اتحاد الشغل لن يتراجع
بعد يومين من حديث أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي عن ما وصفه بالخيار الثالث ، وهو الخيار الرافض للعودة إلى ما قبل يوم 25 جويلية 2021 ، و الرافض أيضا لحوار لا يجمع بين التونسيين ، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل في ندوة صحفية أمس الاثنين رفضه للحوار الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية قيس سعيد بصيغته الحالية . و وقع اتخاذ القرار خلال اجتماع الهيئة الإدارية للمنظمة الشغيلة ، و حظي هذا القرار بإجماع الحاضرين و دون أي تحفظ .
و أكد الامين العام المساعد سامي الطاهري أن رفض الاتحاد للمرسوم عدد 30 جاء بإجماع الهيئة الادارية :" تم اتخاذ القرار بالإجماع دون اي تحفظ أو رفض " . و أكد اتحاد الشغل في اللائحة الادارية التي صدرت عنه اليوم الاثنين تمسكه بالحوار كسبيل وحيد للخروج من الازمة مذكرا بموقفه من الحوار" سبق و أن حددنا موقفنا من الحوار و طبيعته و أهدافه " . و اعتبر اتحاد الشغل أن المرسوم عدد 30 الصادر يوم 19 ماي 2022 حول إرساء الهيئة الوطنية الاستشارية لا يعد منبثقا عن تفاوض مسبق و لا يستجيب لتطلعات الاتحاد و الاطراف التي ساندت قرارات يوم 25 جويلية و لا تسمح بارساء ديمقراطية حقيقية :" نجدد رفضنا لأي حوار شكلي متأخر متعجل تفرض فيه الأدوار " . أيضا اعتبر الاتحاد أن هذه اللجان في الاخير هي لجان استشارية و لا تفضي الى نتائج فعليا :" نعتبر ان الحوار و الذي جاء بعد 10 أشهر من الانتظار و الرفض و التردد غير قادر على إخراج البلاد من أزمتها و اتحاد الشغل يرفض المشاركة في الحوار بهذه الطريقة " .
كذلك جدد اتحاد الشغل رفضه لاي اصطفاف او عودة لما قبل 25 جويلية وسنتصدى لدعاة الفوضى و الاستقواء بالدول الاجنبية " ، و لم يتخذ الاتحاد بعد موقف من الاستفتاء المحدد بيوم 25 جويلية المقبل مشيرا الى تواصل انعقاد الهيئة الإدارية " ستبقى في حالة انعقاد دائم " .
قد يبدو هذا القرار قاطعا للبعض لكن بالتمعن في بيان الهيئة الإدارية نجد أن الاتحاد ترك باب الحوار مفتوحا وذلك بالاشارة في نص البيان الى أن :" الهيئة الإدارية الوطنية في حالة انعقاد دائم لمتابعة الوضع ونحتفظ بحقّنا الكامل وبكلّ استقلالية في اتّخاذ الموقف والقرار المناسبين بخصوص الاستفتاء والانتخابات التشريعية القادمة وأيّ محطّة سياسية أخرى''.
فمن الواضح أن الاتحاد لم يرفض الحوار في المطلق و يسعى الآن الى الضغط على رئيس الجمهورية قيس سعيد من أجل تفعيل حوار أكثر تشاركية . فالاتحاد لا يريد أن يكون مجرد مشارك في حوار معلوم النتائج أو مجرد هيكل استشاري عرضي ، بل يريد لعب دوره التاريخي في حل الأزمة السياسية و الاقتصادية في تونس . و لطالما دعا الاتحاد الى حوار وطني حتى قبل الاعلان عن الاجراءات الاستثنائية يوم 25 جويلية ، فكيف يرفضه اليوم ؟ .
ورقة الضغط الثانية التي يريد اتحاد الشغل كسبها هي مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي حيث أبدى الاتحاد تحفظات من الورقة التي قدمتها الحكومة للصندوق . المؤسسة المالية دعت الحكومة التونسية الى : خفض العجز المالي، خفض فاتورة الأجور ، الحد من دعم الطاقة مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للمستحقين ، تعزيز عدالة النظام الضريبي ، تشجيع القطاع الخاص و تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق للمؤسسات العمومية. و فعلا تقدمت الحكومة التونسية ببرنامج إصلاحي للصندوق يعمل على تخفيف العبء على الاقتصاد عبر تفعيل إجراءات تنص على التقليص في كتلةِ الأجور ووقفِ الانتدابات بالوظيفة العمومية و التفويت في المؤسسات العمومية ، الأمر الذي يرفضه الاتحاد قطعيا .
و في بلاغ الهيئة المديرية الصادر أمس الاثنين 23 ماي 2022 ، جدد الاتحاد مطالبه بتنفيذ التزامات الحكومة عبر سحب المنشور عدد 20 وتطبيق الاتفاقيات القطاعية والترفيع في الأجر الأدنى المضمون والشروع في مفاوضات اجتماعية لتعديل الأجور في الوظيفة العمومية والقطاع العام .
و من الجلي ان الاتحاد لن يرخض و لن يتراجع امام رغبات قيس سعيد و من جانبه لن يستطيع الرئيس تنفيذ مشروعه الخاص دون الاتحاد لذلك قد يتنازل الرئيس إرضاء للاتحاد الذي يتشبه بقيمه و مبادئه التاريخية .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires