع قوات الأمن، تعود أسبابها إلى تراكم أطنان من الفضلات والنفايات في كافّة أرجاء بلديات ولاية صفاقس لمدّة أشهر وذلك على خلفية غلق مصب ''القنة'' بقرار من محكمة الناحية في مدينة عقارب التابعة لولاية صفاقس يوم الخميس 10 أكتوبر 2019، بعد أن أصدرت بذلك التاريخ حُكما يقضي بعدم الرجوع في الإذن على العريضة الصادر يوم 11 جويلية 2019 والقاضي بالتوقّف الفوري عن استعمال مصبّ « القنّة » لتجميع الفضلات الكائن في عقارب والتي جاءت بناء على شكوى تقدم بها عدد من متساكني المنطقة المتضرّرين من المصبّ ومكونات المجتمع المدني، نظرا للأخطار التي يمثّلها على صحة المواطنين وحقهم في التمتع ببيئة سليمة وذلك حسب الفصلين 213 و214 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية وما ينصّ عليه الفصل 45 من الدستور.

ونظرا لغياب الحلول العاجلة والآنية، بعد تكدّس أطنان الفضلات في كافّة بلديات وأنهج وطرقات ومؤسسات ولاية صفاقس، وبعد أن باءت دعوة وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي لأهالي عقارب بفتح مصبّ القنة مؤقتا إلى غاية 31 ديسمبر المقبل بالفشل، اجتمع رئيس الدولة قيس سعيد مساء أمس الإثنين 8 نوفمبر الجاري، وأعطى الإذن لوزير الداخلية بالتدخل العاجل لوضع حدّ للكارثة البيئية التي تعيشها ولاية صفاقس. 


أهالي منطقة عقارب خرجوا ليلة البارحة الإثنين، في مسيرة احتجاجية سلمية معبّرين فيها عن رفضهم القاطع لإعادة فتح المصب الذي صدر فيه قرار بالغلق، كما أنّ طاقة استيعابه تجاوزت الحدّ المطلوب وتسبب لهم في أمراض خطيرة، ليتفاجؤوا بسيارات أمنية تتوجّه إلى مصب القنة رفقة  شاحنات الفضلات قادمة تحديدا من منطقة الصغار، وفقا لرواية المحامية فريدة عكاشة. 

وكشفت المحامية أنّ أكثر من 20 سيارة أمن تقدّمت على مقربة من المحتجين بعشرة أمتار '' و في غفلة من المتظاهرين ينطلق طفل في عمر 14سنة تقريبا و يرمي حجارة في اتجاه سيارات الأمن وينهال الأمن على المواطنين بمختلف المقذوفات''.


قوات الأمن لم تترك أحدا من أهالي منطقة عقارب إلاّ وانهالت عليه بالغاز المُسيّل للدموع واستعملت أسلوب وحشي وعنيف في تفريق المحتجين وشهدت منطقة عقارب لساعة متأخّرة من ليلة البارحة حالة احتقان وكرّ وفرّ بين المواطنين والأمنيين. ثمّ تأكّد خبر وفاة الشاب عبد الرزاق الأشهب والذي توفي وفقا لرواية عائلته ولرواية المحامية فريدة عكاشة متأثّرا بالغاز المُسيّل للدموع.

في حين أنّ رواية وزارة الداخلية فنّدت ونفت ذلك، وأوضحت في بلاغ لها في ساعة متأخرة من ليلة الإثنين 8 نوفمبر 2021، أنّ الفقيد عبد الرزاق الأشهب توفي على إثر إصابته بتوعك صحي طارىء بمنزله الكائن على بعد 06 كلم من مكان الاحتجاجات حيث تم نقله من قبل أحد أقاربه إلى مستشفى المكان أين فارق الحياة.

أما التقرير الأوّلي لأسباب وفاة الشاب ''عبد الرزاق الأشهب'' وفقا لتقرير الطب الشرعي والذي تحصلت بيزنس نيوز على نسخة منه، وتمّ إجراء تشريح جثّة الفقيد من قبل  طبيبين شرعيين بمستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس، كشف عدم وجود آثار عنف بكامل بدن الشاب مع وجود انسداد تام بالشريان التاجي الأيسر للقلب وعلامات احتقان بالقلب بمستوى العضلة اليسرى منه. 

وأشار التقرير الأوّلي أنّه  لا يمكن تحديد أسباب الوفاة بدقة  إلا بعد استيفاء نتائج التحاليل المذكورة. وخلص في نهايته إلى أن الوفاة من الأرجح أن تكون طبيعية من جراء انسداد تام بالشريان التاجي الأيسر تسبب في قصور حاد بوظائف القلب مؤكدا على أن الوفاة حصلت يوم 8 نوفمبر 2021.


أسباب الوفاة بالنسبة لأهالي منطقة عقارب وبالنسبة للعديد من المنظمات الوطنية والجمعيات الحقوقية لم تعد مهمّة بقدر فقدان هذا الشاب الثلاثيني الذي قدّم الكثير لمطقته في عقارب بشهادة رفاقه. حالة من السُخط والغضب وحملة استهجان واستنكار لقرارات الرئيس قيس سعيد الذي أقدم على الإذن لوزير الداخلية بإستعمال القوة حتى كان الكثيرون عُرضة للإختناق بالغاز المُسيّل للدموع. 

الاتحاد المحلي للشغل بمنطقة عقارب من ولاية صفاقس، أعلن اليوم الثلاثاء أنّه سينفذ إضراب عام في القطاعين العام والخاص كامل يوم غد الأربعاء 10 نوفمبر الجاري. كما إتهم وزارة الداخلية بـالمغالطة وقال إن بلاغ الوزارة تضمن مغالطات تدعي وفاة الشاب في منزله، مشيرا إلى أنّ ''التدخل الأمن وصل إلى حد التدخل بالرش والبنادق واستهداف المستشفى المحلي ومحاولة اقتحامه''.

كما أدانت العديد من المنظمات والجمعيات الوطنية والحقوقية على غرار النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، جمعية القضاة التونسيين، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، العودة للحلول الأمنية في معالجة قضايا إجتماعية هيكلية ومزمنة لا يمكن حلها إلا في إطار سياسات عمومية ناجعة وتشاركية. وعبّرت عن رفضها القطعي للّجوء السهل للقمع الأمني في مواجهة تحركات سلمية ومدنية والتي تكشف عجزا عن إبداع حلول ناجعة تستجيب للمطالب المشروعة للمحتجين في عقارب، والتي لم تخلف طيلة العشرية الماضية إلا مزيد الإحتقان والرفض وتناقص ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.

وطالبت الجمعيات والمنظمات بفتح تحقيق عاجل وشفاف في وفاة الشاب عبد الرزاق الأشهب وتحديد أسبابها والمسؤولين عنها بدقة في اتجاه مساءلة المذنبين وإنفاذ القانون عليهم والتصدي لجميع محاولات تمكينهم من الإفلات من العقاب في هذه الجريمة البشعة التي إرتكبوها، ودعت  إلى كشف الحقيقة بشأنها كاملة محذّرة من أيّ إمكانية للتغطية على ما حصل تحت أي مبررات. 


كلّ من حزب التيار الديمقراطي و التكتل من أجل العمل والحريات والجمهوري، حمّلوا  المسؤولية السياسية لحالة التعفن البيئي وتصاعد الاحتقان الاجتماعي في صفاقس لرئيس الجمهورية قيس سعيد المنفرد بالسلطة. واعتبروا أنّ مائة يوم من انفراد قيس سعيد بالسلطة، لم  تأت بأي حلول أو تصورات أو مبادرات، بل أدت إلى مزيد تعفين الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي بداية بضرب الحريات.


ما حدث بمدينة عقارب من ولاية صفاقس ليلة البارحة الإثنين يتحمّل مسؤوليتها كلّ المتدخلين في هذا الملف من وزارة البيئة ووكالة التصرف في النفايات ورئيس الجمهورية قيس سعيد ووزير الداخلية. 

بعد نقده المُتكرّر للعنف وخطاب الكراهية الذي حصُل تحت قبّة البرلمان، ثمّ إقدامه على تجميد نشاط المجلس، إنفرد الرئيس قيس سعيد بخطاب التحريض على خصومه السياسيين وذلك بوصفهم بأبشع النعوت والعبارات وواصل تفرّده بالسلطة والقرار تحت غطاء تنفيذه لإرادة الشعب ولكنّه في حادثة عقارب إنقلب على إرادة الشعب ومارست قواته الأمنية القمع والترهيب على الشعب. 


يسرى رياحي







 




تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter