حركة النهضة و التفنن في لعب دور الضحية
تعيش حركة النهضة منذ يوم 25 جويلية 2021 حالة صدمة غير مسبوقة بعد اعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد تفعيل الفصل 80 من الدستور و الذي بمقتضاه تم تجميد أعمال البرلمان و اعفاء رئيس الحكومة من مهامه ، و تفاجأت الحركة بهذا القرار رغم تحذير رئيس الجمهورية في وقت سابق و في أوج الازمة السياسية باتخاذ القرارات اللازمة لإنهاء هذه الازمة ، اذ سبق و ان حذر الرئيس قيس سعيد من إمكانية استخدام الصلاحيات التي ينص عليها الدستور و منها الفصل 80 لوضع حد لهذه الفوضى السياسية و التي تسللت في تعطيل دواليب الدولة و ذلك بالنظر الى القطيعة التي عاشها قصر قرطاج مع القصبة و قبة البرلمان.
لكن الحركة لم تعر اهتماما لهذه التهديدات و لم تستمع الى انين الشارع التونسي و فضلت سياسة لوي الذراع و تحدي رئيس الجمهورية مستغلة بعض الثغرات القانونية في الدستور و خاصة ثغرات النظام السياسي لتنصب نفسها ناطقا رسميا باسم الدولة و يظهر ذلك من خلال تصريحات رئيس الحركة و رئيس البرلمان راشد الغنوشي و الذي لم يتردد في التدخل في الشأن الحكومي و الديبلوماسي ، هذا التدخل في صلاحيات السلطة التنفيذية كان من أبرز الأسباب التي عمقت الازمة السياسية في تونس و لطالما رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد لفظ الرؤساء الثلاث مؤكدا دوره الحصري على رأس الدولة.
و في لقاء جمعه الرئيس قيس سعيد بالأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي يوم 12 جوان الماضي انتقد الرئيس قيس سعيد استعمال البعض للفظ الرؤساء الثلاث :" لا يوجد رؤساء ثلاث بل يوجد رئيس دولة واحد و مفهوم الرؤساء الثلاث ظهر في فترة حرب العراق و لا أساس له من الصحة " ، و حول صلاحياته كرئيس جمهورية و عمله الديبلوماسي أشار قيس سعيد حينها الى وجود محاولات لضرب صلاحياته و مبادراته :" كلما قمت بعمل ديبلوماسي يتم ضرب هذا العمل ".
ثم أدت هذه الازمة السياسية و التي تعد بالأساس أزمة صلاحيات الى يوم 25 جويلية و هو تاريخ قلب موازين الحكم و كشف عن تخبط و صراعات داخل الحركة ، و هو ما أكده اجتماع مجلس شورى حركة النهضة و الذي انقسم الى شقين : شق أول رفض إجراءات رئيس الجمهورية و وصفها بالانقلاب وهو موقف رئيس الحركة و رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني و نور الدين البحيري ، و شق اعترف بأخطاء الحركة و دعا الى الإصلاح والى حل المكتب التنفيذي وهو شق يضم كل من عماد الحمامي سمير ديلو و بعض النواب الذين اختاروا الانسحاب من مجلس الشورى على غرار يمينة الزغلامي ، منية إبراهيم و جميلة الكسيكسي.
و لجأ رئيس حركة النهضة الى الاعلام الأجنبي و الى الضغط على دول شقيقة و صديقة من أجل مساندته و دعمه على غرار الحوار الذي أدلى به لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية و الذي هدد فيه أوروبا بطوفان من اللاجئين اذا لم تقف بلدان المتوسط الى جانبه ، و مقاله الصادر في صحيفة نيويورك تايمز يوم 31 جويلية 2021 و الذي اعتبر فيه ان إجراءات الرئيس قيس سعيد تأسس لنظام ديكتاتوري داعيا في ذات السياق حلفاءه من الدول الغربية الى مساندته في قراراته و خطواته.
و منذ أيام و بالتحديد يوم 29 جويلية نشر موقع وزارة العدل الأمريكية عقد لوبينغ ، يحمل اسم حركة النهضة و ينص هذا العقد على خدمات بقيمة 30 ألف دولار من أجل تلميع صورة الحركة لدى الفاعلين السياسيين بالولايات المتحدة الامريكية و وسائل الاعلام و هو أمر يتنافى مع القانون التونسي الذي يمنع التمويل الأجنبي ، و أمام الضجة التي أحدثها هذا العقد سارعت الحركة الى انكار توقيعها لهذا العقد في بيان نشرته بتاريخ يوم 6 أوت :" الحركة لم توقع، لا عن طريق ممثلها القانوني، ولا عن طريق أي من مؤسساتها أو قياداتها أي عقد مع أي مؤسسة في الخارج " ، لكن و رغم نفي حركة النهضة توقيعها بشكل مباشر لعقد اللوبيينغ يبدو من المؤكد أن الحركة تستخدم أنصارها المقيمين بالخارج من أجل القيام بهذه الاتفاقيات و توقيع العقود لتخالف القانون بشكل غير مباشر.
و للتذكير سبق و ان قامت الحركة خلال سنة 2014 بالتعامل مع شركة لوبيينغ تدعى 'Burson-Marsteller' المتخصّصة في الاتصال والعلاقات العامة بعقد قيمته 285 ألف دولار بهدف تحسين صورتها والقيام باتصالات مع مسؤولين في الدولة الأمريكية إضافة إلى عقد آخر بقيمة 112.500 ألف دولار بمجموع يقدر بـ 397 ألف دولار ، بالإضافة الى حصولها على تمويلات اجنبية خلال انتخابات سنة 2019 و هو مخالفة أخرى للقانون التونسي و بالتحديد للقانون الانتخابي.
تحاول حركة النهضة حصد الدعم الدولي و تلميع صورتها بشتى الطرق مستغلة أنصارها بالخارج و شركات لوبيينغ لتلميع صورتها و ضرب صورة رئيس الجمهورية و الظهور بالتالي في دور الضحية في الوقت الذي تتحمل الحركة مسؤولية ما الت اليه الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية في تونس منذ عشرة سنوات.
ر.ع
تعليقك
Commentaires