alexametrics
أفكار

بدم بارد

مدّة القراءة : 2 دقيقة
بدم بارد

بدم بارد بعض الدقائق تفصلنا عن الإعلان الرسمي لنتائج الانتخابات الرئاسية في دورها الأول بتأكيد مخرجات الفرز الأولي وتصدر اسمان من خارج الأحزاب ومن خارج منظومة التوافق التي حكمت البلاد طيلة 8 سنوات.

وعوض أن تسارع الأحزاب إلى عملية جرد لبيوتها الداخلية وتقيم الاضرار والتبعات وتحصي ما ذهب من املاكها وما بقي لها نراها تسارع إلى إعلان الاصطفاف قبل النطق الرسمي بالنتائج من طرف هيئة الإنتخابات، وهذا عنوان آخر من عناوين االضعف والتهافت لأحزاب طالما كانت ترتع في الساحة وتستعرض عضلاتها الحزبية باعتبارها سليلة النضال والأب الشرعي للثورة.

ما يمكن استنتاجه من قراءة النتائج الأولية لهذه الدورة الأولى للإنتخابات الرئاسية هو تصويت الناخبين (أقل من نصف المسجلين ) ضد نظام التوافق السياسي الذي أطلق يديه في الحكم واستولى على مؤسسات الدولة طيلة الفترة الماضية دون تحقيق أي منجز في حياة الناس. بل إن المشاكل والمؤشرات السلبية وفي جمبع المجالات تتعاظم مثل كرة الثلج دون أن يكون هناك أمل في تحسن قريب.

2- ثاني الاستنتاجات هي أن كل الأحزاب السياسية دون إستثناء كانت تدور في الفارغ طيلة الفترة السابقة الحاكمة منها والمعارضة. لم يكن همها من هموم الناس وتطلعاتهم بل كانت تفكر في نفسها وفي منخرطيها وما هو النصيب الذي يمكن أن تحصله من الحكم لتوزعه على أفرادها وقياداتها ما أدى إلى ردة فعل عنيفة من الناخبين بالتصويت ضد الأحزاب بكل ألوانها وبحسب النتائج الأولية فقد حصل 3 من المترشحين من خارج الأحزاب على نسبة 45% من مجموع أصوات الناخبين وهم قيس سعيد، نبيل القروي وعبد الكريم الزبيدي.

3- الاستنتاج الثالث من نتائج هذه الإنتخابات يتمثل في نزعة الناخبين للتصويت على الأشخاص دون البحث كثيرا عن البرامج. ويمكن القول أن المزاج العام للإختيار حكمت فيه التقييمات العاطفية فلم يبحث الناس كثيرا عن برامج المرشحين ولم يضعوا في اعتباراتهم الخبرة أو التجربة السياسية لمن انتخبوهم. الذين نجحوا في الدور الأول لم يتقلدوا مناصب سياسية في حياتهم وليس لهم أدنى خبرة في إدارة الشأن العام ومؤسسات الدولة، وعادة ما يكون هذا العنصر هاما وضروريا لممارسة الحكم في أغلب الأنظمة السياسية التي نعرفها . كما لم يتدافع الناس لمعرفة الدائرة المحيطة بالناجحين وهل لديهم خبراء وفنيين وأهل كفاءة باعتبار أنهم سيكونون في ديوان الرئيس ومستشاريه.

 

هل نستطيع القول ان الديمقراطية انتصرت في تونس ؟ العملية الانتخابية تمت في مناخ نظيف وخالية من التوترات والعنف. كما أن المناظرات التلفزية بين المترشحين كانت تجربة يمكن أن تتطور وأخيرا قبول التونسيين بالنتائج رغم أنها فاجئت كل الأطراف. لكن هل يمكن القول أن الديمقراطية في تونس في الطريق الصحيح ؟

يصعب أن نجيب على هذا السؤال باعتبار أننا نرى قمة جبل الجليد فقط. يعني أن الديمقراطية ليست العملية الانتخابية التي تمت بسلام. الأنظمة الديمقراطية لا يمكن أن تقوم في غياب الأحزاب السياسية وهنا نؤكد أن أكبر متسبب في إقصاء الأحزاب السياسية في نتائج الإنتخابات الرئاسية هي الأحزاب نفسها التي ما إن وصلت إلى السلطة حتى نسيت الشعب الذي انتخبها ومن لم تصل منها إلى السلطة ذهبت الى الشعب ليلة الإنتخابات تخطب وده وتطلب صوته.

 

ومجرد أن نقرأ ما يكتبه قادة من الأحزاب الحاكمة ورموز التوافق بالدعوة للاصطفاف وراء مرشح معين نتأكد أن هذه الأحزاب وقياداتها غائبة عن الوعي تماما لأن الدورة الثانية لازالت في الأفق ولايزال لديها الوقت الكافي للتعبير عن مواقفها. كان الاولى بها أن تلتفت إلى وضعها لتقيم حصيلة نتائح مشاركتها في هذه الإنتخابات ومراجعة أدائها وقواعدها قبل إعلان قاداتها على مواقف ربما لم يحن وقتها بعد.

وأخيرا يمكن أن تكون الإنتخابات التشريعية القادمة ضربة أخرى للعمل الحزبي ويمكن أن يتجه الناخب إلى إختيار القائمات المستقلة على حساب " القوائم " الحزبية وفي هذه الحالة لا نعرف كيف سيكون مجلس نواب الشعب وكيف ستبنى الكتل النيابية وكيف سنفرز الرأس الثاتي للسلطة التنفيذية ليتعامل مع الرأس الأول للسلطة التنفيذية وكيف ستكون الجمهورية حسب أحسن دستور في العالم ؟؟؟

ننتظر لنرى

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter